لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

6 شهداء من عائلة واحدة.. "حكاية ولاد أبو حسان اللي ماتوا في الجامع"

04:41 م السبت 25 نوفمبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:

عقب انتهاء صلاة الجمعة، هرع محمد آل سواركة إلى منزله في مدينة العريش، بعدما وصلته أخبار تفجير مسجد الروضة، تمنّى ألا يسمع سوءً عن جده وأبناء عمومته القاطنين هناك، لكن ما أن جاءته مكالمة هاتفية من حُسين ابن عم والده، يصرخ: "الحقونا.. احنا بنموت.. هاتوا إسعاف بسرعة"، تحققت أسوأ مخاوف الشاب، مُدركا مع منتصف اليوم أن ستة من أسرته اُستشهدوا في الحادث الأليم.

صباح اليوم أعلنت النيابة العامة في بيان رسمي عن ارتفاع ارتفاع أعداد ضحايا الهجوم الذي استهدف، أمس، مسجد الروضة بمنطقة بئر العبد بشمال سيناء، ليصل إلى 305 شهداء من بينهم 27 طفلا، وإصابة 128 آخرين.

حين انقطع الاتصال مع حسين "حاولنا نتصل كتير الشبكة مش مجمعة". لم يفهم محمد ووالده ما يحدث أو يدركا عدد القتلى، لاسيما وأن لديهم الكثير من الأقارب في قرية بئر العبد، لذا افترفا "أنا جريت على مستشفى العريش وأبويا راح الروضة".

خلال ساعتين اتصل الأب بمحمد، قائلا إنه بصحبة جثماني الجد حسان أبو حسان، والعم حمودة أبو حسان "مكنتش قادر أتماسك"، لكن الوضع حتّم على الشاب الصمود، ففي تلك اللحظة وصل لمستشفى العريش حسين مُصابا في قدمه، دون معرفة أن والده وشقيقه في عداد الأموات.

كان حُسين واعيا لكن في حالة صدمة، ظل يسأل "أبويا وإخواتي فين؟"، طمأن محمد قريبه دون إخباره "فضل يقول لي أنا حاسس إنهم جرالهم حاجة عشان لما كلمت خالد أخويا عيّط في التليفون"، تمالك الشاب نفسه مُجددا كي لا يبوح بالحقيقة.

ترك الهجوم صدعا في عائلة أبو حسان؛ فبجانب استشهاد الجد والابن، اُصيب حُسين وأخيه أحمد، ونُقل الأخير نُقل لمستشفى بئر العبد برصاصة في ظهره، أما القتيلان فاصطحبهما الأب من المسجد للمدفن مُباشرة.

في تلك الأثناء كان والد محمد عائدا بالجثمانين إلى منطقة الفواخرية بالعريش "مكنش عايزهم يتدفنوا في المقابر الجماعية فقال يتدفنوا جنبنا".

عانى والد محمد دائما في الوصول إلى منطقة بئر العبد، بسبب الكمائن الأمنية "اللي مكنتش بترضى تعديه"، لذا كانت المرة الأخيرة التي ذهب فيها لزيارة الحاج حسان وأبناء عمه قبل عام، فيما جاءوا هُم لزيارة الأسرة بالعريش منذ شهر، لتكون مقابلة الوداع.

الجد حسان هو الأقرب لمحمد، يحكي عنه الشاب بحزن شديد "عنده 75 سنة وكان له يد في أي عمل خير في القرية". قبل خروجه على المعاش، عَمِل في وزارة الأوقاف، وبعد ذلك تفرّغ لحفر آبار المياه بشكل خدمي، وإصلاح كهرباء المزارع "كان بيركب ربع نقل يلف بيه ويطلع بنفسه يربط الأسلاك"، يبتسم ثغر محمد حين يذكر "المرهم" الذي أعطاه والده للجد في آخر لقاء "عشان رجله وجعاه من الشغل ومع ذلك مكنش ناوي يبطل".

نزحت عائلة محمد من قريتي الخروبة والطويل بشمال سيناء. رحل الشاب ووالده من الأولى بعد هجوم كرم القواديس في ديسمبر 2014، فيما بقي الجد وأبناءه في الثانية حتى نهاية 2015، واضطروا للرحيل ليستقروا في قرية بئر العبد غرب العريش.

عقب المغرب بقليل وفيما تتواتر أخبار الدم، علم الشاب أن أربعة آخرين اُستشهدوا من أسرته، هم يوسف أبو حسان سليمان مُحسن، محمد عوض الله وشقيقه أحمد "ولاد أعمامي برضو"، دُفنوا جميعا في بئر العبد، بينما يستطرد محمد بأسى "يوسف دة عنده 25 سنة.. كان متجوز مبقالوش شهر".

"نحزن على مين ولا مين؟"، يسأل محمد بأسى. قررت عائلته أن لا عزاء للموتى، جرت مراسم الدفن صامتة، سريعة، ومُقبِضة. سمع الشاب وأبناء عمومته من قبل عن التهديدات التي وصلت المسجد، غير أن أحدهم لم يتخيل أن يتحول الانتقام إلى فجيعة.

فيديو قد يعجبك: