حكاية 5 عُمال على حافة المخاطرة.. آمال مُعلقة على "أمان المصريين"
كتبت- شروق غنيم:
أمام نافذة استعلامات البنك الأهلي في فرعه بأغاخان، وقفت هبة مهنى تُلقِي استفساراتها حول شهادة "أمان المصريين"، قررت شراؤها بفئة خمسمائة جنيهًا، وهو المبلغ الذي استطاعت اقتطاعه من راتبها الشهري كعاملة نظافة في إحدى المصانع، يبدو المبلغ بالنسبة لها كبيرًا مقارنة بما تتقاضاه، لكنها تقول إنه صغير نظير المميزات التي ستعود عليها، تشرح ذلك بينما تتحسس تكوّر صغيرها المُرتقب داخل جسدها النحيف.
الأمان كما اسم الشهادة هو ما دفع مهنى للمجئ إلى البنك "مستقبل لابني اللي جاي في السكة لو لقدر الله حصلي أي حاجة في أي وقت"، نقاشات دارت داخل منزلها لإقناع زوجها هو الآخر بالمجئ "جوزي شغال على توك توك، وهييجي هو وأخوه يشتروا هما كمان".
وطرحت أربعة بنوك شهادة "أمان المصريين" الأحد الماضي، وهم الأهلي، مصر، القاهرة والمصري الزراعي، على أن تبدأ فئات الشراء من 500 جنيه ومضاعفاتها بحد أقصى 2500 جنيه لكل شخص.
يقول محمد إبراهيم عبدالمعطي، مدير البنك الأهلي فرع أغاخان لمصراوي، إن الشهادة متاحة أمام الجميع على أن يكون عمره بين 18 و59 سنة، فيما يُعتبَر من هم فوق الـ59 عامًا حتى إذا كان شهرًا واحدًا خارج نطاق تغطية الشهادة.
يعتبر عبدالمعطي أن ما يُميِز الشهادة هو منحها تغطية تأمينية لصاحبها، على عكس ما اعتادت الشهادات فيما مضى بالتركيز على سعر الفائدة فقط، ويضيف أنه في حالة وفاة صاحب الشهادة يُصرَف له مبلغًا تأمينيًا، ويستطيع اختيار الطريقة إما على مرة واحدة أو على صورة معاش شهري.
دّق الخطر في قلب محمد الأمين، صاحب الـ56 عامًا، حينما اضطر لترك عمله في السياحة بعدما عانى المجال لفترة، عاد إلى مهنته كفني تصنيع كيميائيات، لكن ظل القلق شعورًا ملازمه "كنت بشوف إننا من المنسيين".
من خلال كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال الشهر المنصرم عن وضع العمالة اليومية، تابع الأمين الوضع، راوده الأمل "فضلت مستني إن الموضوع يتحقق زي ما كان نفسي من زمان"، وما إن بدأت عمليات شراء الشهادة قَدِم بدون تردد إلى أقرب فرع للبنك الأهلي بجانبه.
"الشهادة بتدل على اسمها" يقول عبدالمعطي إن الشهادة تُغطي شريحة كبيرة من المجتمع ليس لديهم أي تغطية اجتماعية مما يثير القلق في نفوسهم بشكل دائم، فيما يضيف أن الشهادة تجذب شريحة جديدة لم تُدرج في البنوك من قبل.
على مدار ثلاثة أيام استقبل البنك مُريدي الشهادة، يشرح عبدالمعطي أن الإقبال كان كبيرًا للفئات العمرية المتجاوزة للخمسين عامًا، فيما كانت أكثر الفئات إقبالًا على الشراء هو الحد الأدنى بمبلغ 500 جنيهًا والأقصى 2500 جنيهًا.
شعر شكري كمال، صاحب محلات الملابس، أن الشهادة حتى وإن كان العائد ليس بالكبير، ضمان لابنائه إذا غيّبه الموت في أي لحظة مباغتة "على الأقل يبقوا مسنودين على حاجة تساعدهم في تعليمهم أو حياتهم لو حصلي حاجة".
سلك صاحب الـ45 عامًا دروبًا مختلفة للتأمين على نفسه من خلال شراء بوليصات تأمينية من شركات خاصة "لكن لما لقيت حاجة تبع الدولة قولت هتبقى أضمن"، فيما ينوي أن يجعل زوجته وأقاربه من أصحاب المهن المؤقتة تشتري الشهادة التأمينية نفسها.
يُعدد عبدالمعطي مميزات الشهادة إذ أنها تُغطي من هم بدون عمل، أصحاب العمالة المؤقتة، المهن الحُرة، ربات المنزل، ومن على المعاش قبل الستين عامًا.
يعتبِر مدير البنك الأهلي بفرغ أغاخان، شراء الشهادة من الأعمال المصرفية السريعة إذ لا تشترط وجود حسابًا بنكيًا، بل يفتح البنك حساب ذي طبيعة خاصة ولا يستغرق وقتًا، كما أن شرؤها يكون بالبطاقة الشخصية دون تقديم أية مستندات أخرى، فيما يوضح إذا كان يمتلك من يريد شراؤها حسابًا بنكيًا فيتم خصم منه المبلغ التأميني حسب الفئة التي يختارها.
مرّ ماهر عبدالحليم على مهن مختلفة خلال 55 عامًا من حياته، كان آخرهم عامل "كاشير" في إحدى المحال، لكن الحال استقر به حاليًا بدون عمل، في ذلك الوقت مرّ بخاطرة عبدالحليم فكرة أن يكون بدون أي سند تأميني يعوله هو وأسرته إذا حدث له مكروه، لذا حينما سمع عن الشهادة قرر شراء أعلى فئة بمبلغ 2500 جنيهًا.
وتبلغ مدة الشهادة 3 سنوات تجدد تلقائيًا مرتين فقط، بفائدة سنوية 16% تصرف في نهاية مدة الشهادة، بعد خصم الأقساط التأمينية التي تتراوح بين 4 جنيهات و20 جنيها شهريا، بحسب قيمة الشهادات التي اشتراها العميل.
يقول عبدالمعطي إن الاستفسارات حول الشهادة لم تقتصر على الأفراد فقط، بل امتدت لبعض الشركات التي أرادت معرفة خطوات الشراء الجماعي للموظفين لديهم.
بحسب شروط الشهادة فإن وثيقة التأمين تسقط في "حالة قيام العميل باسترداد الشهادة أو بلوغه سن الـ60"، لذا عزف فؤاد يوسف عن شراؤها لنفسه وهو الذي بلغ الـ58 عامًا "لو موت بعد الستين سنة مش هستفيد حاجة".
شجّع يوسف -الذي يعمل سائقًا- ابنائه الاثنين على شراء الشهادة، إذ تنطبق عليهم الشروط، "قولتلهم حاجة هتنفعكوا في المستقبل، كنا نتمنى تبقى موجودة على أيامنا من زمان".
فيديو قد يعجبك: