إعلان

أعادوا 950 طفلا مفقودا.. قصة مبادرة مصرية اختارها فيسبوك ضمن الأكثر تأثيرا عالميا

07:19 م الثلاثاء 25 سبتمبر 2018

الصفحة على موقع فيسبوك

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- دعاء الفولي:

كان الحلم يبدو مستحيلا. منذ 3 سنوات أنشأ المهندس رامي الجبالي صفحة على موقع فيسبوك، بعنوان "أطفال مفقودة"، أراد المساعدة في إعادة بعض المفقودين لذويهم، لكن المبادرة كَبُرت، استطاع القائمون عليها رد أكثر من 950 طفلا لأسرته، وبينما يستمر طريقهم غير المفروش بالورود، تم اختيارهم ضمن 115 مبادرة عالمية، من قبل فيسبوك، كأكثر المبادرات المؤثرة في بلدانهم، حيث سيتم استضافتهم في الولايات المتحدة الأمريكية لدعم كيفية تطوير مشروعهم.

قبل شهرين، ظهر إعلان لرامي عبر الصفحة الرئيسية، يطلب منه التقدم لبرنامج فيسبوك لقادة المجتمعات، لم يتردد في المحاولة "بس كنت عارف إن إحنا مش هنوصل لحاجة"، لم يكن ذلك لضعف ما تقوم به الصفحة "بس لأن العالم فيه ملايين المبادرات الفاعلة، ليه نكون إحنا ضمن الناس اللي فيسبوك يختارهم؟".

1

كانت صور الأطفال المفقودين تطارد رامي في كل مكان عبر فيسبوك، ينشر منها ما استطاع "بس مكنتش عارف فايدة ده إيه؟، هل الولاد بترجع فعلا؟ طب لو رجعت هنعرف إزاي"، لم يكن هناك منهجية في التعامل مع حالات الأطفال، لذا قرر خوض التجربة؛ أنشا الصفحة، ووضع قواعد صارمة لضمان وصول الصور لأكبر عدد من الناس.

تبدأ رحلة البحث عن الطفل، بإرسال الصورة من والده، والدته، جده أو جدته عبر صفحة "أطفال مفقودة"، لا يقبل الفريق صور من أي شخص غير هؤلاء الأربعة "لازم نتأكد إن اللي باعت الصورة مبيهزرش مع واحد صاحبه"، ثم تأتي مرحلة التحدث هاتفيا مع مُرسل الصورة "الوقت والخبرة علّمونا مين بيشتغلنا ومين قلبه موجوع على ابنه فعلا"، كما يقوم الفريق بالاتصال بأحد أفراد العائلة الآخرين للاطمئنان على صحة المعلومات، ثم يتم نشر الصورة والتفاصيل عبر الصفحة.

يتكون فريق "أطفال مفقودة" من 7 أشخاص أساسيين، و7800 متطوع عبر الجمهورية، من محامين، وأطباء وغيرهم، غير أن الأزمات التي تقابلهم كثيرة، تبدأ بالتأكد من المعلومات "بنطلب رقم محضر"، وبحث حالة الأهل "يعني لو الأم والأب منفصلين مش بننشر، لأن ممكن يكون حد فيهم خاطفه لتصفية حساب ما".

مع الوقت، لم تعد الصفحة التي يتابعها أكثر من مليون شخص، مجرد منصة لنشر الصور "بقى عندنا قاعدة بيانات بأطفال من كل المحافظات، بصورهم وعناوين أهلهم وتفاصيل عنهم". أعطى ذلك خبرة للقائمين على المشروع، أطلقوا حملات عدة لتوعية المجتمع؛ أهمها تصوير المتسولين الذي يستخدمون الأطفال "الناس فاكرة إن ده واحد بيشحت وخلاص، ميعرفوش إن دي مافيا منظمة جدا"، حاولت الصفحة التركيز على ذلك "لما الشحات يشوفك بتصوّره بطفل مرة مع مرة هيخاف".

بقدر الانتشار، ربّت الصفحة أعداءً كثيرين "بقى يجيلنا رسايل من شحاتين مصورينهم في الشارع يهددونا"، لم يتوقف الأمر عند ذلك، فعندما تنشر الصفحة مقاطع مصورة لتعذيب داخل إحدى دور الرعاية "بيترفع ضدنا قضايا من محاميينها"، غير أن رامي اعتاد على الأمر، إذ لا يتم فضح أي انتهاك داخل مؤسسة، دون الرجوع للفريق القانوني للصفحة.

المنهجية التي يعمل بها الفريق، هي ما دفعت فيسبوك لاختياره ضمن المبادرات الفائزة "التصفية مكانتش سهلة". فعلى مدار الأسابيع الماضية "كان فيه إيميلات بينا وبين فيسبوك إحنا بنعمل إيه وهدفه إيه وده لكل واحد ضمن الفريق بشكل منفصل"، وفي النهاية تم عمل مقابلة بتقنية "الفيديو كونفرانس" مع أعضاء المبادرة "كان لازم يتأكدوا إننا بنتكلم كويس عن المشروع زي ما بنكتب". أكثر من 6000 مبادرة شاركت في البرنامج الذي يُقام لأول مرة "كانت أغلبها مبادرات لدعم المرأة"، حسب قول رامي.

فوز فريق "أطفال مفقودة" يؤهلهم لدعم مدته سنتين من قبل موقع فيسبوك "هيبقى قايم على إزاي نطور مبادرتنا ونساهم بيها في تحسين المجتمع". رغم السعادة التي شعر بها رامي، لكن غصة تراوده "لما اتسألنا هل حصلنا على دعم أو تكريم من قبل الدولة كانت الإجابة لأ"، تذكر صاحب المبادرة حينها المعوقات الروتينية التي تواجههم دائما، خاصة مع وزارة التضامن الاجتماعي.

لا يُنكر المهندس تعاون الوزارة معهم "بس ده بيحصل بشكل ودّي مفيش بروتوكول ولا نظام بيحكمه"، فبينما يقابل موظفا متعاونا "بلاقي واحد تاني يقولي متفتحش الدفاتر القديمة، مش هنعرف نوصل لسجل الطفل الفلاني أو العلاني". يعتبر رامي أن أكبر مساعدة قد يحصلون عليها من التضامن تتعلق بدور الرعاية، إذ تمتلئ بأطفال مجهولين النسب، وآخرين تم خطفهم ثم إيداعهم فيها "الوزارة مبتسمحش لينا ندخل ونصور الولاد ونعرف معلومات عشان نوصلهم بأهلهم"، يفعل الفريق ذلك بشكل ودّي احيانا مع المشرفين "بنحتاج نصاحبهم ويطمنوا لينا وبنبذل مجهود مضاعف".

يوقن صاحب المبادرة بأهمية التنقيب داخل دور الرعاية، استطاع عن طريقها إعادة عشرات الأطفال لأهلهم، بعضهم حتى كان قد فقد الأمل، يحكي قصة شابة عمرها 17 عاما، طلبت منه وضع صورتها على الصفحة لعل أحدهم يستدل عليها "فضلنا أربع شهور حاطين صورتها ومعلوماتها ومحدش كلمنا"، أصابها اليأس، تحول حزنها إلى غضب "كلمتني في التليفون وشتمتني عشان أشيل الصورة بس انا اتحايلت عليها تصبر"، وعقب ذلك بمدة وجيزة جاءه اتصال هاتفي من أهل الشابة.

ذلك الانتصار الصغير، كان ضمن سلسلة أخرى عايشها رامي بنفسه، تفاعل معها كل مرة، إلا أن المرة الأولى لها جلال أبدي "كان طفل عنده تأخر عقلي"، وقتها كان رامي يعمل بمفرده، وعندما نجحت محاولاته في إعادته لأهله "اتصلت بمراتي وعيطت في التليفون"، قبل ذلك لم يصدق يوما أنه يستطيع "بس بعدين اتأكدت إن مفيش حاجة اسمها مستحيل أو مينفعش"، إذ ساهمت الصفحة في إعادة مفقودين منذ 30 عاما أو أكثر.

باتت الصفحة كذلك ملجأ لمآسي أخرى "بقينا ننشر صور مفقودين كبار سن وحالات محتاجة علاج بعد البحث فيها"، ثقة المتابعين ساعدتهم دائما "كنا لما ننشر عن طفل محتاج عملية، الفلوس بتتجمع في أسابيع معدودة، الناس وقفت في ضهرنا عشان كدة كنا بنقدر نكمل".

لم ينتظر رامي تكريما، لا بشكل رسمي أو من قبل فيسبوك "اتكرّمنا آلاف المرات مع كل دعوة أم ابنها رجع لها أو كلمة حلوة بتتقال لنا"، جعلته التجربة شخصا أفضل، لذا ينتظر بشغف ما سيحدث خلال الفترة القادمة، مؤمنا أن "حاجات كتير راحت ممكن ترجع".

الثانويه العامه وأخبار التعليم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان