حيلة جديدة للادخار.. حكاية شقيقين مع جمع "الفكة" لمدة 4 شهور
كتبت- نانيس البيلي:
ماذا نفعل بالعملات المعدِنية الفكة؟.. ربما ننفقها مباشرةً في التعاملات المعتادة؛ داخل السوبر ماركت أو في صورة بقشيش لعامل البنزينة أو الدليفري، وقد يجمعها البعض في حافظة نقوده ليدفعها في المواصلات، ويرفع عن كاهله تلك المعضلة اليومية، وربما يحتفظ بها آخرون للصغار "خد قرش يا حبيبي". قد يحدث ذلك ليوم أو يومين أو عدة أيام على الأكثر، لكن ليس مألوفًا أن يدخر شخص كل ما تصل إليه يداه من فكة معدِنية لمدة أشهر، ثم يشتري بها أي شيء يُسعد به من حوله حتى لو بدا بسيطًا.. هذا ما فعله الشقيقان "فارس وياسر".
في نهاية كل يوم، يضع "فارس" (28 عامًا) وشقيقه "ياسر" الذي يكبره بـ6 سنوات ما معهما من فكة معدنية في علبة كبيرة، لا يدققان ما إذا كانت ربعًا أو نصفًا أو جنيهًا، فلديهما نظرية خاصة "كل ما يكون معايا أي كوينز بشيلها وبعد كده بفك من الصحيح اللي معايا" يذكر "فارس"، طوال 4 أشهر لا يسحبان منها مهما حدث، حتى تحين اللحظة المناسبة مع امتلاء العلبة عن آخرها، وخلاف ذلك "مينفعش أفتحها تحت أي ظرف غير بعد فترة كبيرة".
من فكرة "الفكة اللي مكنش ليها أهمية معايا، ممكن بعد كام شهر لما أجمعها تبقى مبلغ ليه لازمة وأجيب بيه حاجة كويسة وتفرح الناس اللي حواليا". بدأ الشقيقان في يوليو المنصرف، بحسب "فارس" الذي يعمل مدربًا للياقة البدنية بإحدى الصالات الرياضية "جيم"، ويوم الجمعة الماضي قررا فتح علبتيهما الممتلئتان بالنقود المعدنية.
40 دقيقة استغرقها عد العملات الموجودة "ماكنتش أتخيل إن عدها هياخد الوقت ده"، أفرغا العلبتين على طاولة، لسولة الإحصاء، رتبا العملات من فئة جنيه في صفوف متراصة، يحمل كل صف عددا متساويا "كنت بمسك شوية في إيديا واعملهم صف، كل عشرة فوق بعض"، أما العملات فئة ربع ونصف جنيه "كان عددها صغير مش مكملين 20 جنيه لوحدهم"، ليتفاجآ بمبلغ 1803 جنيهات ونصف الجنيه.
وتنتج مصر نوعين من "الفكة" ورقية ومعدنية؛ من فئات (الجنيه، 50 قرشا، 25 قرشا)، ويبلغ إجمالي الفكة التي تطرحها مصلحة الخزانة العامة شهريًا حاليًا قرابة الـ7 ملايين جنيه يتم توزيعها على العديد من الجهات العامة لتوفير السيولة في الأسوق، بحسب بيان لوزارة المالية في أغسطس الماضي. وتم سك 51 مليون قرص معدني فئة الجنيه خلال العام المالي الماضي، بحسب تصريح لرئيس مصلحة سك العملة بذات البيان.
الفكرة بدأها الشقيق الأكبر "ياسر" الذي يعمل مهندسًا، وكانت المرة الأولى قبل 10 أشهر "فضل يخزن الكوينز لمدة 3 شهور"، في النهاية وجد معه 1500 جنيه، قرر استثمارها في بند مفيد للأسرة، آنذاك؛ كانت شقيقتهم الوسطى تجهز مستلزمات الزواج "فعملنا بيها حاجة لجهازها".
بعدها أعجبت الفكرة "فارس"، فانضم لشقيقه، وأخذا معا يجمعان العملات في يوليو الفائت، اتفقا على أن يكون المبلغ لمن يحتاجه منهما "اللي عاوز يشتري حاجة بنقول المرة دي بتاعتك انت من غير ما نعرف الفلوس هتبقى كام"، أو يستخدمانه لشراء شيء للمنزل "ممكن نروح السوبر ماركت نجيب خزين البيت كله".
في 3 أكياس بلاستيكية صغيرة وضعا النقود المعدنية "كانوا تقال أوي"، بعدها أخذهما "ياسر" لاستبدالها عملات ورقية بها "راح جمدهم ورق من سوبر ماركت"، وفكرا أن تكون من نصيب "ياسر" تلك المرة "عشان عاوز يجدد موبايله".
فائدة كبيرة يجدها الشقيقان في تلك الطريقة "مين فينا وهو مروح ما بيبقاش معاه فكة؟ لما بنحوشها بنعمل شيء من لا شيء"، انتهجا البساطة في تنفيذها؛ لم يشتريا لذلك حصالة مخصوصة، اعتمدا على علبة صفيح عادية "كانت عند الميكانيكي بتاع ياسر، فقاله أنا عايزها"، ومن إحدى قريباتهن "خد منها علبة لبن بودرة الأطفال، عبّا فيها وكل ما تتملي يروح مفضي في الثانية الكبيرة".
عبر صفحته بـ"فيسبوك"، نشر "فارس" صورته وأمامه العملات المعدنية مرصوصة، فانهالت عليه تعليقات أصدقائه؛ ما بين متعجب من الأمر "عملتها إزاي؟!"، وعدد آخر من أصدقائه طلبوا المبادلة معه بنقود صحيحة، لكنه أجابهم بمرح "شقا عمري مينفعش أفرط فيه".
أما زملاؤه بالعمل، فلم يصدقوا حقيقة الصورة، بعدما أرسل بها إليهم عبر الجروب الخاص بهم على "واتساب"، "ده أكيد مش فوتوشوب"، لم يقتنعا إلا بعدما أرسل لهم صورة له أمام النقود المبعثرة قبل ترتيبها، انتابهم ذهول "طيب إزاي ده حصل؟!".
لم تخلُ التعليقات من الطرافة؛ منها "إنت كنت قاعد على باب جامع؟"، "إنت واقف في أنهي موقف؟"، "كنت بتبيع تذاكر مترو ولّا إيه؟"، "ده محمد رمضان في بدايته وأحب أشارك جمهوري فلوسي الكتيرة". بينما مازحه آخرون بتقديم اقتراحات حول الاستفادة من المبلغ، منها عرض صديقه الذي يملك شركة إعلانات مشاركته، وآخر اقترح بفكاهة "نفتح جيم"، فيما ينوي الشقيقان تكرار التجربة بعد ذلك.
فيديو قد يعجبك: