لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في إسكندرية.. "جدعنة المصريين" مع مريضة احتاجت للتبرع بالدم

07:05 م الأحد 18 مارس 2018

رُبا فوزي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد مهدي:

عند وصولها إلى إحدى مستشفيات الإسكندرية، مُتعبة، تتنقل في أروقة المكان لعمل الفحوصات اللازمة، والتعرف على سر الآلام التي تعانيها، لم تكن تدري "رُبا فؤاد" أنها على موعد مع تجربة صعبة النسيان، وأنها ستتعرف عن قُرب على "جدعنة" المصريين، إذا وجدت العشرات يلتفون حولها لمساعدتها في تخطي أزمتها الصحية "البلد دي لسه فيها خير كبير عشان ناسها الجدعان". تقولها رُبا بسعادة.

كانت رُبا قد علمت أنها تعاني من "تكسير في صفائح الدم" لإصابتها بالمرض المناعي "الذئبة الحمراء"، وهذا يتطلب سرعة نقل أكياس من الدم إليها في أسرع وقت "عيلتي كلها راحت على بنك الدم، بس الموضوع متحلش بسهولة"، كانت تحتاج إلى فصيلة o+ ثم بعد ذلك يتم التأكد "إذا كان فيه توافق في الدم ولا لأ، يعني ممكن تتبرع بفصيلتي بس برضه يطلع مفيش توافق ويترفض".

1

الأمر معقد، تحتاج المُعيدة بأكاديمية البحرية بالإسكندرية إلى 5 أكياس دم على الأقل "ومن الأسرة كلها قدرنا نوفر كيس واحد نفس الفصيلة ومتوافق مع دمي" جرى ذلك في عدة أيام، ولم يكن هناك متسع أكبر من الوقت "مش لاقيين حل ومحتاسين، مكنش قدامي غير إني اكتب على الفيسبوك اطلب مساعدة الأصدقاء" فعلتها مضطرة كونها لا تحب الحديث عن مرضها على مواقع التواصل الاجتماعي.

كتبت رُبا عن المرض الذي تعانيه، واحتياجها الشديد للتبرع لها بالدم، وكيفية الوصول إليها عبر هاتفها، أو التوجه إلى بنك الدم بالإسكندرية، ونوع فصيلتها. ساعات قليلة، وحضرت الدهشة، المئات من الناس يشاركون تدوينتها حول احتياجها للدم، وأكثر منهم يعلقون لها بالدعاء أو يطلبون التواصل معها لتلبية طلبها "ومن تاني يوم بنك الدم استقبل ناس عشان يتبرعوا".

انتشر "البوست" على الفيسبوك "فيه ناس بعتتها في أكبر الجروبات، والتفاعل كان بيزيد" انهالت عليها الاتصالات "التليفون مكنش بيوقف رن" توافد أكثر من 60 متبرع إلى بنك الدم "منهم عشرين نفس الفصيلة، واتنين طلعوا متوافقين مع دمي" فيما ارتفعت معنوياتها بعد كل هذا الاهتمام و"الجدعنة".

على مدار أيام تحولت غرفتها بالمستشفى إلى مزار للمحبين والداعمين لها للخروج من الأزمة الصحية بسلام "كان وضعي الصحي صعب، وعلى وشك أدخل العناية المركزة" لكنها صارت أفضل مع الدعم، خاصة بعد اتصال عدد من الجاليات المصرية في دول العالم "من استراليا وأمريكا وانجلترا والسعودية والأردن وفلسطين والإمارات" وتوافد المتبرعين من محافظات عدة.

الأمر أكبر من قدرتها على الاستيعاب "والدتي كانت بتبكي من كتر محبة الناس"، يتصل بهم أطباء يتابعون الحالة، المصريون في الخارج يعرضون عليها إرسال الأوراق الخاصة بحالتها الصحية لعرضها على "دكاترة أجانب، ويسفرّوني أتعالج هناك"، في الوقت نفسه شكك البعض من صحة روايتها عن المرض "فاضطريت أنزل فيديو أشكر فيه الناس اللي ساعدت وكمان للي مش مصدق حكايتي".

من بين الآلاف الذي شاركوا تدوينتها وطلبها للتبرع، والمئات الذي تواصلوا معها وحضروا إلى الإسكندرية، هناك قصص لا تنساها رُبا، من بينها الرجل الذي حضر إلى بنك الدم، وحزن في البداية عند اللقاء بها "قالي كنت عايز أعمل دا لوجه الله من غير ما تشوفيني"، روى لها أنه لا يتابع الفيسبوك، لكن أحد الأصدقاء قرأ بجانبه المنشور فقرر الأخير الذهاب على الفور إلى بنك الدم "وفضل يدعيلي ويقرألي قرآن، حضوره فرق معايا يوميها".

كذلك فوجئت بحضور مهندس من القاهرة، جاء خصيصًا للتبرع في يوم إجازته الوحيدة، وبعد القيام بدوره، ظل منتظرًا حتى نهاية اليوم لمساعدة القادمين مثله إلى البنك "عرفنا إن والدته توفت وهي محتاجة دم بس ملحقوش، عشان كدا لما شاف البوست حس كأن والدته بتناديه يساعد".

قصة أخرى في الأيام الصعبة الملهمة، حينما اتصلت بها سيدة مسنة، أخبرتها "إنها تعبانة ومش قادرة تجيلي بس بتدعيلي"، قالت لها إن لديها ابن متوفي قريبًا، وأنها تريد منها الاهتمام بصحتها والخروج من الوعكة الصحية سريعًا "كمان مقدرش أنسى دور بنك الدم اللي كانوا مهتمين وبيساعدوا بكل طاقتهم".

2

رغم تلك المشاعر الطيبة، لم تخلُ التجربة من الطرافة "حصلت حاجات غريبة برده، جالي عرسان، وناس بقيت تكلمني عشان شُغل" تذكرها ضاحكة، مؤكدة أن المرض منحها محبة كبيرة وشعور بأن "الدنيا لسه فيها خير مش طبيعي، باختلاف الطبقات والأديان والتفكير، كلهم كانوا عايزين يقفوا جنبي".

تماثلت رُبا للشفاء، خرجت من المستشفى، عادت إلى بيتها وعملها من جديد، دونت عن التجربة وسعادتها بما جرى معها من اهتمام "وبتمنى ثقافة التبرع بالدم تزيد عشان محدش يحتاج ويقع في أزمة"، وفي كل الأحوال تشعر بالامتنان للظروف التي وضعتها في تلك التجربة الثرية.

 

فيديو قد يعجبك: