كيف مر موسم المدارس على ترزية ملابس الطلاب؟
كتبت – دعاء الفولي ,يسرا سلامة:
انطلق العام الدراسي مجددا، مضيفا أعباء جديدة على كاهل الأهالي غير التي أنزلتها بهم الإجراءات الاقتصادية الأخيرة. معاناة أولياء أمور الطالبات والطلبة لم تقتصر عليهم فقط بل امتدت إلى كثر، منهم ترزية ملابس المدارس الذين عانوا بدورهم من بعض الركود؛ إذ لم يعد التفصيل الخيار الأول لدى كثير من أولياء الأمور، إما بسبب اشتراطات حادة تضعها المدارس، أو لاعتماد البعض على إصلاح الملابس القديمة، لخفض النفقات قدر المستطاع.
مصراوي التقى بعضهم عقب الأسبوع الأول من بداية الدراسة في المدارس في الرابع والعشرين من الشهر الجاري.
هذا العام استقبلت "أم سارة" طلبات أكثر لتفصيل الزي المدرسي. قررت الخياطة بمنطقة إمبابة في الجيزة منذ عام عدم العمل عليها "شغل المدارس بياخد وقت ومش بيكسب زي الأول". هكذا تفسر السيدة الأربعينية عدم قبولها لذلك النوع من الملابس. التكلفة المنخفضة للزي المفصل أمام نظيره الجاهز كان سبب لجوء أهالي المنطقة إليه "القماش كان رخيص وثمنه قليل، وقيمته بتكون أفضل".
ورغم قلة ثمن للتفصيل، إلا أن الغلاء طال الأقمشة، الخيوط، وحتى أجرة الترزي، هكذا يقول سمير سمك، الترزي بمنطقة السيدة زينب في القاهرة، ورغم قراره كذلك بالعمل القليل على قطع المدارس "شغلها متعب وبتاخد وقت"، إلا إنه لا يرفض طلبات الجيران المقربين.
يلجأ المترددون على سمك إلى "التصليحات والمرمات" كما يذكر، سواء لملابس المدارس القديمة، أو حتى من القطع الجديدة. يفسر الترزي أن المدارس أصبحت تفرض درجة لون معينة يصعب معها التفصيل للمراوغة وإجبار الأهالي على الشراء من المدرسة. "المدارس قبل الدراسة بتلم القماش من السوق، وبتطلب من الأهالي درجة لون معينة، الأهل بيدوروا عليها ومش بيلاقوها"، حول هذا عمل سمك من صانع للملابس إلى مُصلح للجاهز، ليلائم أصحابه من الطلاب.
يضرب سمك المثل "مثلا لو القميص بمبي، بيكون الطلب درجة معينة من اللون، أو لو البنطلون كحلي، فيه 70 درجة للكحلي، ولازم ولي الأمر يجيب نفس الدرجة"، يشير الترزي إلى أن ذلك يتفق عليه المدارس الحكومية والخاصة. يعتقد كذلك أن تفصيل الزي المدرسي بدأ في التراجع منذ عام 2000، حيث بدأ الإقبال على الجاهز يتزايد.
بخلاف الأسعار، العمالة القليلة هي عائق آخر أمام سمك "دخلة المدارس محتاجة إمكانيات وعمالة، وإحنا مهنتنا بتعاني من نقص شديد في الترزية"، فيما تختلف قيمة التفصيل بحسب نوع القماش "فيه قماش بـ15 جنيه مثلا، لو بالتفصيل تكلفته بتوصل لـ50 جنيه".
ذلك العام لم يكن كغيره بالنسبة لمحمد عبد اللاه "جالي كتير ناس عايزة تصلح الهدوم القديمة"، لكنه رغم ذلك لا يشعر أن المهنة مُنتعشة، إذ أن تكلفة التصليح ليست مرتفعة، فيما تُرهقه كثيرا "الوقت اللي بظبط فيه بنطلون ممكن أعمل فيه حاجات أكتر"، يُرجع الترزي الأربعيني ذلك لأن الملابس تحتاج تصليحات كبيرة "المدارس معندهمش ضمير.. بلاقي ناس بتجبلي بنطلون محتاج يتفك ويتركب من جديد.. مباخدش فيه إلا فلوس بسيطة".
تتخطى أسعار ملابس المدارس 100 جنيه للقطعة الواحدة "وياريت القماش حلو"، يشكو زبائن عبد اللاه من تلك الأسعار "في حين إنها لو فصلت بنطلون واحد هيكلفها 20 جنيه قماش و40 جنيه صنعة إيدي"، لكن التفصيل لا يكون بتلك السهولة، إذ تضع بعض المدارس اشتراطات صارمة على الزي، تحول دون تفصيله.
"من الشروط البادج اللي بيتركب على القميص والبنطلون"، إذ يكون من العسير الحصول على نفس شكل الشعار من خارج المدرسة، لذا يضطر الآباء في أغلب الأحيان إلى شراء الزي من المدرسة.
ويضيف عبد اللاه أن ثمة معوقات أخرى أهمها "نوعية اللبس نفسه، يعني تيجي الأم تقولي ابنها عايز قماش قميص مقلم بني في أخضر"، يبدأ الترزي في البحث عن القماش فلا يجده "بضطر في الآخر أقول للأم اشتريه وأجرك على الله".
يلمس عبد اللاه متاعب الزبائن، فلديه ابن في الصف الثاني الابتدائي "أسعار البنطلونات تضاعفت السنة دي.. طبيعي إن الناس تلجأ للتفصيل"، لكن الأب يحاول التحايل على ذلك الغلاء من خلال عمله "بشتري مرة وبعدين أعمل زي بادج المدرسة وأفصل له".
يعتبر عبد اللاه أن ذلك الموسم "عليّا بخسارة"، فلا يزيد دوره كترزي عن تصليح بعض الزي القديم أو الجديد، فيما يزداد تعاطفه مع أولياء الأمور "لأنه الموضوع مبيقفش على بنطلون واحد وقميص واحد.. لازم تشتري لابنك 2 قميص و2 بنطلون عشان تلاحق عليه طول السنة".
لا يختلف حال تامر علي عن بقية الترزية؛ إذ يعتبر أن نسبة الزبائن التي تأتيه لتفصيل الملابس منعدمة.
لا يتذمر علي من ذلك الحال "اتعودت على كدة من كذا سنة محدش بيفصل في حين إنهم بيصلحوا بس"، يلمس الترزي الأربعيني محاولات الأمهات لجعل ملابس الأبناء مناسبة "كتير بيجو أظبط لهم هدوم الأولاد الكبار لأخواتهم الصغيرين، بيبقى موضوع متعب"، لكن يُقدّر علي الحالة حتى وإن أرهقته في مقابل مادي بسيط.
فيديو قد يعجبك: