لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في مهرجان الصعيد.. "ألفريد فرج" الحالم بمستقبل أفضل يطوف حول المسرح

04:55 م الثلاثاء 22 أكتوبر 2019

ألفريد فرج

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا الجميعي:

الفنون لا تموت.. هكذا قال ألفريد فرج في إحدى حواراته، وكان إيمانه الذي لا يتزعزع نحو المسرح -أبو الفنون- هو الذي جعل محور حياته كلها مؤلفات عاشت في الوجدان، نحو 52 مسرحية أبدعها فرج، وقام بتمثيلها على مدار سنوات العديد من محبي المسرح، فمن يُمكن أن ينسى حلاق بغداد أو سليمان الحلبي أو علي جناح التبريزي وتابعه قفة وغيرهم، وقد حاول مهرجان الصعيد للفرق الحرة تذّكره في دورته الرابعة، التي تحمل اسمه تكريمًا له.

1

في حفلي الافتتاح والختام بالمهرجان ظهر على مسرح قصر ثقافة أسيوط شموع كبيرة الحجم مكتوب عليه بعض الأعمال المسرحية لفرج، كما فاجأ المهرجان الحاضرين باستعراض ظهرت فيه شخوص مسرحياته، وتبع الافتتاح ندوة تحدّث فيها الناقد محمود نسيم عن فرج، وفترة اعتقاله في سجن الواحات منذ عام 1959 حتى عام 1964، والتي كتب خلالها مسرحية "حلاق بغداد"، وعرضها داخل السجن، ثم خارجه بعد ذلك، ورغم الحياة التي توقفت عند فرج خلال فترة السجن، لكنه خرج منه بأفضل ما يكون.

ساهم فرج برفقة كتاب الستينيات في ازدهار حركة المسرح، وقد استلهم أعماله من التراث كما يقول المخرج المسرحي أحمد اسماعيل الذي كان واحدًا من ضيوف مهرجان الصعيد "كان مهتم جدًا بألف ليلة وليلة اللي أخد منها بعض مسرحياته زي مسرحية حلاق بغداد"، كما يرى إسماعيل أنه كاتب درامي مُتمكّن للغاية من لغته وأدواته، حيث تميّزت مسرحيات فرج بلغة فصحى وسط يُمكن أن يفهمها المتلقي العادي، فقد قال في إحدى لقاءاته التليفزيونية أنه لا عيب من الضحك بالفصحى، والتي أصرّ على أن تكون لغة مسرحياته.

تميّز فرج في اعتقاد إسماعيل أتى من عدة عوامل؛ أولها أن لدى الكاتب المسرحي همّ إنساني ووطني كبيرين، ثم أنه أصقل موهبته بالقراءة والفهم الجيّد للواقع الاجتماعي والسياسي المصري "وفي نفس الوقت فهم الدراما ونظرياته والكتابة الدرامية، حتى نقدر نشوف اختلاف البناء الدرامي ما بين مسرحياته، سليمان الحلبي مختلفة عن النار والزيتون واللي هما مختلفين تمامًا عن زواج على ورق الطلاق".

لا يتذّكر إسماعيل متى قابل فرج لأول مرة، لكن المسرح كان شيئًا مُشتركًا بينهما، حيث التقيا كثيرًا، واتسّم الكاتب الراحل بحسب إسماعيل بالبساطة والتواضع، فيقول مُبتسمًا "هو نموذج للمواطن المصري البسيط، خفيف الظل وابن نكتة".

كما التقاه إسماعيل، فإن المخرج فهمي الخولي، أحد ضيوف المهرجان، قابله أيضًا خلال الحياة المسرحية، حيث كان الخولي واحد من مؤسسي المهرجان التجريبي "وقتها عملنا المهرجان عشان نشجع على أشكال مختلفة من المسرح المتقدم"، من بينها تجربة مسرح السامر، وهو نوع من المسرح المستلهم من التراث الشعبي المصري، وقد استجاب فرج لتلك المرحلة المتطورة في المسرح، وقام بعرض مسرحية "دائرة التبن" في الدورة الثالثة من التجريبي بنفس شكل مسرح السامر، كما يذكر الخولي.

تعرّف الخولي على فرج عبر حواراته الصحفية المنتشرة في الجرائد حين ذاك، ولفت نظره أنه كان يكتب مونولوج منفصل تمامًا عن فكرة المسرحية، ثُم "يفصّل" العرض عليها، كما فعل في مشهد الأقنعة بمسرحية سليمان الحلبي "استعجبت وقتها، وقولت أيه ده دا ترزي هايل"، ومنذ ذلك الوقت توطّدت العلاقة بين الخولي وفرج، وخلال إدارته لمسرح السلام "عملت له عروض كتير".

لمس الخولي عبر كتابات فرج رأيه السياسية، لكنه كما يعتقد المخرج المسرحي يلجأ للتراث لكي يتحدث عن الواقع "خوفًا من الرقابة ومن تكرار تجربة المعتقل"، لكن فرج يقول في إحدى اللقاءات التليفزيونية إنه قد لجأ للتراث ليس هروبًا أو خوفًا "لكن ميزة التراث أنه مفهوم من أي دولة عربية، فيُمكن أن يتلقى المسرحية المواطن في المغرب أو في لبنان فيفهمها، وتُصبح مسرحية عربية".

كان فرج في نظر الخولي يبحث دومًا عن المتفرج الذكي، كما اسم كتابه "دليل المتفرج الذكي للمسرح"، يوضح الخولي "كان دايمًا يتوجّه للمتفرج الذكي اللي يفهمها وهي طايرة"، حيث كانت كتابات فرج المسرحية تتمحور حول الجمهورية الفاضلة والغد الأفضل "وإزاي يقدر يغير الواقع اللي مليان قهر وظلم".

خرج فرج من مصر إلى الجزائر في الفترة بين 1974 حتى 1979، ثم رحل بعدها إلى لندن، ورغم عودته للقاهرة ثانية عام 1988، لكنه ظلّ في سفر مستمر إلى لندن، واحتفظ بشقة هناك، في إشارة للكاتب أحمد الخميسي في إحدى مقالاته بأن مزاج سوداوي استولى على فرج حتى وفاته، ورغم ذلك فإن اسماعيل يقول إن فرج قد قام خلال فترات حياته في لندن بكتابة مقالات نقدية للعروض الإنجليزية التي كان يراها "كان حابب يبقى هو نافذة لرؤية المسرح العالمي".

لم يكن فرج كاتبًا يؤلف للنخبة، بل للبسطاء، حتى أنه كان يتجه لمسرح الدولة في عروضه، ولدور نشر الدولة حتى ينشر مؤلفاته بأسعار قليلة، وتمنّى اسماعيل أن يقرأ الشباب مؤلفاته حتى يروا عبقريته، مُشيرًا إلى أن الأعمال الكاملة موجودة في هيئة الكتاب المصرية.

يشعر الخولي بالحسرة لعدم وجود كتاب مثل ألفريد فرج في الوقت الحالي "دلوقتي الهم الأكبر للمؤلفين إنهم يعلنوا عن نفسهم، معظمهم بيهتموا بالشكل الجمالي مش بمضمون المسرحية"، هكذا كان يرى الخولي في الكاتب الراحل بأنه صاحب رسالة يُحاول أن يغير ما بالنفوس، حيث يحلم المخرج المسرحي بتجارب عظيمة كما كان فرج، وبرؤية مسرح يؤثر في الناس.

فيديو قد يعجبك: