لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مصريون في لبنان.. بين تأييد الاحتجاجات والخوف على "لقمة العيش"

06:13 م الإثنين 21 أكتوبر 2019

مصريون في لبنان

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- عبدالله عويس:

صباح الاثنين، لم يستطع علاء علي الوصول إلى محل عمله بسهولة، الطرق امتلأت بالمحتجين، وحركة السيارات توقفت، ولم يكن بوسع الشاب الذي ترك قريته في محافظة الدقهلية منذ عام ونصف، أن يتخلف عن موعد عمله في إحدى شركات النظافة بقرية المنصورية في لبنان، وحين وصل إلى أعتابها وجدها مغلقة، ليتسلل القلق إلى عقله هو وآلاف المصريين الذين يعملون في لبنان مما ستؤول إليه الأحداث.

صباح الخميس الماضي، انطلق علاء إلى محل عمله، بإحدى شركات النظافة بقرية المنصورية في لبنان، في نفس اليوم الذي انطلقت فيه الاحتجاجات في بيروت، ولما كانت الاحتجاجات بعيدة عن مقر عمله، فإن اهتمامه بها لم يتخط ما ينشره البعض على مواقع التواصل: «لكن عدد المحتجين زادوا، والناس كترت في الشوارع، ومبقتش بس في بيروت» يحكي ذو الـ30 عاما، بينما يقف أمام احتجاجية بالقرب من مقر عمله، يدفعه الفضول للانخراط فيها ومعرفة ما يحدث داخلها، والتقاط صور لنفسه كذلك، على سبيل توثيق تلك اللحظات: «الدنيا أمان بس الطرق مقفولة، فرحت الشغل بالموتوسيكل بتاعي، أنا مش خايف على خاجة غير وقف الحال».

حصل علاء على دبلوم صنايع، وعمل سائقا على عربة نقل في مصر، ثم افتتح بعد ذلك محلا لإكسسوارات السيارات، لكن العمل فيه لم يكن كما تمنى، وحينما رزق بابن صغير وزادت الأعباء المالية، قرر السفر إلى لبنان للعمل هناك: «أنا عندي فضول أشوف إيه اللي بيحصل، وأتعرف على طبيعة مظاهراتهم، وهيا أكيد مختلفة عننا» يحكي الشاب، الذي يبتسم لدى رؤيته بعض المشاهد التي لم يعتدها في احتجاجات مصر: «لكن السخرية والتريفة منهم حاجة عيب بصراحة، لإنهم معاهم حق في مظاهراتهم دي، وشايف إنه طبيعي ينزلوا ويقولوا رأيهم».

كانت الاحتجاجات قد انطلقت الخميس الماضي في بيروت، ثم انطلقت إلى أماكن أخرى، اعتراضا على قرارات اقتصادية أخذتها الحكومة اللبنانية، بفرض ضرائب جديدة، لم يتقبلها المواطنون، الذين يعانون من غلاء المعيشة: «الدنيا غليت بصراحة، بس إحنا هنا جايين نجري على لقمة عيشنا، أنا آخري أروح أتفرج وأقضي وقت وأروح مش أكتر».

ينفق الشاب شهريا حوالي 250 دولارا، ويدخر ما يتبقى من مرتبه لإرساله إلى أسرته، ويخشى أن تؤثر تلك الاحتجاجات على عمله وبالتالي على أوضاع أسرته.

منذ عام 1995 ونادر حنا يعمل في لبنان، جرب أكثر من وظيفة، مشتل زهور، وطلاء جدران، وصولا إلى محل حدادة كان سببا في كسر بذراعه، لزمه 12 مسمارا وشريحة، ومن بعده اتجه للعمل في محل دواجن في بيروت: «الحياة هنا بقت أصعب، بس المرتبات أفضل من مصر، فشغال رغم إن الغربة صعبة والظروف أصعب» يحكي ذو الـ48 عاما، ولديه 3 بنات وطفل في مصر، يعود إليهم كل عام، قبل أن يعود إلى عمله من جديد: «أنا مليش دعوة بحاجة، مش ناقص حد يخبطني بعصاية أو أتعب أو اتمسك في مظاهرة، ساعتها محدش هيقف جنبي» يحكي الرجل الذي لا يتابع ما يحدث بلبنان إلا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي فحسب، ولم يقده الفضول يوما للذهاب إلى أماكن الاحتجاجات رغم قربها منه: «أنا من كفر الشيخ أصلا، ومعايا دبلوم صنايع قسم زخرفة، ولما جيت هنا كنت مشتت ولما صدقت مسكت في شغلانة فمش هجازف وأنزل لا مظاهرات ولا غيره».

يتقاضى 600 دولار شهريا، يذهب حوالي نصفها في السكن والتنقلات والطعام والشراب والملبس، ويرسل النصف الآخر إلى أسرته: «فأنا بصراحة خايف لكن مقدرش أعترض».

صورة 2

يوم الجمعة الماضية، دعت السفارة المصرية في بيروت، جميع المصريين في لبنان، إلى الابتعاد عن مناطق التجمعات والتظاهرات، وتوخي الحذر أثناء تنقلاتهم، حفاظا على سلامتهم. كما وضعت أرقام هواتف متعددة لتمكين المواطنين المصريين من التواصل مع السفارة في حال حدوث طارئ، كان نادر أحد الذين طالعوا البيان والتزم به: «إذا كان لما كان في مظاهرات في مصر مشاركتش فيها هشارك في اللي بره».

في لبنان 40 ألف، هم قوام الجالية المصرية، بحسب ما صرح به سفير مصر في لبنان نزيه النجاري في مداخلة هاتفية بأحد البرامج الفضائية، ويرى عماد النويهي، المواطن المصري الذي يعيش بلبنان منذ سنوات أن المصريين هناك لا يشغلهم سوى لقمة العيش، وأن يخرج لبنان من الاحتجاجات بلا أزمات: «بقالي هنا 27 سنة، وشغال في مجال طباعة الكتب المدرسية من سنين».

يعمل الرجل في مطبعة ببيروت، وحين بدأت الاحتجاجات لم تعق عمله، ولم تؤثر فيه، غير أنها مؤخرا ومع اتساع رقعتها اضطرت المطبعة إلى إغلاق أبوابها حتى إشعار آخر، وهو ما يراه الرجل منطقيا في ظل تلك الظروف، ورغم تضرره من إغلاق محل عمله، إلا أنه يرى أن لأهالي لبنان حق في التظاهر: «الأوضاع هنا صعبة جدا، الأسعار ارتفعت ونسب البطالة زادت، وفي شركات اتقفلت».

ترك الرجل محافظة المنوفية للعمل في لبنان، وأسس أسرة ولديه ولدين يعيشان معه، ولم يعد إلى مصر من 7 سنوات: «فطبعا حقهم يتظاهروا لأنهم بيعانوا، وبصراحة أنا بشكل شخصي مش هشارك، لإني مش عارف عواقب ده إيه، في ظل الطائفية اللي مسيطرة على كل حاجة هنا».

فيديو قد يعجبك: