من مساجد آل البيت.. دعوات الأمهات لأبنائهن في الثانوية العامة
كتبت- شروق غنيم:
التاسعة من صباح اليوم، كانت الأجواء هادئة، حالة سكون تفرض نفسها على الشوارع، محال مغلقة وحركة خاملة، لكن تلك الحالة لم تكن ذاتها في نفس منال محمد، قلق يتملّك روحها، ترقب لساعة الظهيرة، إذ يؤدي ابنها امتحان اللغة الإنجليزية بمرحلة الثانوية العامة، اليوم الاثنين.
داخل مسجد السيدة نفيسة، وعلى مقربة من المقام، انزوت منال في رُكن قُصي، تمتم بالدعوات، أعينها مُعلّقة بساعة اليد، وقلبها مع ابنها. من مدينة نصر جاءت صاحبة الواحد والأربعين عامًا لأول مرة خلال امتحانات ابنها "خلصت كل اللي ورايا وكمان المادة المرة دي الكل خايف منها".
كانت خطة الأم الأربعينية صباح اليوم مختلفة، أوصلت ابنها إلى المدرسة حيث امتحانه، لم تنتظر على أبواب مدرسته أو داخل منزلها، استقلت سيارة وفي العاشرة صباحًا جاءت إلى المكان. للمسجد حالة مختلفة تشعر بها الأم الأربعينية، كأنه يبتلع القلق من قلبها، لذا كانت "السيدة نفيسة" أول من لجأت إليه.
أمام مقام السيدة نفيسة تراصّت السيدات، الأيادي مُعلّقة على أبوابه، بينما أخرجت سيدة عِطر وأخذت تغمر به المقام، رائحة طيّبة احتلت المكان سريعًا، تمامًا كما الدعوات التي تنشغل بها أفواههن.
طوال ساعة ظلت منال على نفس الحال، استذكار يُفضي إلى الدعاء لابنها، غير أنها حين حّلت الحادية عشر صباحًا، قررت الرحيل "مش هقدر أصلي حتى الضهر عشان ألحق أروح للمدرسة أشوفه بعد ما خلص عمل إيه".
حالة مختلفة داخل مسجد السيدة زينب، أعداد أكبر تراصت داخل المكان في انتظار صلاة الظهر، إحداهن تمدح "أم العواجز"، يُنصِت من حولها، يتفاعلن معها، بينما نعمة حسن كانت تُحصي الساعات "فاضله كدة نص ساعة ويخلص".
قبل كل امتحان للثانوية العامة، تطلب نعمة، الموظفة الحكومية، أجازة من عملها، ثلاث ساعات في حضرة السيدة زينب ومُحبيها، تكفيها لخفض التوتر الذي ينتابها، بينما لا يكف لسانها عن الدعوات بالتوفيق لابن شقيقتها الأكبر.
وحدها جلست نعمة بالمسجد دون شقيقتها "رغم إن محمد ابن أختي، لكن أنا بعتبره ابني اللي مخلفتهوش، معنديش في الدنيا غيره"، تحكي السيدة الأربعينية التي لم تتزوج حتى الآن، فيما تقولها برضا "أنا مليش غيره، وراضية بده".
لم تفوّت السيدة الأربعينية امتحانًا سوى وكانت داخل مسجد السيدة زينب، في ملكوت خاص تجلس، بينما لا تفكر في الاتصال بابن شقيقتها عقب انتهاء امتحانه "لما كان في إعدادي كلمته بعد امتحانه وجاب في المادة دي درجة قليلة، من ساعتها بخاف".
مُنذ كان صغيرًا وتعلّقت نعمة بمحمد ابن شقيقتها كثيرًا "من ساعة ما أبوه طلق مامته وهو لسة عنده سنة وكام شهر"، بينما زادت المحّبة حين توفي ووالدها مؤخرًا، اعتبرته ابنها "حسيت إني يتيمة لولا وجوده في حياتي، هو أغلى من ابني اللي لسة مشوفتوش، والله أعلم هشوف ابن ليا أصلًا ولا لأ".
ذاك التعلق جعلها تخطط ليومها كما تخطيط محمد لامتحانه، في الوقت الذي يمكث فيه داخل لجنته بالمدرسة، كانت تجلس هي داخل المسجد، يحاول هو استرجاع معلوماته للإجابة على الأسئلة، بينما هي في حالة لا منقطعة من الدعاء "يا رب خّلي محمد يكتب حِلو".
وكأن العالم متوقف إلا عن الامتحان، تعاملت نعمة مع اليوم، بينما استقلت عربة من مصر الجديدة للمجئ إلى مسجد السيدة زينب "شوفت راجل كبير قولتله والنبي ادعي لمحمد يحل حلو في الثانوية"، فيما داخل المسجد وبينما تمدح إحداهن السيدة زينب، أطلقت أخرى زغرودة "فرحت واتفائلت بيها، أنا النهاردة بسترجى ربنا إني يوفق محمد لإني مليش أي حاجة في الدنيا غيره".
فيديو قد يعجبك: