لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

شبح "ديرب نجم" يسافر إلى الجيزة.. الرعب يسكن قلوب مرضى الكلى وأسرهم

04:37 م الجمعة 21 سبتمبر 2018

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمود عبد الرحمن وأحمد شعبان

خلف أبواب وحدة الغسيل الكلوي بمستشفى بولاق الدكرور، وقفت ندى أحمد 7 ساعات متواصلة لم تغفل عيناها عن والدتها الممدّدة على أحد الأسِرّة أثناء خضوعها لجلسة الغسيل الكلوي، تخرج منها "خراطيم طبية"، تنظر الفتاة يمينًا ويسارًا تراقب بدقة خطوات وأصوات الممرّضات داخل وحدة الغسيل الكلوي، تخشى أن يحدث ما يجعلها تفارق والدتها إلى الأبد: بنخاف لما ييجي دورنا".

حين علمت ندى بحادث مستشفى ديرب نجم بمحافظة الشرقية المؤلم، الذي أدى إلى وفاة 3 وإصابة 13 من مرضى الفشل الكلوي، أثناء خضوعهم لجلسة الغسيل صباح السبت الماضي، نتيجة تعطّل الأجهزة، تسرب الخوف إلى صاحبة الـ18 عامًا على والدتها، تشعر بالأسى على حالها، إلى جانب الإرهاق المادي والنفسي الملازم والعبء الذي تتحمله، أصابها فزع أن تفقد والدتها في طًرْفة عَيْن.

يتراوح عدد مرضى الفشل الكلوي في مصر بين 90 ألفا و115 ألفا، وفقًا للجمعية المصرية لأصدقاء مرضى الكلى. معظمهم يخضعون لجلسات غسيل كلوي بوحدات في المستشفيات الحكومية بصفة دورية، ما بين يومين أو ثلاثة أو أسبوعيا.

وحدة الغسيل الكلوي بمستشفي بولاق الدكرور، إحدى هذه الوحدات بالمستشفيات الحكومية التي يلجأ إليها المرضى، حيث تضم 19 ماكينة غسيل كلوي إضافة إلى وحدة للمعالجة، بلغت تكلفت وحدة الغسيل الكلوي 3 ملايين جنيه، يتردد عليها المرضى على مدار أيام الأسبوع.

قبل ثلاث سنوات بدأت معاناة والدة ندى، التي تقطن بمنطقة المعتمدية بمحافظة الجيزة، وتبلغ من العمر35 عامًا، مع مرض الفشل الكلوي، حين اشتكت في البداية من المغص الكلوي "مكنتش بتحب تروح للدكتور وبتقول إنه تعب عادي من شغل البيت"، إلى أن ساءت حالتها أكثر، ولم تقوَ على الحركة، وقتها اصطحبت ندى والدتها إلى طبيب، طلب منهم إجراء تحاليل لوظائف الكلى، جاءت الصدمة "عرفنا إنه فشل كلوي ولازم نروح أقرب مستشفى".

داخل مستشفى حمدي السيد بالزقازيق، رفضوا استقبال والدة ندى في البداية، وبعد محاولات عدة من قبل أقارب المريضة وافقوا على استقبالها بشرط التوقيع على تعهّد يخلي مسئولية المستشفى إذا توفت المريضة "فضلت أمي في المستشفى لمدة شهر في العناية المركزة وهي تتعاطى الأدوية لعدم اللجوء إلى الغسيل"، رغم العبء المادي التي تتحمّله الأسرة بسبب ارتفاع سعر الدواء الذي كان يصل سعر الشريط الذي يحوي 10 حبّات إلى 350 جنيهًا، غير أن حالة والدتها لم تتحسن، فلجأت للغسيل الكلوي.

انقلبت حياة ندى رأسًا على عقب، تخضع والدتها 3 مرات أسبوعيًا لجلسة غسيل كلوي "كانت هي اللي بتتحمّل المسؤولية وشايلة كل حاجة، وفي يوم وليلة الدنيا اتلخبطت وحالنا بقى صعب"، قبل أن تضيف وهي تغالب دموعها "أكتر حاجه كرهتها في المرض ده لما تلاقي أغلى حد عندك بيطلب منك إن يشرب مية وأنت تمنعه علشان يوم الجمعة والسبت اجازة مفيش غسيل، لو شربت أي حاجة بتتعب قوي".

على بعد أمتار من ندى جلست زوجة المريض محمد فتحي أحمد، صاحب الـ60 عامًا، اصطحبت السيدة زوجها إلى المستشفى ليجري جلسته، وهي تنتظر بلهفة انتهاء الجلسة لتعود به إلى المنزل، تحكي لـ"مصراوي" عن القلق الذي مسّها بعد حادث مستشفى ديرب نجم "خايفة قوي ليحصل مع زوجي اللي حصل للمرضى في الشرقية، بس هنعمل إيه لازم يغسل".

لا تحرك السيدة عينيها باتجاه آخر غير غرفة "محطة المياه" المتصلة بأجهزة الغسيل الكلوي، فزع يصيبها حين يقترب أحد من الغرفة الموصدة أبوابها، تثور داخلها تساؤلات عدة "لو حد قرّب من الأوضة بتفزع ليكون حصل حاجة".

فيما تتحدث عن معاناتها قائلة إنها تستيقظ بعد صلاة الفجر مباشرةً لترتيب المنزل بعدها تذهب مع زوجها الى مستشفى بولاق، على بعد كيلو مترات عدة من مكان إقامتهم، تكلفهم الرحلة إلى المستشفى 55 جنيهًا انتقالات "هنعمل إيه ده ابتلاء من ربنا ومفروض علينا".

يحصل المريض "محمد فتحي" على إعانة من وزارة التضامن الاجتماعي كل شهر تبلغ 360 جنيهًا، تقول زوجته بلهجة ضعف "بقالنا 3 شهور مش بنقبضها، وفي يوم رحت أقبضها الموظف قالّي لازم أقدّم على النت عشان يتحدد معاد لعرض زوجي على لجنة طبية للتأكد من استمرار إصابته بالمرض"، تبدي السيدة استغرابها "إزاى عاوزين يتأكدوا من الحالة وهما عارفين إن مريض الكلى بيفضل طول عمره تعبان"، فيما تذكر أنها تحصل من المستشفى على علاج لزوجها بـ100جنيه، وتتحمّل تكلفة أدوية أخرى لا توجد بالمستشفى "العلاج قليل جدًا وإحنا عاوزين اللي يقدّر ظروفنا مش اللي يزوّد الحمل علينا"، وفق ما تقول.

3 أنواع من الدعم المادي يتلقاه مرضى الفشل الكلوي، بين العلاج على نفقة الدولة والتأمين الحكومي والخاص، والنظام الأخير قد تتكفل المؤسسة التابع لها المريض بنصف التكلفة فقط، وفق تصريح سابق لـ أميرة يوسف، استشاري أمراض الكلى، ونائب مدير الجمعية المصرية لأمراض الكلى.

أمام وحدة الغسيل الكلوي بمستشفى بولاق الدكرور، وقفت سيارة إسعاف تحمل السيدة "فايزة محمد"، صاحبة الـ75 عامًا، فتح سائق السيارة أبوابها لتخرج منها السيدة محمولة على سرير، ترافقها ابنتها "سمية"، التي تروي رحلة مرض والدتها التي بدأت منذ 4 أعوام مع الفشل الكلوي "كانت بتشتكي دايمًا من ضيق النفس والمغص الكلوي، والدكاترة قالوا إن نسبة الأملاح عالية".

إلى جانب المعاناة المادية والنفسية، تتحمل سمية عبئًا إضافيًا، بسبب زيادة وزن والدتها التي تحتاج إلى سيارة إسعاف تنقلها إلى المستشفى 3 مرات أسبوعيًا لإجراء جلسة الغسيل الكلوي "بصحى الساعة 6 الصبح بستنى عربية الإسعاف لحد الساعة 10، وبروح المستشفى وبعد جلسة الغسيل بمشي الساعة 4 العصر لغاية ما تيجي عربية إسعاف"، فيما تذكر أن استخراج قرار توفير سيارة إسعاف تنقل لوالدتها لم يكن بالأمر الهيّن "عملنا قرر الإسعاف ده بعد لفة طويلة وبنجدد القرر بعد كل 6 شهور وده صعب علينا".

ترجع إحدى الممرضات بوحدة الغسيل الكلوي حدوث أي خطأ إلى ماكينة الغسيل الكلوي وليس طاقم التمريض، "دورنا بيتمثل في استقبال المريض قبل بدء جلسة الغسيل وأخذ العلامات الحيوية مثل الضغط والسكر والحرارة ووزن المريض، بعدها نقوم بتوصيل المرضى على أجهزة الغسيل"، إضافة إلى متابعة حالة المريض كل ساعة وحركة الماكينة، فيما تضيف أن عند حدوث أي عطل يقوم فريق التمريض تستدعي المهندس على الفور.

فيديو قد يعجبك: