لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من حلوان.. كيف قُتل "عاطف وروماني" في "أسبوع العيد"؟

11:41 م السبت 30 ديسمبر 2017

كيف قُتل عاطف وروماني في أسبوع العيد

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد مهدي ودعاء الفولي:

في منطقة أطلس بحلوان، كان الحديث عمّا جرى أمس في كنيسة مارمينا ما يزال مُتداولا، وداخل شارع ضيق بنفس المكان لم يكن الوضع مُختلفا؛ هُناك مات الشقيقان عاطف وروماني شاكر بيد مُسلح، تتشابه أوصافه مع مرتكب حادث الكنيسة.

أمام منزل أسرة الشقيقين، كان عزاء خاص بأهل المنطقة "عشان فيه عزا تاني للشهداء في الكنيسة" كما يذكر فايد نجيب خال الضحايا. يتوافد المعزون على المكان، عيونهم زائغة، الحزن قابض على القلوب "نُص العزا وأكتر من المسلمين، احنا مفيش فرق بينا هنا". الأب لا يستقبل أحدا، يعتصره الفقد "حالته صعبة هو والأم".

سيرة الرجلين تملأ العزاء بكل خير "هما عارفين لما روماني وعاطف يتقلتوا هيكسرونا كلنا" يقولها مينا إسحاق، أحد أصدقاء الضحايا فيما يحاول التماسك قدر الإمكان "احنا أكتر من أخوات، مفيش حد في المنطقة مبيحبهمش، لهم جمايل مع كل واحد".

صو 1

في العاشرة من صباح أمس، خرج روماني في موعده الصباحي متجهًا إلى محله، ألقى السلام والابتسامة على أحد جيرانه قبل الانطلاق إلى شقيقه، وفور وصوله انهمكا في رصّ الأجهزة الكهربائية وتنظيف المكان، وفي الخارج صوت دراجة بخارية هدأت بعد ثواني.

الدراجة البخارية، كان يستقلها القاتل، رجل ثلاثيني يرتدي خوذة في رأسه، جاء من شارع ضيق، وقف أمام المحل، ترجل ممسكًا بسلاح آلي، تقدم نحو الشقيقين ببطء وهدوء "ضرب النار على عاطف وقع ميت" كما يقول أحمد سوبر أحد الجيران الذي شهدوا الواقعة، فيما رمى الأخ الأكبر روماني في وجه المُجرم جردل مياه، ثم هرول ناحية الشارع المقابل بحثًا عن النجاة.

صو 2

طارده القاتل، وجه السلاح صوبه، أطلق عليه رصاصات عدة، سقط على إثرها روماني على الأرض "وقع تحت البيت عند محل الحداد" لم يفر المُجرم، تراجع لخطوات ببطء وثقة، أطلق النيران بطريقة عشوائية "الناس حاولت تهجم عليه، بس كان بيضرب نار كتير" أحدثت الطلقات فراغات واضحة في المحال بمحيط الحادث.

صو 3

بدم بارد، تأمل القاتل المشهد من حوله، نظراته الحادة لا توحي بالقلق، وقف متحديًا الناس قبل أن يركب دراجته البخارية ويبتعد عن الشارع "وشباب المنطقة وراه يحاولوا يمسكوه" دون جدوى. مرت دقائق الدهشة، ثم اتصل أحدهم بأسرة الشقيقين والشرطة والإسعاف.

في ذلك الوقت كان مجدي رزق، جار روماني جالسا أمام منزله الذي يبعد شارعين عن المحل "لقيت ابني بيجري ناحية البيت بيقولي الحق ضربوا عمو روماني".. هرول الجار كالمجنون برفقته أخوة الشابين الراحلين وصديقه مينا إسحاق.

صو 4

"لقيناهم سايحين في دمهم" لا ينسى مينا المشهد، كان والد القتيلين لم يذهب للعمل بعد، لكن قدمه لم تحمله حينما أبلغوه بما حدث فسقط أرضا.

الذكريات التي تركها الراحلان عند أهل المنطقة وذويهم لا تموت. تمتلأ عينا الخال فايز بالدموع حين يتحدث عنهما، يُعدد صفاتهما الحسنة "لا يعرفوا يؤذوا حد.. لو باعوا بالخسارة مش بيتضايقوا طالما مش واكلين حق حد"، رحل عاطف عن عُمر 30 عاما "عنده ابنه اسمه شنودة عمره سنة ونص لسة ملحقش يتهنّى بأبوه"، فيما أنجب روماني صاحب الـ35 عاما فتاتين وطفل.

صوو-5

حين استوعب الأهل الموقف هاتفوا الشرطة "جم بعدها بـ3 ساعات"، لم يعرف فايز وقتها أن حادثا إرهابيا آخر أصاب كنيسة مارمينا، ورغم مجيء سيارة الإسعاف "بس احنا قولنالهم متشيلوهمش عشان حقهم ميضيعش والطب الشرعي ييجي".

بينما جثة الشقيقين على الأرض، كانت زوجة روماني عائدة من كنيسة الأنبا أنطونيوس التي يتبع لها الأخوان وأسرتيهما "محدش رضي يقولها.. خوفنا يجرالها حاجة" يروي الخال، قبل أن يقول "أمه برضو اتصلوا بيها قالولها ابنك اتخانق روحي شوفيه"، يلتقط مينا طرف الحديث "الإرهابي دة معلم.. كان عارف إنه هيوجعنا كلنا، هيعوّر بيته وأسرته وقلوب الناس اللي بتحبه".

أينما يُولي أحدهم وجهه تلاحقه سيرة الشقيقين الطيبة "لو واحد فيهم حد غلط فيه يقوله ربنا يسامحك" لكن ذلك لم يشفع لهما عند المسلح "دلوقتي خلاص القتل بقى على الهوية ومبقيناش عارفين الخوف هيودينا فين" يقول مجدي، تتبدل ملامح وجهه الساكنة لغضب "لو حد شاف شكلهم في المشرحة هيعرف إحنا حاسين بإيه". جاءت إصابات عاطف وروماني في أماكن قاتلة "واخدين رصاص في الضهر وفي الرقبة ودي بس الحاجات اللي شوفناها".

أما مينا فيروي مشاهدته لتفريغ إحدى كاميرات المحل الذي يمتلكانه "النيابة لما جت خدت كاميرتين واتبقى واحدة ضعيفة شوية.. بس باين فيها الإرهابي وهو بيضرب عاطف يوقعه وبيجري ورا روماني يضربه.. وهيئته نفس هيئة من الراجل اللي ضرب الكنيسة"، في المقابل تنتظر الأسرة تحقيقات النيابة لتنفي أو تؤكد ما يُقال.

قبل الواقعة بعشرة أيام، عايش الخال قصة أخرى "عاطف قالي إنهم لقوا على المحل علامتين صح بالأبيض ومكانوش فاهمين إيه دا"، أخبر الشاب كاهن في الكنيسة بالأمر "وقال له إنه هيبلغ" لكن الأب طلب منه الصلاة فقط، حسبما يقول فايز.

خلال ساعات معدودة امتلأ عزاء الأخوين عن آخره. وصلت بقية العائلة من أسيوط-مكان ولادة الشقيقين- فيما لم يخلُ المشهد من 3 سيدات اتشحن بالسواد، خرجن من العزاء يتحاملن على أنفسهن، تحكي كل واحدة عن "الجدعنة" التي رأتها من روماني وعاطف، تبكي "أم محمد" مشيرة إلى المنزل "والدته الله يصبرها.. كل اللي نازل عليها تقول دة زينة الشباب.. ولادي زينة الشباب راحوا".

صو 6

مازالت أسرة الشابين في حيرة من أمرها؛ بين البقاء في القاهرة كحالهم منذ 17 عاما، أو العودة للصعيد، لكن ما أن ينطق الخال بذلك الهاجس، حتى يقاطعه مينا "تروحوا فين؟.. هنا بيتهم وعيالهم هيتربوا هنا وهنشيلهم فوق رأسنا.. احنا نطول يبقى عندنا شهيدين في السما؟".

 

فيديو قد يعجبك: