شهر العسل على الطريقة الحديثة.. بين الحب وتعليم الأطفال
كتبت- دعاء الفولي:
قاعة لا تتجاوز مساحتها 25 مترا، تقبع بقرية صغيرة في جنوب إفريقيا، يجلس فيها حوالي تسعين طفلا، يرددون كلمات من اللغة العربية والقرآن الكريم خلف آلاء حمدان وزوجها طارق بدار. سعادة بالغة غمرت الصغار، إذ قرر الزوجان اقتطاع يوم من رحلة "شهر العسل" الخاصة بهما، كي يساعدا أهل البلد بأي طريقة.
قبل أسابيع وقع اختيار الزوجين على جنوب إفريقيا "من زمان نفسي أعمل سفاري هناك لا سيما إنه الجنوب لحد ما آمن".. حسبما تقول الشابة الفلسطينية-الأردنية لمصراوي.
كانت حمدان قد علمت عن تجربة التطوع في شهر العسل من خلال بعض المواقع الأجنبية "الفكرة منتشرة في الغرب بشكل كبير.. إنه إذا إنت رايح تتفسح كدة كدة.. ليه متاخدش جزء بسيط من وقتك عشان تعمل حاجة كويسة؟".
كان من المقرر أن يقضي الشابان عدة أيام في القرية التي تقع على بُعد ساعة من مدينة ديربان الإفريقية "لكن حدث أزمة بالبرنامج تبع الرحلة فاضطررنا إنه التطوع يكون ليوم واحد". اتفق الزوجان مع أحد أهالي القرية قبل الذهاب على تفاصيل كل شيء، وكان لهما شرطا وحيدا؛ أن يستطيعا التطوع لصالح خدمة الأطفال.
"هُناك كل مجالات التطوع مفتوحة.. بين تعليم، بناء، إطعام.. لكننا اخترنا تعليم الأولاد". في القرية التي ذهبت إليها حمدان بصحبة بدار كان الأولاد يسيرون للمدرسة أكثر من 6 كيلو يوميا، ولا تستطيع حتى جميع العائلات إلحاق أبنائها بالتعليم بسبب الظروف المادية "بالإضافة إنه الأطفال ما بياخدوا لغة عربية في المدارس ولا قرآن".
منذ ست سنوات التحقت حمدان بقطار التطوع، لكن تجربة جنوب إفريقيا جديدة عليها "بنتحدث عن ناس ليسوا عرب وبالتالي خفنا لا نستطيع التفاهم معهم وإنه التطوع يكون مضيعة للوقت"، لكنها اكتشفت أن ترحيب الكبار والأطفال كسر أي توجس "الناس كانت سعيدة إننا هناك..حسوا إنه العالم فيه ناس مهتمة فيهم.. لدرجة إن بعضهم كانوا يقولوا لنا شو دلكم على جنوب إفريقيا؟"، وفيما استمر التدريس لساعات، لاحظ الشابان مدى تفاعل الأطفال معهما، سواء من خلال الدراسة أو التواصل الإنساني.
لم تكن مهمة الوصول للقرية سهلة "الدليل ياللي معنا قال إنو الطريق لها غير آمن، وإنو ممكن ننخطف بأي وقت وينطلب فينا فدية"، إلا أن الزوجان وصلا وعادا بسلام "ذلك أعطانا شعور إنو أد إيه الولاد دول بيعانوا".
لا تنسى الشابة الفلسطينية من هؤلاء التلاميذ، طفل اسمه "حمزة"، عمره لا يُجاوز السبع سنوات "كان حافظ قرآن.. أول واحد جاء المكان وآخر واحد رحل.. كان ذهنه مُتقد"، بينما أكثر ما أثر فيها هو حال المركز التعليمي المتواضع الذي يتعلم فيه الصغار "تم بناءه عن طريق التبرعات أيضا". كل شيء في القرية ينقصه المساعدات، حسبما تقول حمدان "في آخر اليوم وزّع أصحاب المركز على الأطفال خبز وزبدة ولكن الكمية لم تكفِه".
ذلك التطوع الذي لم يدم سوى لساعات، غيّر في نفس الشابة "كل خطوة صغيرة بنعملها ممكن تسعد شخص.. ومينفعش نكتفي بإننا نسمع عن الأزمات في إفريقيا ونقول يا حرام من غير تقديم شيء"، عندما كانت حمدان تُجهز لرحلة شهر العسل اكتشفت وجود مواقع أجنبية تُساعد على التطوع، خاصة بالبلدان التي يُقبل عليها حديثي الزواج أو راغبي الترفيه، كإندونيسيا أو تايلاندا أو سنغافورة وغيرهم، وأحيانا تقوم تلك المواقع بتقديم عرض يُتيح للمسافرين التطوع مقابل تخفيض ثمن الإقامة.
بالنسبة لحمدان وزوجها، وبسبب عملهما كصانعي أفلام، مما يتطلب سفرا متكررا، فلن تكون تجربة إفريقيا الأخيرة. إذ قررا أن أهل أي بلد يذهبا إليها سويا، سيكون لهم نصيبا من التطوع. صار الأمر تحديا لهما "إنه إزاي تقدر تقتطع جزء من رحلة هيك خاصة عشان تساعد حد،انا وطارق عرفنا إنه طعم المساعدة ولو بسيطة أفضل كتير.. وبتمنّى إنه الأمر ينتشر في الدول العربية ويصير عدوى طيبة".
فيديو قد يعجبك: