في زمن اللجوء.. أحلام الصغار "ورديّة" رغم الحرب
كتبت- دعاء الفولي وشروق غنيم:
تصوير-شروق غنيم:
الحروب لا تتوقف، عدّاد الضحايا مستمر، لا يشمل فقط الذين ماتوا وأصُيبوا، بل المطرودين من أوطانهم رُغما عنهم، يحاولون إيجاد بيئة شبه طبيعية لأنفسهم، يسعى صغارهم لنيل حياة أفضل قليلا، خالية من أصوات القذائف وألوان الدماء، يحلمون بأمنيات بسيطة، وظائف عادية، وسعادة تُغنيهم عما عانوه.
منذ أشهر قليلة فرّت أسرة "شهد رعد" من اليمن للقاهرة. لا تتذكر الفتاة صاحبة الثمانية أعوام آخر مرة ذهبت فيها إلى المدرسة، توقفت الحياة في مدينة تعز منذ عامين تقريبا، لم يعد بإمكانها الحلم بمستقبل أفضل، ظنت أن الحياة ستدور في رُحى المدينة الحزينة، لكن الخروج أعاد لها التمنّي، إذ تعاني الفتاة ضمن 2 مليون طفل من حرمان التعليم، حسب تقرير أصدرته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف)، يناير الماضي.
في القاهرة استقرت أسرة الفتاة، ما زالت تستوعب الوضع الجديد، تنظر للحدائق ببهجة كبيرة، تُقدس نعمة اللعب التي حُرمت منها، كلامها قليل، وأحلامها تتفتح "بدي أكون طبيبة أسنان" تقولها الصغيرة على استحياء، قبل أن تنظر لوالدها وتستكمل "وبدي الحرب تخلص باليمن ونرجع عليها"، إذ لا تنسى بقية عائلتها وأصدقائها الذين تركتهم هناك.
منذ عام 2010 وحتى 2016، تزايد عدد الأطفال اللاجئين في العالم بنحو 5 أضعاف، حسبما ذكرت منظمة اليونيسف.
لم تكف ريم عن اللعب؛ حين اصطحبتها أسرتها إلى "الملاهي"، تقافزت سعادةً، كم عثر على كنز، أخذت الصغيرة تجوب أنحاء المكان، إذ أنها لا تتنزّه إلا كل حين وآخر بسبب انهماك والدتها ووالدها في العمل، لذا لم يكن فعالية اليوم العالمي للاجئين سوى "فُسحة" استعدت لها جيدًا، حتى أنها ارتدت فستانًا مُبهجًا "الخروجات عيد بالنسبة لها" تحكي والدتها.
ولدت ريم في مصر، لم ترَ بلدها جنوب السودان، لا تدرك الصغيرة ماذا تعني الحرب أو الغُربة، لا يهمها سوى أن ترى جدتها ولو مرة واحدة "بكلمها في التليفون لكن معرفش هي عاملة إزاي"، تتحدث الفتاة بينما تنهمك في أكل الحلوى وتتمنى "أجيب فستان جديد وألعب تاني في الملاهي".
الرحيل عن الوطن، لم يكن سهلًا على نفس الصغيرة ملك وشقيقها مُنذر، لا يغيب عن ذهنهما دمشق، الحنين لرِفاق، غير أن والدتهم تحاول بين الحين والآخر التخفيف عن صغارها، تحمل ملك زهورًا في أيديها بينما لا تزال أمنياتها وردية عن غد أفضل لبلدها سوريا علّ ذلك يُحقق مُرادها "بدي شوف بابا، كتير مشتاقاله".
حين رحلت الأسرة عن دمشق قبل ثلاث سنوات، غُصة ظلت في حلقهم لعدم مجيء الأب معهم إلى مصر، عافرت والدتهم في المعيشة هُنا، تطمئنهم بأن القادم لهم، وأن المصير الذي واجه 12 مليون طفلًا سوريًا وحاجتهم لمساعدات إنسانية -بحسب تقرير اليونسيف- سوف ينقشع، في سويعات تحاول أن تنسى ما جرى وتلهو مع أبنائها لعل ذلك يُزيح عتمة صنعتها الحرب داخلهم.
لا تنفك أمينة محمود صاحبة الـ11 عاما تدندن بصوتها كلما أُتيحت لها الفرصة، تُحب الصغيرة الغناء بجنون، تغيرت حياتها كثيرا في السنوات الماضية، بعد خروجها مع أسرتها من جنوب السودان، فرارا من الحرب، لكن الغناء ظل هوايتها الأولى.
لُحسن الحظ لا تذكر ابنة قبيلة الداجو الكثير عن الحرب، الجزء الأكبر من ذكرياتها داخل مصر. تُحب الصغيرة دراستها وتبرع فيها، إلا من شكوى والدها أحيانا لاهتمامها بالأغاني "لو سمعت أي أغنية أحفظها من أول مرة"، ترسم لها الأسرة أكثر من سيناريو مستقبلي "بس أنا عاوزة أكون مغنية".
حالة الشغف التي تعيش أمينة بداخلها، هي ذاتها التي تُغلف حياة أخيها الأكبر محمود، إلا أن صاحب الأربعة عشر عاما مُغرم بالكرة. يلعب الفتى رياضته المفضلة عقب كل يوم دراسي، يدخل من باب لمنزل موجها عينيه تجاه المباريات الموجودة في التلفاز، يُنهي واجباته المنزلية، فقط ليُسمح له باللعب، فيما لم يفوته شراء تي شيرت ممهور برسمة اللاعب المصري محمد صلاح "عايز أطلع لعيب زيه".
فيديو قد يعجبك: