في الطبقة السورية نقص في المواد الغذائية وخشية من عودة داعش
الطبقة/ سوريا – (أ ف ب):
تركض دلال أحمد مسرعة بعدما سمعت أن قوات سورية الديموقراطية توزع مساعدات غذائية، على أمل الحصول على البعض منها في مدينة الطبقة حيث لا يزال يطغى على السكان شعور بالخوف من عودة داعش.
وبعد معارك عنيفة استمرت قرابة شهر ونصف وانقطاع طرق الإمداد اليها اثر تطويقها، يعاني سكان الطبقة الواقعة في محافظة الرقة من نقص في المواد الغذائية.
والأربعاء سيطرت قوات سورية الديموقراطية (تحالف فصائل عربية وكردية) بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن على المدينة التي كان استولى عليها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في 2014.
أخبر أحد الجيران دلال أحمد، في الخمسينات من العمر، أن هناك من يوزع المساعدات في سوق الطبقة المركزي، وحين وصلت إلى المكان تبين لها أن الأمر عبارة فقط عن بعض الوجبات التي تشاركها مقاتلو قوات سورية الديموقراطية مع بعض الأطفال والرجال في المكان.
خاب أمل دلال، وتقول "كرهنا أنفسنا، ليس هناك مياه للاستحمام أو التنظيف، كل شيئ انقطع عنا، مياه وكهرباء وطعام"، مضيفة "نريد أن ترى المنظمات الإنسانية حالنا قبل أن نموت من الجوع والمرض".
ويقول مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن "الوضع في المدينة صعب حتى الآن، خاصة جراء النقص الكبير في المواد الغذائية الناتج عن المعارك وانقطاع طرق الإمداد إليها بعد تطويقها خلال الهجوم من قوات سورية الديموقراطية".
ليست دلال وحدها من يبحث عن طعام، ففي سوق الطبقة المركزي تبحث امرأة في بقايا وجبات تركها مقاتلو قوات سورية الديموقراطية خلفهم. تجمع ما تبقى من شطائر في علبة وتغادر المكان.
وفي شارع آخر، ينتظر آخرون تعبئة قواريرهم الفارغة من أحد خزانات المياه نتيجة النقص الحاد في المياه الذي تسببت فيه المعارك في سد الطبقة (الفرات) المحاذي للمدينة.
"ذباب وجثث وقمامة"
وأثناء تجوله الجمعة في مدينة الطبقة، شاهد مراسل فرانس برس جثة يشتبه أنها لأحد عناصر داعش الذين قتلوا في المعارك، فيما انتشرت على جوانب الطرقات أكوام صغيرة من القمامة.
في سوق الطبقة المركزي، يعمل البعض على تنظيف الشارع أمام محلاتهم. ويتجمع عدد من الرجال يناقشون ما آلت إليه الأمور، وبين هؤلاء عبد الرحمن شكروشي (40 عاما).
ويقول شكروشي "الأمراض كثيرة بسبب الجثث المنتشرة والتي بدأت تفوح رائحتها"، مضيفا "الذباب والأوساخ في كل مكان. هذا كله ينعكس على صحتنا".
ويؤكد مدير المرصد السوري "هناك مئات المفقودين في الطبقة، الكثير منهم لا يزالون تحت أنقاض المباني التي دمرتها طائرات التحالف الدولي".
وتندرج السيطرة على الطبقة في إطار حملة "غضب الفرات" التي بدأتها قوات سورية الديموقراطية، بدعم من التحالف الدولي لطرد داعش من الرقة، أبرز معقلهم في سوريا والواقعة على بعد 55 كيلومترا شرق الطبقة.
وأجبرت المعارك والقصف العنيف على الطبقة آلاف المدنيين على الفرار من منازلهم، منهم من تمكن من مغادرة المدينة إلى مناطق سيطرة قوات سورية الديموقراطية، وآخرون نزحوا إلى أحياء آخرى مثل مهند حاج عمر (20 عاما).
ويتذكر مهند عمر ما مرّ عليه وعلى عائلته من مخاطر أثناء الفرار بعيدا عن القصف. ويقول "كان الطيران يضرب (...) وهم (داعش) يفرون مجرد سماعهم لصوت الطائرة"، مضيفا "نحن كنا نخرج من مكان الى مكان، من بيت الى بيت، لم نعد نعرف أين نحن".
يسير خطوات قليلة ويشير بيده إلى مكان قريب، ويقول "خلف هذه النقطة أعدم داعش شبان عدة بإطلاق النار في رؤوسهم والناس تشاهدهم".
"كرهونا حياتنا"
وطوال سيطرة تنظيم داعش على مدينة الطبقة، عاش سكانها في خوف دائم من الأحكام المتشددة.
ويغذي التنظيم المتطرف الشعور بالرعب في مناطق سيطرته من خلال الإعدامات الوحشية والعقوبات التي يطبقها على كل من يخالف أحكامه أو يعارضه.
تضع دلال النقاب على وجهها وترفض أن تزيله خشية من عودة داعش الى المدينة. وتقول "ما زلنا نخاف مجئ (تنظيم) داعش وهجومه على المدينة ونخاف على أطفالنا، لا أريد أن أقلع النقاب، حتى وان لم اكن ارتديه قبل مجيء داعش".
وفي وسط السوق المركزي، وضع قضيبان من حديد بشكل أفقي على إشارة سير كان تنظيم داعش يربط عليها من يخالف أحكامه.
يشرح أحد السكان لمقاتل في قوات سورية الديموقراطية بحركة مسرحية كيف كان مسلحو داعش يربطون الشبان ويتركوهم تحت الشمس الحارقة.
يمر رجل عجوز في المكان، يرفض ان يتصور امام الكاميرا خوفا من انتقام الجهاديين في حال عودتهم لكنه يروي قصته مع "اشارة السير" هذه.
اعتقل داعش ابنه الذي كان يعمل صيدليا بتهمة "التعامل مع الكفار"، ويقول الرجل "تركوه معلقا ثلاثة ايام بعد قتله. وكنت أتي كل يوم لحراسة الجثة، لكي لا ينهشها الكلاب".
ويختصر الشاب مهند عمر وصف ما كان الحال عليه تحت حكم داعش بالقول باللغة العامية "كرهونا العيشة والحياة، دمروا حياتنا".
هذا المحتوى من
فيديو قد يعجبك: