لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

جمع بين الثانوي الفني والعام.. محمد عاطف "ممرض" بدرجة "صيدلي"

12:19 م السبت 05 أغسطس 2017

ممرض بدرجة صيدلي

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- إشراق أحمد:

قبل نحو عامين، وبينما يداوم محمد عاطف على حضور الحصص العملية، لمدرسة التمريض الثانوية في طنطا، ظل يلتفت إلى مباني كلية الطب المحيطة بمكان دراسته الفنية، خاصة طب الأسنان، يطيل متابعة طلابها فيما يأخذه الحلم "نفسي أدخلها".

في الثاني عشر من يوليو المنصرف، ظهرت نتيجة الثانوية العامة للعام الدراسي 2017ـ. كان اسم محمد عاطف القلشي بين 592.500 ألف طالبًا أدوا الامتحان –حسب وزارة التربية والتعليم- نجح الطالب الأكبر عمرًا من أقرانه بتفوق، حصل على 97%، وأثبت طموحه وتحديه، تارة للظروف التي حالت بينه ورغبته في الالتحاق بالثانوية العامة بعد إتمام الشهادة الإعدادية، وتارة لمن أحبط عزيمته حينما تقدم للدراسة الثانوية بينما هو طالب المعهد الفني الصحي.

ظروف صحية دفعت والد محمد لاقتراح تخلي ابنه عن الالتحاق بالثانوية العامة "خوفت عليه لأحسن يتعب وكمان قلت له اخترت لك حاجة تخلص وتشتغل على طول والمدرسة الفنية بتاخد متفوقين برضه" يقول عاطف القلشي والد الطالب، الذي اعتاد التفوق في المراحل التعليمية "كان بيطلع من أوائل مدرسته" حسب قول الأب.

اقتنع محمد برأي أبيه، لكن غصة في النفس ظلت تلاحقه، رغم تفوقه في معهد التمريض؛ بالعام الثاني له في المدرسة الفنية قرر أن يتقدم للثانوية العامة بالتوازي "كان حلمي أدخل طب وحسيت أني عايز أحقق ده" يوضح الطالب لمصراوي.

تقدم القلشي للنظام المنزلي، وبدأ رحلته في تحصيل التعليم بكفتيه الفنية والعامة، وساعده على ذلك سهولة دراسة التمريض كما يقول، فتجاوز الصف الأول والثاني الثانوي، ومعها حصل على شهادة المعهد الفني الصحي بتقدير جيد جدًا بعد 3 سنوات دراسية، إلى تلك الحظة لم يتكلف الطالب عناء غير محتمل، لكن مع السنة النهائية والفاصلة في الثانوية العامة ظهرت المشقة "بدأت دروس خصوصية في شهر 8 وكنت لسه مستلم الشغل في المستشفى". ما كان أمام القلشي اختيار؛ قرر مواصلة التحدي بالعمل في مستشفى ميت غمر العام والدراسة معًا.

قرابة خمسة أشهر ظل يبدأ يوم القلشي في السابعة صباحًا، يذهب للعمل وتمر عليه فترة الظهيرة "الدروس تضيع عليا"، وحينما يعود للحاق بما يمكن "مكنتش بركز أقعد في الدرس نايم"، لذلك حسم الأمر هذه المرة، وتقدم بإجازة من العمل آخر شهرين قبل الامتحانات، ليعكف القلشي على الدراسة فقط؛ لملم ما فاته من الدروس، حصّل المواد جميعًا، لم يكن ينام سوى ساعتين كما يقول، فيما كان دعم أسرته صوب عينيه، لاسيما والدته بينما تقول له "اجتهد وحقق اللي أنت عايزه".

وكما لم تخل رحلة القلشي مع الثانوية العامة من كلمات دعم الأهل والمعلمين، حضرت أيضا أحاديث التعجب من زملائه في الدروس الخصوصية "كانت دفعات أصغر مني بس مع الوقت اتعودوا وفي منهم بقينا صحاب"، وواجه الطالب منغصات "ناس تأنبني أو تقول لي كلام هزار بس هو مش هزار"، غير أن الشاب العشريني تغافل مثل تلك العبارات حسب تعبيره، فلم يهتم إلا بطريقه والاجتهاد فيه.

أدى القلشي الامتحانات، لم يتوقع مجموعًا كبيرا حسب قوله، خشي من مادة الكيمياء "كان عندي أخطاء وفعلا نقصت 5 درجات"، لذلك جاءت الفرحة كبيرة، خاصة أنه استقبلها من أسرته "كنت في الشغل ومش مركز في ميعاد النتيجة"، ولم يلتفت إلا باتصال شقيقته تطالبه برقم الجلوس حتى يعرفوا النتيجة.

كان ذلك في الثاني عشر من يوليو المنصرف، حين دخلت فرحة عارمة على قلب والد محمد، هاتفته ابنته تخبره بنجاح الابن الوحيد على ثلاث فتيات بمجموع كبير "بقيت أعيط وأنا كنت في مشوار في الشارع"، انتظر الأب حتى عاد القلشي من العمل واحتضنه بينما يخبره أنه يفتخر به.

تجاوزت السعادة منزل آل القلشي، في قرية المنشأة في طنطا، عبرت إلى المستشفى الذي يعمل فيه محمد، استقبل التهاني وامتلأت نفسه بالراحة بعد العناء، ورغم أن التنسيق لم يجب أمنيته في الالتحاق بكلية طب الأسنان بفارق نصف الدرجة، غير أنه يشعر الرضا عن قبوله في كلية صيدلة طنطا.

يواصل القلشي عمله في مستشفى ميت غمر بالدقهلية، الذي عاد إليه يوليو المنصرف، تستمر ورديته لنحو 12 ساعة، يشعر بالامتنان للتجربة العملية القصيرة في مجال التمريض، ولخوضه الدراسة المزدوجة لنظامين تعليم مختلفين، يستعيد ثمار الخبرة "الثانوي العام محتاج مجهود كبير عشان تحقق حلمك اللي أنت عاوزة والفني بيبقى قدامك حاجة واحدة تعرفها وتشغل فيها"، فيما علم الشاب عمليًا أن "الشغل بيختلف عن الدراسة"، لكن لم يفارقه اليقين بأن التفوق هو السبيل في كل الحالات. 

لم يذهب القلشي بعد إلى كليته، ظروف العمل تحول بينه إلى الآن، مما جعله ينوي أن يأخذ إجازة لاستكمال الدراسة التي رغب فيها "صعب اشتغل 12 ساعة وارجع أروح الكلية"، فيما يتمنى أباه لو أتيح له الانتقال إلى مستشفى في طنطا ليكون قريب من مقر دراسته الجامعية، فلا يفقد سنوات اجتهاده في مجال التمريض حتى يتُم شهادته في الصيدلة.

فيديو قد يعجبك: