حكايات من طريق "إسكندرية الصحراوي".. ما فعلته الشبورة بالمواطنين
كتبت - شروق غنيم:
في السادسة صباح أمس، كانت سيارة رانيا إبراهيم، تَشقّ طريقها من الإسكندرية صوب القاهرة، في رحلة مُعتادة أسبوعياً، وبينما تجاوزت مدخل مدينة بُرج العرب، دخلت فجأة في دوامة بيضاء أفقدتها القدرة على رؤية الطريق، وكأن "إعصار ابتلع كل شيء".
سيطرت الشبورة المائية على المكان، ارتبكت ابنة المدينة الساحلية، رغم أنها اعتادت السفر على الطريق منذ سنوات.
لم تكن تعلم "رانيا" ما يجرى، ولم تستطع اتخاذ قرار "كان صعب أقف عشان العربيات اللي ورايا"، فيما ألقت أصوات إنذار عربات الإسعاف في قلبها الذُعر "خمّنت إن فيه حادثة"، لكن مع ازدياد الأصوات "حسيت إن فيه كارثة".
كانت سيارات عدة اصطدمت ببعضها، أمس، بسبب الشبورة المائية، على طريق "القاهرة – الإسكندرية" الصحراوي، ما أسفر عن مصرع 5 أشخاص، وفق مديرية أمن الجيزة. وتكرّر الحادث في أكثر من محافظة، بينها كفر الشيخ التي شهدت اصطدام عدة سيارات، أسفرت عن إصابة 26 شخصا.
5 ساعات، كانت نصيب "رانيا" من الانتظار حتى فتح الطريق، وفي الحادية عشر صباحاً أكملت رحلتها، قرأت الأخبار العاجلة من هاتفها فانتابها الرُعب من حجم الحادث، تجاوزت ابنة الإسكندرية نصف المسافة "لقينا حارة العربيات الملاكي مقفولة ولازم نمُر من الناحية المُخصصة لعربيات النقل".
من هُنا كانت بداية إطلاعها على ما حدث بنفسها "كان في عربيات مفرومة، كنت متفاجئة إن في تريلا ضخمة متطبقة تقريبًا". كان المشهد مُقبِضًا بالنسبة لها "شدة الأعصاب ومجرد التخيل إني طلعت حيّة وسط اللي حصل، خلوني أعيط".
في تمام الثانية ظهرًا، وصلت للقاهرة: "أول مرة الطريق ياخد كل المدة دي، وأول مرة شبورة تفضل لحد الضهر"، حمدت الله بأنها خرجت من اللحظات العصيبة فيما قررت أن تُلقي نظرة فيما بعد على أحوال الطقس قبل السفر مُجددًا.
وانشغلت في التفكير ببدائل من أجل السفر في عُطلتها الأسبوعية المُقبلة "هرجع أسافر بالقطر تاني"، بعدما كانت قد صرفت النظر عن ذلك بعد حادث اصطدام قطاري في منطقة خورشيد الإسكندرية أغسطس الماضي: "لكن بعد اللي حصل بقيت حاسة إن الدنيا مش فارقة، بس مش عاوزة أمر بلحظة زي إمبارح تاني".
وظهرت كثافات مرورية شديدة، أمس، في بعض المناطق الساحيلة، وفي طرق صحراوية وزراعية، مثل «إسكندرية الزراعي» و«طنطا الزراعي».
الدكتور أحمد عبدالعال، رئيس الهيئة العامة للأرصاد الجوية، قال لـ"مصراوي"، إن السبب وراء الشبورة المائية، عدم وجود نشاط للرياح، مع ارتفاع طفيف في درجات الحرارة وزيادة نسبة الرطوبة، ما أدى إلى كثافة الشبورة المائية، لافتًا إلى أنها ستنخفض الأربعاء المقبل، لتزيد كثافتها مرة أخرى يومي الخميس والجمعة المقبلين.
في التاسعة صباح نفس اليوم، كان إسلام أحمد دُرة، في طريقه إلى معهد البحيرة العالي للهندسة والتكنولوجيا، المتواجد بالكيلو 47 بطريق "القاهرة – الإسكندرية" الصحراوي، للحِاق بمحاضرته في العاشرة، لكن ما إن وصلت العربة إلى الصحراوي توقفت وسط أفواج أخرى من العربات حتى الحادية عشر والنصف.
ظل "دُرة" محبوساً على الطريق، يسمع أن هناك حادثة كُبرى لكن لا يعرف تفاصيلها، لكنه أدرك خطورتها حينما دّق قلق الأهل والأصدقاء هاتفه بكثافة "كله بقى يتصل بيّ عاوز يطمن أنا وصلت فين وكويس ولا لأ".
لم يكن الشاب العشريني عالقًا وحده على الطريق "المعيدين برضه كانوا في أتوبيس خاص في المعهد، واتعطلوا، فاتلغت المحاضرة للأسبوع الجاي"، حينما تحرّك الطريق قرّر العودة إلى منزله.
فيما وجّه الدكتور أحمد فاروق، رئيس مركز التحاليل الجوية بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، عدة نصائح في تصريحاته لـ"مصراوي"، منها عدم السفر في الساعات المتأخرة من الليل والأولى من الصباح، وتحديدًا من 2 إلى 9 صباحًا؛ لانعدام الرؤية الأفقية، مراجعة الحالة الفنية للسيارات خاصة إضاءات الشبورة، الالتزام بتعليمات الإدارات العامة للمرور، وارتداء الشتوية.
لكن "دُرة"، لقى اليوم نفس مصير الأمس، في الثامنة من الصباح توجه من منزله إلى المعهد، ارتدى ملابس إضافية تجنبًا لقسوة البرودة، لكن حينما وصل إلى موقف السيارات "السواقين قالوا مش هيحملوا دلوقتي عشان الشبورة جامدة"، فعاد إلى منزله مُجددًا، بينما كتب تحذيرًا لأصدقائه على صفحته على "فيسبوك".
فيديو قد يعجبك: