لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عن أوضاع الوطن العربي.. أقدم منظمة عالمية لدعم الأطفال تتحدث لـ"مصراوي"

02:31 م الثلاثاء 02 مايو 2017

أصدرت أنقذوا الأطفال تقريرًا يحذر من المخاطر النفس

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حوار- إشراق أحمد:
كانت الحرب العالمية الأولى تضع أوزارها حين قررت سيدة في الثلاثين من عمرها تدعى إغلانتين جيب أن تجوب ميدان ترافالجر بقلب لندن، تحمل بين يديها صورة لطفلين عاريين، بدا الهزال يفتك بجسديهما، فيما كُتب أعلاها "حصارنا تسبب في ذلك.. ملايين الأطفال يموتون من الجوع".

أكثر من 90 عامًا مرت على ذلك المشهد، الذي مهد لعمل "أنقذوا الأطفال" –تأسست عام 1930- كأول منظمة عالمية غير ربحية تهتم بالأطفال في مناطق النزاع والحروب والأماكن الفقيرة، وواصلت تقديم الدعم للصغار سواء في مجال الصحة أو التعليم وكذلك الدعم النفسي، للتواجد في 120 دولة على مستوى العالم، بينها 9 دول عربية، تأتي سوريا في صدارة تقاريرها مؤخرًا عن رصد أوضاع الأطفال.

في شهر مارس المنصرم أصدرت "أنقذوا الأطفال" تقريرًا يحذر من المخاطر النفسية التي يتعرض لها صغار سوريا جراء الحرب الواقعة. مصراوي تواصل مع ألون ماكدونالد، المدير الإقليمي للإعلام في منطقة الشرق الأوسط بالمنظمة، للوقوف عما رصده ذلك التقرير الأخير وأوضاع الأطفال في عالمنا العربي ومصر.

وتحدث "ماكدونالد عبر البريد الإلكتروني عن طبيعة عمل المنظمة، وصعوبات التواجد في مناطق سيطرة "داعش" بسوريا والعراق، موضحًا بالأرقام المخاطر المهددة للصغار، موجهًا رسالة يحمل معناها كلمة السيدة "جيب" حين قالت " كل حرب هي حرب ضد الأطفال" فإلى نص الحوار...

حذر تقريركم الأخير من الخطر النفسي على أطفال سوريا. فكم طفل يعاني نفسيًا جراء الحرب؟

بين كل 4 أطفال هناك طفل داخل سوريا مُعرض لاضطراب الصحة النفسية حسبما قدرت الأمم المتحدة، مما يعني أن العدد أكثر من 2 ونصف مليون طفل، وإن كان من الصعب تحديد الأعداد بدقة، لأن هناك مناطق عديدة لازالت غير آمنة لعمل إحصائيات متكاملة، فضلا عن عدم حصول العديد من الأطفال على المساعدة التي يحتاجونها.

1

وكذلك ذلك الرقم فقط داخل سوريا، إذ هناك الكثير من أطفال اللاجئين السوريين في البلاد الأخرى يعانون أيضًا من اضطراب النوم، الاكتئاب، التلعثم في الحديث وغيرها من الأمراض النفسية، وقد قمنا مؤخرًا ببعض الأبحاث على اللاجئين في اليونان، ووجدنا أن العديد من الأطفال مصابون بتعمد إيذاء النفس والرغبة في الانتحار بسبب ظروف الفقر التي يعيشونها.

حدثنا عن الصعوبات التي واجهتكم في إعداد تقاريركم الأخيرة؟

كان التحدي الأكبر في الأمان، وعدم وصول المساعدات الإنسانية لمناطق عديدة، لذلك تعاونا كثيرًا مع سكانها المحليين، فاستمرار القصف كان السبب الرئيس إلى حد بعيد في الضغط النفسي لدى الأطفال.

العديد مازالوا يُقصفون ويرون العنف بشكل منتظم، فيما لديهم أماكن قليلة لمساعدتهم، لأن كثير من المدارس والمستشفيات تم قصفها أو الاستيلاء عليها من قبل المسلحين، والشهر الماضي -مارس- وحده شهد 26 هجوم على مرافق طبية وعاملين بذلك القطاع بشكل يومي تقريبًا، واضطر العديد من المعلمين والأطباء وأصحاب الخبرة إلى الفرار من البلاد، وفي بعض المناطق التي يصل عدد سكانها المليون نسمة يبقى بها فقط معالج نفسي واحد للأطفال.

2

اعتمد تقريركم على 450 لقاء مع أطفال وبالغين في 7 مناطق.. لماذا اخترتم هذه المناطق؟

اخترنا تلك المناطق لأننا لدينا القدرة على العمل بها، وبها متعاونون معنا من أهل المكان، أما الأطفال والبالغين فتم اختيارهم كنموذج يمثل شريحة عريضة من المجتمع، وحرصنا أن تشمل أطفال يذهبون للمدرسة وأخرين لا يستطيعون ذلك بعد، وكذلك بعض مَن فقدوا أفرادا من أسرهم أو نزحوا من أماكنهم، وبعض ممن لازالوا مع أسرهم.

1

وما المناطق المسموح لكم بالتواجد بها داخل سوريا؟

نحن حاليًا نعمل في حلب، إدلب، حماة في الشمال الغربي، وفي درعا بالجنوب، وريف دمشق وحمص في وسط سوريا، والحسكة في الجنوب الشرقي، فأينما يمكننا العمل يعتمد ذلك على الأمن، ومَن يسيطر على المنطقة وكذلك التمويل -نحن فقط منظمة واحدة لذا لا نستطيع العمل في كل مكان على الرغم من إدراكنا أن هناك أطفال في مناطق أخرى يحتاجون أيضا للدعم.

وما نوع الدعم الذي تقدمه المنظمة لأطفال سوريا؟

داخل سوريا، ندعم المدارس ومشروعات التعليم عبر تدريب المدرسين وإمداد المدارس باللوازم حال الكتب والمراجع، كما نقدم المشروعات الصحية، مثل إقامة عيادات حتى يمكن للأهل إيجاد العلاج لأبنائهم، وكذلك عمل حملات تطعيم ضد مرض شلل الأطفال ودعم مستشفيات الولادة.

كذلك نوفر "مساحات صديقة للطفل"، بحيث يجد الأطفال مساحة آمنة نسبيًا للعب مع أصدقائهم وممارسة الرسم والمشروعات الفنية وأيضًا للدعم النفسي، وفي بعض المناطق نقدم المياه والطعام الآمن.

ماذا عن الأطفال خارج سوريا؟

في البلدان المجاورة مثل الأردن، لبنان، تركيا، العراق ومصر، نوفر التعليم والدعم الغذائي للأطفال السوريين اللاجئين والمخيمات التي يتواجدون بها.
إذًا كم طفلاً استطعتم الوصول إليه ومساعدته؟
منذ بدأت الأزمة السورية، وصلنا لأكثر من 3 مليون طفل داخل سوريا وفي البلدان المستضيفة للاجئين.

2

هل عملتم في سوريا قبل عام 2011؟

قبل الحرب، سوريا كانت دولة متوسطة النمو والدخل، لذلك لم يكن لدينا برنامج كبير هناك، كان لنا مكتب ومشروعات تنمية بها حتى 2008، لكننا استأنفنا العمل مرة أخرى داخل سوريا في عام 2012.

ووفقا لتقاريركم، كيف تطور وضع أطفال سوريا خلال 6 أعوام؟

ازداد الوضع سوءًا منذ نشبت الحرب، هناك ما لا يقل عن 3 مليون طفل تحت سن 6 أعوام لا يعلمون شيئا سوى الحرب، اعتادوا القصف والعنف، ملايين اضطروا للفرار من ديارهم، وقرابة 2 مليون طفل تركوا مدارسهم. والفقر يزداد –قبل الحرب 28% كانوا يعيشون تحت خط الفقر أما الآن 85%- وهذا يعني أن أعداد متزايدة من الأطفال يضطرون للخروج والعمل لمساعدة أسرهم، أو ينضمون للجماعات المسلحة من أجل العيش، لاسيما إن كان والديهم متوفين أو مفقودين.

التأثير النفسي هائل، كل يوم تستمر فيه الحرب نراه يزداد سوءً، مزيد من الأطفال يعانون اضطراب النوم، التبول اللاإرادي، التعثر في الحديث أو يصبحون أكثر عدوانية نتيجة العنف المحيط بهم.

وكم عدد الأطفال الذين قتلوا في سوريا؟

غير معروف تحديدًا، لأن عدم الأمان وقلة المساعدات الإنسانية يجعل الأمر صعبًا جدًا على التحقق، لكن الأمم المتحدة قدرتهم بما لا يقل عن 11 ألف طفل قُتلوا حتى عام 2014. والعام الماضي ذكرت اليونيسيف-منظمة الأمم المتحدة للطفولة- أن ما لا يقل عن 652 طفل قتلوا في سوريا.

3

ما الخطوة التالية التي تتخذونها بعد نشر أحد التقارير؟

البحث يساعدنا لتحديد الاحتياجات الأساسية وأكثر الأطفال المعرضين للخطر، وعقب أحدث تقرير نوسع نطاق عملنا الصحي والنفسي في تلك المناطق، نحاول مد دعمنا إلى المدارس والمساحات الصديقة للطفل، على سبيل المثال لدينا حاليا مُعلمين مدربين على كيفية إدراك المشاكل النفسية عند الأطفال، وكيفية تقديم الدعم النفسي الأولي ليساعدوهم على التعايش.

هل تلقيتكم ردود فعل بعد تقاريركم عن أطفال سوريا؟

استقبلنا الكثير من ردود الفعل، تقريبا كلها إيجابية. تلقينا رد فعل ممن سعدوا لرؤيتنا نحاول تسليط الضوء على تلك المشكلة، التي غالبا ما يتم تجاهلها، كما استقبلنا رد فعل من متبرعين وصناع قرار سياسي على مستوى دولي، أخبرونا أنهم سيبحثون كيفية زيادة الدعم للتعامل مع المشاكل الصحية والنفسية داخل سوريا.

3

متى بدأتم العمل في الشرق الأوسط وكم عدد الدول التي تعملون بها حاليًا؟

بدأنا منذ عام 1960 وحاليا نعمل في مصر، العراق، الأردن، لبنان، فلسطين، تركيا واليمن، كما نعمل في أجزاء من شمال إفريقيا ومناطق أكثر اتساعًا في الشرق الأوسط مثل ليبيا، وأماكن توجه اللاجئين حال اليونان والبلقان وفي الصومال مع اللاجئين القادمين من اليمن.

هل تقدمون الدعم في مناطق سيطرة "داعش" بسوريا والعراق؟

للأسف لا نقدر على العمل في مناطق سيطرة داعش سواء في سوريا أو العراق، لأنها خطيرة جدا على فريقنا والمتعاونين معنا، لكننا نساعد العديد ممن فروا من داعش، على سبيل المثال نساعد حاليًا لتوفير المياه والتعليم للأسر النازحة من الموصل، الرقة، دير الزور.

4

كم عدد الأطفال الذي تركوا التعليم في العراق؟

قرابة 3.5 مليون في سن الدراسة تركوا المدارس، وأكثر من مليون منهم مشردين داخليًا، فروا من ديارهم نتيجة الصراع الدائر، والعديد من الأطفال الذين نساعدهم وفروا من مناطق سيطرة داعش في العراق تركوا التعليم منذ أكثر من عامين.

ماذا عن اليمن، هل تتحركون بحرية في أماكن سيطرة الحوثيين؟

نستطيع العمل في أجزاء عديدة تحت سيطرة الحوثيين، على سبيل المثال في صنعاء، صعدة، عمران، الحديدة، حجة، نحن ندعم المدارس المحلية، وندير العيادات الصحية ومراكز الإطعام للأطفال الذين يعانون سوء التغذية، والبالغ عددهم 2 مليون طفل بعد عامين من الحرب.

وما الاختلاف بين معاناة الطفل في سوريا واليمن؟

الأطفال في كلا البلدين يعانون بشكل هائل، وهناك العديد من المتشابهات؛ إذ يتعرضون للقصف والحرمان من الغذاء، يرون أسرهم تُقتل، واضطروا للفرار من ديارهم، وترك التعليم.

كما أن التأثير النفسي في كلا المكانين كبير، وإن كان في سوريا الأطفال يعايشون ذلك الواقع لمدة أطول، إذ أن الحرب مستمرة لـ 6 أعوام، لذلك أحيانًا التأثير التراكمي على الأطفال يكون أعظم، لكن اليمن بلد فقير بالأساس حتى من قبل الحرب، كان لديهم بالفعل مشاكل في سوء تغذية الأطفال وقلة المدارس والمستشفيات وذلك خلاف سوريا قبل الحرب.

عملتم عقب الحرب العالمية الأولى وشهدتم الحرب الثانية.. فما الفرق بين معاناة الأطفال في تلك الفترات والآن؟

هناك تقدم على الصعيد العالمي، أطفال أكثر الآن في المدارس فيما يموت عدد أقل بسبب أمراض يمكن الوقاية منها –بالرغم أنه مازال هناك المزيد يحتاج العمل عليه– لكن تأثير الحروب على المدنيين أصبح أكبر في مناطق عديدة، فقد شهدنا زيادة في عدد الأطفال المجندين ببعض المناطق واستخدام الأسلحة شديدة الانفجار في المناطق السكنية –كما نرى في سوريا واليمن- وهذا يعني أن الأطفال في الحرب يكونون في أكبر خطر على الإطلاق.

5

في مناطق الحرب.. متى تبدأون التدخل لإنقاذ الأطفال؟

أغلب الوقت نكون على استعداد مسبق للعمل في هذه البلاد قبل بداية الحروب، على سبيل المثال في اليمن كنا نعمل منذ عام 1960. ومع ذلك حينما تنشب الحرب عادة نتوسع بعملنا لنصل إلى عدد أكبر من الأطفال، ونقدم المزيد من المساعدة الإنسانية الطارئة وكذلك المعونات التنموية طويلة الأجل، وعادة ما يبدأ هذا في أقرب وقت ممكن وحينما يسمح الأمن بذلك أيضًا.

ماذا عن مصر. حدثنا عن المشاكل التي تواجه الأطفال؟

عدد من المشاكل هي ذاتها التي تواجه الأطفال في أغلب الدول؛ بعض الصبية والفتيات يواجهون الإساءة، الإهمال، الاستغلال والعنف، وكثيرًا ما تواجه الفتيات التحرش في الشارع من الرجال والصبيان، وملايين الأطفال في مصر ولدوا في فقر، والأطفال في المجتمعات الفقيرة ليس لديهم مقومات الحياة للصحة والتغذية أو الرعاية الصحية للأمهات.

وأحيانا ينتهي الحال بالأطفال إلى التسرب من التعليم والعمل لمساعدة أسرهم، ومصر لديها باع طويل في استضافة اللاجئين والمهاجرين من الشرق الأوسط وإفريقيا وأطفال هؤلاء أيضًا غالبا ما يتركون المدارس.

وبالنسبة لفلسطين ما الاختلاف بين حال الأطفال هناك وغيرها من الدول التي تشهد صراعات؟

الحالة الفلسطينية فريدة في المنطقة، الاحتلال مستمر لعقود، وأّثر على أجيال من الشباب، ونحن نقوم بالكثير من العمل في التعليم، مع الأطفال الذين يواجهون مضايقات أو عوائق يومية أثناء ذهابهم للمدرسة بسبب نقاط التفتيش الإسرائيلية ومضايقات المستوطنين، كما نعمل مع الأطفال المحتجزين من قبل السلطات الإسرائيلية، وغالبا ما يعانون من صدمات نفسية نتيجة لذلك.

وفي غزة، الأطفال عايشوا حروب عديدة في السنوات الأخيرة، لكنهم أيضا يواجهون قيودًا على حركتهم (الحصار) –على عكس العديد من الدول، فهم غالبا لا يُسمح لهم بمغادرة غزة حتى حينما يريدون الفرار.

6

كم يستغرق الطفل ليتعافى من المشاكل النفسية؟

هذا يختلف من طفل إلى آخر؛ بعض الأطفال الذين نعمل معهم بدا عليهم تحسن ملحوظ بعد 6 أشهر أو عام من التردد على مراكزنا الخاصة بالأطفال وتلقيهم مساعدة من قبل بعض البالغين، لكن بالنسبة لأكثر الأطفال المتضررة، يأخذ الأمر سنوات كي يتعافوا، والبعض يحتاج علاج مكثف، والبعض الأخر ربما لا يتجاوزن نهائيًا، ويُحتمل أن يؤثر ذلك عليهم طيلة حياتهم.

احكِ لنا عن أبرز قصص الأطفال المؤثرة التي التقيتم بها في سوريا؟

أثناء بحثنا في سوريا، التقينا أطفال، عانوا من عنف لا أستطيع تخيله، فقدوا كل أسرتهم في الغارات الجوية أو رأوا أشخاص قُطعت رؤوسهم أو أعدموا أمامهم، تحدثنا إلى صبي بعمر 3سنوات رأى شخص تم قطع رأسه، ومنذ ذلك الحين يعاني الكوابيس-يستطيع فقط النوم بالنهار وعندما يكون والده بجواره فقط.

وإلى الآن اندهش أن الكثير من هؤلاء الأطفال لازال لديهم الأمل والطموح في مستقبل أفضل، هم يريدون أن يصبحوا أطباء ومعلمين ولاعبين كرة قدم، يتطلعون لجعل سوريا مكان أفضل مرة أخرى. إنه لشيء ملهم الحديث إلى أطفال عانوا كثيرًا لكن ما زالوا يرغبون في مساعدة غيرهم، وذلك يجعلنا مصرين أكثر على مساعدتهم.

باعتباركم أقدم الهيئات الدولية لمساعدة الأطفال، ما الرسالة التي تودون توجيهها للعالم بشأن الصغار؟

هناك الكثير جدًا من الأطفال يُقتلون ويقصفون في الحروب الحديثة، ويجب على الحكومات بذل أكثر من ذلك بكثير لضمان حمايتهم واحترام القانون الدولي، فالعديد من الحكومات والجماعات المسلحة في المنطقة والعالم يتجاهلون القانون الدولي والمسؤولية تجاه قتل الأطفال.

نحن كذلك نرى زيادة العداء تجاه اللاجئين في كل أنحاء العالم، في أوروبا، الشرق الأوسط، وشمال أمريكا، وهؤلاء الأطفال يعانون بشدة ومسؤوليتنا الأخلاقية إزاء الإنسانية أن نساعدهم.

7

فيديو قد يعجبك: