أسلاك شائكة..مشروع أردني مُصوّر عن "الحياة المحبوسة"
كتبت- شروق غنيم:
البداية كانت من تونس عام 2012؛ حينما التقط الفنان الأردني رائد عصفور بكاميرته لحظة وضع الشرطة المحلية هناك للأسلاك الشائكة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى العاصمة. كانت تلك أول صورة تكُر خيط فكرة مشروعه المُصوّر.
بعد خمس سنوات اكتمل المشروع، ومن خلال "أسلاك شائكة" افتتح الفنان الأردني أول معرض له في مصر، في الثلاثين من سبتمبر، وستظل المجموعة المصورة متراصة على جدران جاليري بيت الصورة حتى العشرين من أكتوبر المُقبِل.
طاف عصفور في بلدان خمس قارات يلتقط الصور، وكما لعبة الألغاز ظلت كل صورة تُكمل المعاني التي أراد الفنان الأردني إيصالها من خلال مشروعه "بائسة هي الأسلاك التي تمنع التواصل واللقاء والحياة، بائسة هي الأسلاك التي تشطر الرؤيا، وتمنع الحكايات من الاكتمال لتحيلها جمادًا رماديًّا حزينًا".
28 صورة تراصّت في أرجاء جاليري بيت الصورة؛ كل واحدة تعطي انطباعًا وأوصافًا مختلفة عن الأسلاك الشائكة، وأماكنها المتوقعة وغير المتوقعة "موجودة في الشارع، لكن المفاجأة أن تجدها أمام موج البحر!".
ظلّ تأثير الأسلاك الشائكة يطّن برأس عصفور، وأمام سيل من الأسئلة حول أسباب وجودها، كانت عدسته تبتلع صور أخرى تتحدى الحواجز المعدنية "الأسلاك الشائكة تمنع الناس من الحركة، لكنها لا تمنع العصافير من اختراقها، ولا الورد من أن ينبت داخلها".
لم يُفصِح مدير مسرح البلد في عمان عن الدول التي صور فيها مشروعه، أراد أن تظل الفكرة هي بطل حكايته وليس المكان وأن "الأسلاك الشائكة يضعها القاتل ليحمي نفسه من القتيل، يثبتها مدّعي القوة الذي يرتجف خوفًا من الضعفاء، ويغرسها المحتل ليحمي نفسه من أصحاب الأرض".
ذُهِل عصفور خلال جولته من كيفية تعامل البشر مع الأسلاك الشائكة، حتى وجد في إحدى الأماكن التي صور فيها "أناس يستخدمونها لبيع الملابس المستعملة في الشارع" كانت هذه الصورة بمثابة "الكوميديا سوداء" بالنسبة له.
أقام الفنان الأردني معرضًا أخر ضمن مهرجان الصورة في عمان، في مايو من العام الجاري، عن دور السينما التي توقفت عن العمل في نهاية التسعينات ودمر بعضها لاستغلالها في مشاريع تجارية، وتحت اسم "النهاية" يأتي مشروعه المُقبِل كمحاولة للتذكير بفقدان جزء من هوية المدينة الثقافية التي ساهمت دور السينما في تكوينها في مرحلة السبعينات والثمانينات.
في بداية معرض عصفور داخل جاليري بيت الصورة؛ تستقبلك كلمات هجائه للأسلاك الشائكة، التي تحجب الحياة إذ يقول: "أيّتها الأسلاك البائسة: أي هواءٌ يتكسّر عندما يعبرك، أي خيوط ظلام بارد أنت تكبّل الأرض الجميلة، أي بؤس جارح لخيوط الشمس أنت".
فيديو قد يعجبك: