خطوبة فلسطينية على كورنيش لبنان.. حسن ووفاء اجتمعا "على الدبكة"
كتبت-إشراق أحمد:
على أنغام إحدى أغاني التراث الفلسطيني الخاصة بالأعراس، أخذت خطوات حسن طلال ووفاء بنت الشامي تتهادي بـ"الدبكة"- الرقصة الفلسطينية الشهيرة. خمس دقائق من الخطوات المتناسقة فيما بينهما، راحت تتراءى للعلن المتواجد في كورنيش جبل لبنان في مدينة جبيل.
لم يكن عرضًا عاديًا لفرقتهم الراقصة التي ينتميان إليها، بل احتفالا بإعلان خطبتهما. قرر حسن ووفاء أن تبدأ مسيرة ارتباطهما بما اجتمعا عليه ويعبر عن هوية موطنهم المحفوظة في نفوسهم رغم كونهم لاجئين "كنا حابين نعمل شيء مختلف وتكون النكهة الفلسطينية حاضرة فيه وبما إنه نحنا محترفين في الدبكة كان هذا الشي في تفكيرنا"، يقول حسن لمصراوي.
في الخامس من أغسطس المنصرف تمت خطبة حسن ووفاء. يومها تمكنا من تنفيذ الفكرة المتفق عليها، وبعد أسبوع ارتدى الشاب بذلته، فيما تأنقت العروس برداء يحمل الطراز الفلسطيني "توب"، وتهيئان لتوثيق اللحظة والتقاط الصور التذكارية.
بصحبة بعض الأصدقاء للتصوير وضبط مكبر الصوت، ذهب العروسان إلى منطقة كورنيش جبيل، المكان السياحي المطل على البحر المتوسط. سبق أن قدما حسن ووفاء تلك الرقصة على الكثير من المسارح وقصور الثقافة اللبنانية، لكنها المرة الأولى التي يقدماها بمفردهما "الدبكة بتكون في مجموعة لكننا قررنا نعمل هاي الرقصة لوحدنا".
إلى مدينة عكا ينتمي حسن، فيما تعود أصول خطيبته وفاء إلى يافا، وكلاهما هجرت عائلتهما بعد النكبة في 48 وسكنت مخيم شاتيلا اللبناني. كبر الشاب في أجواء تهميش حال اللاجئين الفلسطيني، أخذ يبحث عن شيء يخرج فيه انتماؤه لوطنه الأم، فأسس قبل 15 عامًا فرقة للتراث الفلسطيني، تسمى البيادر، انضمت إليها وفاء منذ 8 سنوات، ارتبط الخطيبان حتى جاءت لحظة إعلان جمعهما.
لفت العروسان الأنظار منذ اللحظة الأولى، رفعت الأيدي الهواتف لتصوير ما يحدث، البعض امتلأت عيونه بدمع الفرحة، كما يقول حسن، لكن رد الفعل الأكبر كان بعد نشر المقطع المصور قبل نحو أسبوع مضى، البعض تحدث عما رأوه فيهما من أمل، وأخرون استعادوا ذكريات حبهما وتفاهمهما، فيما تطرقت تعليقات إلى الرقص وأيهما يفضل إحداهما عن الآخر.
كلمات تهنئة وإعجاب استقبلها العروسين عبر صفحتهما، والصفحات التي نشرت المقطع المصور، ورغم أن حالة الفرحة غلبت على التعليقات، لكن البعض ترك رد فعل سلبي "في ناس ما عجبها الموضوع وصاروا يقولوا أحنا مسلمين والعروس محجبة وما كان بيصير هذا الشيء"، أغض العروسان الطرف عن مثل تلك الكلمات، خاصة أن البعض تكفل بالرد عليها ونصح الخطيبان بعدم الالتفات إلا ما يسعدهما.
على الدبكة اجتمع حسن ووفاء، يتذكر الشاب كيف كان الأمر صعب في البداية أن يؤسس فرقة وهو بلا خبرة، فلجأ إلى من يتولى تدريبهم، حتى صاروا يحفظون خطوات 18 نوعًا للدبكة المعروف بها الرقص الشعبي الفلسطيني حسب قوله، وتجاوز الأمر إلى تعليم الأجيال الأصغر عمرًا.
لم ير أي من حسن ووفاء وجه فلسطين منذ ولادتهم على أرض لبنان، فقط أطلوا عليها من بعيد "من حدود 3-4 كيلو شوفناها لكن ما فتنا ولا مرة"، يتذكر صاحب التاسعة والعشرين ربيعًا الفرص الثلاث التي سيق إليها للسفر إلى الأراضي المحتلة لكن ما سُمح له، لهذا كانت الدبكة بالنسبة للعروسين حبل الوصل مع الوطن البعيد، يكسر شغفهم به -في كل وقت- حاجز اللجوء الذي يحد من حركتهم خارج البلد المقيمين فيه.
سعد العروسان بردود الفعل الواسعة التي لم يتوقعوها، وكان لحسن فرحة خاصة؛ فحينما عزم الشاب على خطبة وفاء، خطط مع والدها أن يفاجئها في إحدى الحفلات العاملين عليها ويهديها خاتم الارتباط، لكن ذلك لم يفلح لعدم وجود حدث قريب، لذا تغيرت الخطة إلى ما تم تصويره، ووصل إلى مطالبة البعض للعروسين أن يستمرا فيما فعلوا، وهو ما يفكر فيه الشابان كما يقول حسن "راح نحكي عن معاناتنا كلاجئين ومأساة شعبنا في الداخل عن طريق لوحة فنية وبأقرب فرصة راح تكون".
فيديو قد يعجبك: