إعلان

كيف تلاعب التعويم بـ"جمعيات" المصريين؟

07:41 م الخميس 05 يناير 2017

معاناة المواطنين بعد خفض قيمة الجنيه

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب-محمد زكريا:

في السنوات الماضية عرفت العائلة المصرية "الجمعية"، إذ عقدوا آمالهم على مبلغ يدفعه كلًا منهم شهريًا، ليحصل على رقم أكبر فيما بعد يضمن له شراء ما يريد، غير أن ارتفاع أسعار السلع خلال الفترة الأخيرة أطاح بأحلام البعض. بين فتاة على مشارف الزواج، شاب يسعى لأجل مشروع تجاري، آخر لشراء سيارة، يرصد مصراوي ما فعلته نتائج التعويم بـ"تحويشة" المصريين.

قبل 4 سنوات؛ تَحصل شقيق "إيمان مصطفى" على جميع الأجهزة الكهربائية بسعر 6 آلاف جنيه. لذلك بعدما عقدت إيمان خطبتها في العام 2014، قدّرت مبلغ 15 ألف جنيه للحصول على تلك الأجهزة في الوقت المحدد لإتمام زواجها "ساعتها عملت حسابي.. قولت أكيد الحاجة هتغلى السنين الجاية".

في العام الماضي شاركت صاحبة الـ23 عامًا والدتها ووالدها "جمعية" لجمع المبلغ المطلوب، قبل أن تُفاجئ الفتاة المقبلة على الزواج بإعلان الحكومة المصرية، في نوفمبر الماضي، رفع أسعار المحروقات، عقب ساعات قليلة من "تعويم" الجنيه، وبعد شهرين فقط من تطبيق ضريبة القيمة المضافة.

بعد شهرين من تطبيق الحكومة الإجراءات الاقتصادية الصعبة، ارتفعت أسعار الأجهزة الكهربائية لما يزيد عن الضعف، بحسب خريجة آداب الإعلام "في 2015 البوتاجاز كان بـ1800 جنيه بقى بـ5000 جنيه، وفي تلاجة وصل سعرها حاليًا لـ12000 جنيه".

ووفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفع معدل التضخم الشهري في أسعار الأجهزة المنزلية بنسبة 12.8% في نوفمبر مقارنة بأكتوبر الماضيين، كما ارتفع المعدل على أساس سنوي بنسبة 32.8%.

غير أن الفتاة العشرينية مضطرة لشراء تلك الأجهزة في أسرع وقت رغم ضَعف طاقتها على ذلك "التجار بيقولوا أشتروا دلوقتي؛ لأن الأسعار هتزيد تاني الشهر ده"، لذلك عزمت الاتفاق مع والدتها تجميع المبلغ المطلوب، من خلال "السلف وماما تبيع كام غويشة".. تقولها بحسرة.

الأزمة لم تفرق بين فتاة وشاب. فبعد أن تخرج "مصطفى محمد" من كلية الحقوق، كان عليه التخطيط لإدارة مشروع يخصه، يتكسب منه قوت يومه، ويعينه على مشقة الحياة المتزايدة.

1

في أكتوبر من عام 2015، قرر مصطفى تجميع أمواله، من خلال "جمعية" تستمر لـ30 شهر، فيما اختار أن يكون نصيبه منها "هقبض الاسم الأول في سبتمبر الجاي، والتاني بعده بـ3 شهور".

"ساعتها قولت هقبض 60 ألف جنيه وأزود 20 ألف جنيه من أهلي وأفتح قهوة".. يقولها باستهجان، فذلك لم يعد كافيًا في الوقت الحالي، بينما يتوقع أن يزيد الانخفاض في قيمة أمواله المُستحقة مُستقبلًا.

نتيجة لضياع مشروعه، عقد صاحب الـ25 عامًا النية على توجيه تلك الأموال للسفر "هجيب فيزا لدولة محترمة، وأشوف شغل بـ3 أو 4 آلاف درهم.. أصل هعمل أيه ده الـ80 ألف دلوقتي ميجيبوش حتى عربية فيرنا".

شراء سيارة "أكسنت" بسعر 35 ألف جنيه؛ تيسر على مندوب المبيعات بإحدى شركات القطاع الخاص معاناته مع وسائل المواصلات، كان دافع "محمد طارق" مشاركة أصدقائه "جمعية"، تَحصّل بمقتضاها على 15 ألف جنيه، قبل 6 أشهر.

بعدها قرر خريج كلية التجارة المشاركة بأخرى لتجميع نفس المبلغ "قبضت نص اسم 5 آلاف جنيه في ديسمبر اللي فات، والشهر ده هقبض اسم كامل"، غير أن ارتفاع سعر السيارة "المُستعملة" لما يصل إلى 60 ألف جنيه، قضت على رغبة صاحب الـ24 عامًا في الحصول عليها، قبل أن يقرر في النهاية توجيه المبلغ الذي احتفظ به، مضافًا إليه 5 آلاف أخرى "خدتهم من أمي"، لأحد البنوك الحكومية في صورة شهادة استثمارية يصل عائدها لنسبة 20% "قولت على الأقل العائد يساوي معدل الانخفاض في قيمتهم".

انخفاض قيمة العملة المحلية، نتيجة زيادة معدلات التضخم، أزمة كبرى تواجه المواطنين العاديين؛ بعد الارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات التي تمس حياتهم اليومية.

ويرى صلاح هاشم، أستاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم، أن هناك حلولًا عدة للحد من تفاقم تلك الأزمة؛ واحدة منها تتمثل في الحد من التهرب الضريبي الذي يصل نسبته لحوالي 60% من دافعي الضرائب، من خلال وضع آليات جديدة تتوصف في تسهيلات تمنحها الدولة للمُقدمين على الدفع، مما يزيد من الحصيلة الضريبية، ويرتب زيادة الدعم الحكومي على السلع ومن ثم انخفاض أسعارها.

حل أبعد يجده هاشم في حديثه لمصراوي، من خلال حصر الدولة لجميع السلع التي تستوردها من الخارج، مع تقديم تسهيلات ضريبية تصل حد الإعفاء على المشروعات التي تقوم بإنتاج تلك السلع، ومن ثم زيادة حجم الإنتاج المحلي؛ الذي يساهم في انخفاض الأسعار في الأسواق ويحل من أزمة توفير العملة الأمريكية.

ارتفاع الأسعار دون توقف، لم يدع لطارق أي فرصة للتغلب عليه، رغم محاولاته المستمرة في ذلك. في حين يرى مصطفى أن الظروف المعيشية الصعبة تفوق قدرته على المحاولة، خاصة أنه مُقبل على الزواج. بينما يعتقد أستاذ التنمية والتخطيط أن الدولة لا تملك أي استراتيجية واضحة للتغلب على تلك الأزمة المتفاقمة. فيما تعاني إيمان بسبب مصاريف الزواج المتزايدة، قائلة: "نفسيتي بقت في الأرض أنا وأهلي".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان