لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بعد إجرائها في قضايا هزّت الرأي العام.. لماذا يمثّل المتهم جريمته؟

02:14 م الجمعة 31 أغسطس 2018

كتبت - نانيس البيلي

في حضور فريق متخصص من أفراد النيابة العامة، وتأمين قوة من الشرطة، يعود المتهم إلى المكان الذي ارتكب فيه جريمته، بعد خضوعه للتحقيق واعترافه بارتكاب الجريمة، ويمثل جريمته، مستخدما نفس الأدوات التي ارتكبها بها.

خلال الأسبوع الماضي أعاد 3 متهمين تمثيل جرائم القتل التي تورطوا فيها، وسبقهم متهمون آخرون في أداء نفس الدور في قضايا هزت الرأي العام خلال الشهرين الماضين، بدأت بمقتل رئيس دير أبو مقار بوادي النطرون أواخر الشهر الماضي (يوليو)، ثم جريمة قتل أب لطفليه بمحافظة الدقهلية، مرورا بإلقاء أم طفليها في مياه بحر يوسف بمحافظة المنيا، وأخيرا قتل أب خطيب ابنته.

"تمثيل الجريمة" يعتبر أحد إجراءات التحقيق التي تجريها النيابة العامة، فمتي يتم اللجوء إلى هذا الإجراء؟، ما هو الهدف منه؟ هذا ما يرصده "مصراوي" في هذا التقرير.

- متى تمثّل الجريمة؟

تحتاج بعض الجرائم إلى إعادة تمثيل ومحاكاة لاستقصاء الأدلة المتعلقة بها، ويتوقف ذلك على نوع الجريمة وطبيعتها، وفقا لدراسة نشرها "ريني ماروس''، أستاذ علم النفس بجامعة ''فانديربت'' في مجلة العلوم العصبية منتصف عام 2014، وانتهت الدراسة التي اعتمدت على رصد وفحص التأثيرات على المخ لـ30 شخصا من المحققين، إلى أنهم يحكمون بدرجة أكبر من العقاب عند وصف الجريمة بشكل تفصيلي، بينما يقيمونها بدرجة أقل عند روايتها.

تمثيل الجريمة، إجراء قانوني من أجل استكمال التحقيقات والتأكد من صدق ماي قوله المتهم ويتم في جرائم معينة يرتكب فيها الشخص أفعال مثل القتل والسرقة والاغتصاب، ولا يطبق على المتهمين في القضايا المستندية (الورقية) مثل الشيكات، بحسب ما يقول الدكتور محمود كبيش، أستاذ القانون وعميد كلية الحقوق جامعة القاهرة الأسبق.

المتهم في الجرائم المتعلقة بالقضايا الإجرامية التي يتم التعدي فيها على المجني عليه، هو من يقوم بتمثيل جريمته، وخاصة في القضايا التي تثير الرأي العام ويكتنفها الغموض، مثل قضايا القتل والتمثيل بالجثث وغيرها من الجرائم الأخلاقية، وفقاً للدكتور مصطفى فودة، كبير الأطباء الشرعيين الأسبق.

- ما الهدف من تمثيل الجريمة؟

يقول كبير الأطباء الشرعيين الأسبق، إن تمثيل الجريمة يعتبر ضمانة للمتهم في توفير الحماية القضائية وتحقيق للعدالة، وحيادية التحقيق، وحيث يهدف إلى التأكد من صحة الاعترافات التي أدلى بها المتهم، والتأكد من عدم تعرضه لأي ضغوط أثناء التحقيقات التي يجريها معه ضابط المباحث المسؤول عن القضة، وحتى تتيقن النيابة من صحة اعتراف المتهم تطلب منه تمثيل جريمته لمعرفة ما إذا كان منطق اعترافاته يتماشى مع ما يفعله وقت تمثيل الجريمة أم لا "واحد بيقول أنا عملت كذا، فبيقوله طيب وريني إزاي عملت عشان أتأكد، كما يشرح"كبيش" عميد كلية الحقوق الأسبق.

وتوصل باحثون بقيادة أستاذ علم النفس بجامعة فانديربت'"ريني ماروس''، إلى أن الدراسة التي ضمت تنوع بين أعضاء فريقها ما بين متخصصين بعلوم القانون الجنائي وعلم النفس أن وجود مواد مصورة للجريمة، يخلق انطباعا قويا ورغبة أكبر في إحداث عقاب وقصاص، حيث إن المنطقة المسئولة عن المشاعر بمخ الإنسان تنشط بفاعلية عند عرض هذه القصص المدعمة بصور عن الجريمة، وهو ما يؤثرعلى اتخاذ القرار بالعقاب أو الانتقام.

- من يحضر تمثيل الجريمة؟

يتم تمثيل الجريمة أمام النيابة العامة التي تستعين بعناصر من الأدلة الجنائية لتصوير وتوثيق لحظة تمثيل المجرم للجريمة ويسمى هذا الإجراء "توثيق الاعتراف"، يكون في حضور الشرطة الممثلة في أفراد المباحث وتقتصر وظيفتها على توفير الأمن لمسرح الجريمة، لضمان عدم إقدام المتهم على الانتحار أو إيذاء نفسه أو الهروب، لكن الشرطة لا تتدخل في عملية التمثيل، وفقًا لـ"كبيش" و"فودة".

- هل من حق المتهم رفض تمثيل الجريمة؟

المتهم ليس مجبرا على التحدث ومن الممكن أن يصمت خلال التحقيق، ويرفض تمثيل الجريمة، كما يقول "كبيش"، ولا يؤثر ذلك على سلامة إجراءات التحقيق، لأنه لا يوجد نص قانوني يجبر المتهم على تمثيل الجريمة، لكنها عملية لضمان مصداقية التحقيق وتحقيق العدالة للمتهم والمجني عليه، هو إجراء تتبعه الأجهزة الأمنية في معظم الدول، إذا كان مشهد التمثيل مطابق لاعترافات المتهم تكون صحيحة، أما إذا كان مهزوز أو مضطرب أو هناك تغيير فيؤخذ ذلك حُجة في دفاع المتهم أنه يُبطل اعترافاته، لكن يعتبر ذلك حجة عليه، كدليل ضمني بارتكابه الجريمة.

- دور مجتمعي

بعد انتهاء المحاكمات يعتمد أساتذة علوم الاجتماع في مراكز الدراسات الاجتماعية والأبحاث الجنائية على هذه الوثائق وجمع الجرائم المشابهة والبدء في دراسة أسباب حدوثها، إما تمهيدا لتعديل القانون أو بحث الخلل الموجود في المجتمع، واتخاذ إجراءات عن طريق وزارة التضامن الاجتماعي لمعالجتها حتى لا تستفحل وتتحول إلى ظاهرة عامة، كما يقول مصطفى فودة، كبير الأطباء الشرعيين الأسبق.

- الجانب النفسي للمتهم

إعادة تمثيل مشهد الجريمة يشبه إلى حد كبير "السيكو دراما" وهو إعادة تمثيل مشهد من الحياة بشكل أو بآخر، ويتوقف تأثيره النفسي وفقا للدكتور أحمد عبدالله أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق، علي الظروف التي يتم فيها إعادة تمثيل الجريمة، هل تتم في ظروف سليمة نفسيًا أم تحت إكراه وتهديد؟.

يقول "عبدالله" أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق، بعيدا عن الظروف التي يتم فيها مشهد التمثيل، سيكون المتهم متأثر بإدراكه للجريمة نفسها، قد يكون الشخص سعيد بالجريمة التي قام بها، مثلاً: "الشاب السوري سليمان الحلبي الذي كان يدرس بالأزهر وقتل قائد الحملة الفرنسية كليبر، إذا قام بتمثيل جريمته سيكون سعيد لدرجة أنه سيكون لديه استعداد لتنفيذها مرات كتير لو أتيحت له الفرصة، بينما إذا كان الشخص نادم أو ارتكب جريمة تمثل له شيء سيء ستكون إعادة تمثيلها شيء سيء له وستذكره بفعل يسبب له ألم".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان