صحفية سورية قضت 13 شهرا في سجون "الأسد".. ولازالت تحارب (حوار)
كتبت-دعاء الفولي:
الثورة بالنسبة لها حلم ينتظر الاكتمال. جرّف نظام "الأسد" حيوات المواطنين، لم يُبق لهم سوى فتات، من تلك البقايا نسجت لونا وطفة الحرية، حين هبّت المظاهرات في مارس 2011، كانت من أوائل المنضمين، ووقت أن ضيّق النظام خناقه على القرى الثائرة وحاصرها، ساعدت الشابة السورية على إغاثتهم بشتى الطرق، فصار القبض عليها من قبل عناصر الأمن جزاءً لها، دارت لثلاثة عشر شهرا بين الأفرع الأمنية والسجن المركزي بدمشق، ذاقت جحود النظام؛ تارة بالتعذيب، أخرى بحرمانها من أطفالها، حتى خرجت بمعجزة، ومعها فكرة جديدة لمؤسسة ترعى حقوق المعتقلات السوريات، إذ أنها رغم ما حدث، لم تفقد ثوريتها بعد.
-في البداية، من هي لونا وطفة؟
أنا من العاصمة السورية دمشق من مواليد 10/3/1981. حاصلة على شهادة البكالوريوس في الحقوق من دمشق عام 2010\2011 ولم استمر بالدراسات العليا بسبب اندلاع الثورة السورية، بدأ العمل الثوري بالمظاهرات والإغاثة إلى أن أصبح ذلك مستحيلًا بسبب الحصار وتزايد الاعتقالات، بالإضافة لكذب الإعلام التابع لنظام الأسد، كل ذلك جعلني أفتح بابًا جديدًا للعمل لصالح الثورة ألا وهو الصحافة، درستها افتراضيًا عبر مؤسسات سورية منذ 2013 وحتى اعتقالي بداية العام 2014، وعدت لمزاولتها إبان خروجي من الاعتقال.
-ما ملابسات القبض عليكِ؟
كان هناك اتفاق مع صديق موجود داخل الغوطة الشرقية بريف دمشق المحاصرة لإدخال مبلغ مالي لمساعدتهم على تحمّل مشاق الحصار، قبل إيصال المبلغ للأشخاص الذين كانوا سيدخلونه للغوطة، تم إلقاء القبض عليّ بكمين في وسط دمشق من مكان عام في الساعة العاشرة صباحًا، لم تكن تلك الدفعة المالية الأولى التي أدخلها للمناطق المحاصرة.
لاحقًا تم اقتيادي للصرافة لاستلام مبلغ الحوالة المقرر إرساله للغوطة ومن ثم لفرع الأربعين الأمني في دمشق، بعد ساعتين من بداية التحقيق التي لم يحصل فيها المحققون على أي اعتراف مني تم اقتيادي لمنزلي حيث صادروا كل ممتلكاتي المالية والالكترونية، وتم اعتقال ابني البالغ من العمر حينها أربعة عشر عامًا تحت تهديد الاعتراف بكل شيء أو تعذيبه أمام ناظري وإحضار ابنتي ( 11 عاماً ) من المدرسة وتعذيبها. اكتشفت لاحقًا أنهم لم يعتقلوهما ولكنهم أجبروا ابني "عبادة" على الاختباء حتى لا أراه وبقي مختبئًا بعد خروجنا من المنزل لأكثر من ثلاث ساعات غير قادر على الحركة وأصيب برضة نفسية شديدة استمرت آثارها لمدة طويلة، وكذلك كان الأمر بالنسبة لابنتي سارة.
-ما التُهم التي وُجهت إليكِ؟
أولا "تمويل الثورة" حيث اعتاد نظام الأسد على تسمية كل ما يخص العمل الإغاثي لصالح الثورة والمحاصرين والمدنيين بالتمويل. والتهمة الأخرى كانت الترويج الإعلامي بسبب عملي الصحفي وخاصة توثيقي لمجزرة الكيماوي التي حدثت في أغسطس 2013 وراح ضحيتها 1500 مدني. بالإضافة لاشتراكي بتأسيس منظمة الاتحاد النسائي السوري الحر.
-بأي سجن كان اعتقالك، وهل تنقلت من سجن للآخر؟
السجن هو سجن دمشق المركزي في مدينة عدرا، وهو المكان الذي تصل له المعتقلة بعد انتهاء مرحلة التحقيق الأولى في الأفرع الامنية وتنتظر محاكمتها أو الإفراج عنها، أما الأفرع الأمنية فهي كثيرة، تنقلت بين ثلاثة أفرع أمنية على مدى شهرين ببداية الاعتقال وهي تابعة لأمن الدولة "فرع الأربعين-فرع الخطيب-فرع الأمن القومي أو المخابرات العامة" أُعيد التحقيق معي في كل فرع انتقل له، تعرضت للتحرش الجسدي في فرع الأربعين، التعذيب الجسدي في فرع الخطيب، بالزنزانة المنفردة بسبب إضراب قمت به في فرع المخابرات العامة.
-صفِ لنا أحوال السجن؟
لم يكن السجن بالشيء الممكن الاعتياد عليه أو تحمله؛ الظروف الصحية حيث لا شمس ولا هواء متجدد، الأعداد الكبيرة المحشورة في مهاجع لا تتسع لها، الضوء القوي المسلّط علينا ليلاً نهارًا، انتشار الأمراض الجلدية والقمل مع عدم كفاية الدواء أو العلاج، وعلى سبيل المثال حين كنت في الفرع الأول( الأربعين ) كنت وحدي في زنزانة منفردة مخصصة للمعتقلات وهناك تحرش بي عنصر الأمن المسؤول عن المنفردة، أما التحقيق فقد كان جحيما، إذ استمر التحقيق الأول معي منذ الساعة الحادية عشرة صباحًا و حتى الساعة الثالثة فجرًا، لا أذكر كيف صمدت مع بقائي واقفة معظم الوقت، كدت أقع مغشيًا علي من شدة الإرهاق بعد انتهاء أول تحقيق.
الأفرع الأمنية غالبا ما تكون أبنية قديمة، جدرانها مهترئة، المهاجع دائما مهما بلغ حجمها فهي صغيرة مقارنة بالأعداد المحشورة فيها،حتى أننا كنا لا ننام إلا بوضعية التسييف (أي على الطرف الأيمن أو الأيسر) متلاصقات مع بقاء قسم منا واقفاً لتتمكن الأخريات من النوم بهذه الطريقة.
أما أجنحة سجن النساء الذي قضيت به المُدة، كانت خمسة، اثنان مخصصان للمعتقلات السياسيات "قسم إيداع لصالح محكمة الإرهاب، و قسم توقيف بعد العرض على محكمة الإرهاب" و ثلاثة للجرائم المدنية "قتل، سرقة، مخدرات و دعارة"، لاحقًا و بسبب تزايد أعداد المعتقلات السياسيات تم نقل الكثير منهن لأجنحة الجرائم المدنية، تنقلت أنا بين الخامس المخصص لإيداع الإرهاب و"جناح القتل" و "جناح السرقة" كعقوبة بسبب مساعدتي للمعتقلات. كان كل جناح في السجن يضم ستة مهاجع، وفي كل مهجع كان يُسمح فقط بسخانين كهرباء، وهو بالمناسبة ليس فقط لتحضير القهوة أو الشاي أو الطعام بل مصدر الدفء الوحيد. في أيامٍ كثيرة وبسبب استمرار الاشتباكات خارج السجن كنا نبقى بدون ماء أو كهرباء لأيام متتالية.
-هل اختلفت المعاملة من فرع أمني لآخر؟
الظروف في كل الأفرع مهينة جدًا، عوملنا كأننا حشرات يجب القضاء عليها، حتى من قبل الطبيب الذي كان يعالج بشكل جزئي إصابات التعذيب الجسدي، لا بغاية العلاج بحد ذاته بل بغاية استعادة قدرة الجسد على تحمل المزيد. كان الطبيب عسكريا، يضع الكمامة ويرفض لمسنا أو الاقتراب منا، وهذا كان شأن العناصر والمحققين بشكل خاص. التمادي بالإهانات الجسدية والنفسية كان يعطيهم شعورًا خالصًا بالمتعة لذلك لم يكن هناك من سبيل للحد منها.
-ما أسوأ المواقف التي مررتِ بها خلال الاعتقال ؟
اعتقال ابني أمام عيني وعبثية محاولاتي مساعدته، كنت قد وعدته ألا يمسهم سوء من خلال نشاطاتي بالثورة إلا أنني لم أحافظ على وعدي له، لم يكن الضرب والإهانات و سوء المعاملة بشيء لم استطع التعامل معه بسبب معرفتنا الجيدة بعدونا الذي ثرنا عليه ومدى قذارته، كما أني لم أرَ أبنائي طيلة فترة اعتقالي إضافة لتصفح المحققين لصوري الخاصة على جهازي المحمول والتهديد بنشرها في حال لم أعترف بكل شيء.
-هل رفيقات السجن كُن ضالعات في السياسة أم أن الاعتقال كان عشوائيًا؟
الضالعات في السياسة من بين المعتقلات لم تكن تتجاوز نسبتهنّ العشرين بالمئة، وهذا يثير تساؤل لماذا يعتمد نظام الأسد على الاعتقال التعسفي أو العشوائي أكثر من اعتماده على ملاحقة ناشطي الثورة؟ وهناك عدّة إجابات؛ فالاعتقال يبيح لنظام الأسد ممارسة إذلال شعب قام بثورة ضده، خاصة من خلال النساء.
وحين يضطر النظام للتفاوض أو إجراء مبادلات أو مصالحات خضوعًا للمجاملات الدولية فهو بحاجة لعدد كافٍ من المعتقلين، ولأنه لن يخرج معتقلي الرأي والضالعين حقًا في العمل السياسي ستكون هذه الاعتقالات العشوائية بمثابة المنقذ له، وهذا ما حدث حين تمت المصالحة الوطنية في الشهر السادس من العام 2014.
-ماذا عن أعداد المعتقلات معكِ والطعام بداخل السجن؟
في السجن المركزي كانت المهاجع كبيرة، تقديرًا 24 مترًا مربعًا، إلا أنها رغم كبرها لم تكن لتستوعب 35\40 معتقلة في كل مهجع وهذا كان العدد الموجود فيها بالنسبة للمعتقلات السياسيات، الأغلبية كانت تفترش الأرض، وأكثر ما يثير الاستياء هنا هنّ المتقدمات بالسن واللاتي لم يسلمن حتى من التعذيب أو ظروف السجن السيئة، كذلك أصحاب الاحتياجات الخاصة. أذكر حين وصولي ببداية الشهر الثالث من العام 2014 للسجن المركزي و تسليمي بطانيتين عسكريتين فقط، افترشت إحداهما تحتي والأخرى فوقي، لم يكن ذلك كافيًا البتة، وبقيت على هذه الحالة أسبوعين قبل أن أحصل على بطانية إضافية، أكملت بتلك البطانيات الثلاث الأشهر السبعة الأولى من اعتقالي، حيث لاحقًا حصلت على سرير.
الطعام في الأفرع الأمنية يختلف حسب الفرع، ومن خلال تقديم الوجبة كنا ندرك الليل من النهار، الوجبة الأولى بفرع الخطيب مثلًا، كانت تقدم في الخامسة عصرًا كغداء والأخرى في الثانية فجرًا كإفطار، الكمية بكل الأحوال لا تكفي. كان الطعام عبارة عن أرز غير مطبوخ بشكل كامل مع القليل من القرنبيط المسلوق فوقه أو الجزر، الإفطار صحن من اللبن الرائب، أو بيضة مسلوقة لكل معتقلة، وللذكور نصف بيضة. وأحيانًا زيتونًا كما كنا نحب أن نمزح حينها ونقول "مقطوف من الشجرة الآن" حيث أن مراره كان يضاهي مرار تلك اللحظات.
في السجن المركزي كان الطعام وجبتين، في تمام الساعة التاسعة صباحاً تعطى كل معتقلة ما بين الرغيف و الثلاثة أرغفة من الخبز لكامل اليوم مع قطعتين من الجبن المثلث كإفطار، والغداء في الثالثة ظهرًا كان أرز و مرق فاصولياء مع قليل من حبات الفاصولياء فيها، أو شوربة فقط، أو برغل و عدس "مجدرة"، طبعًا يصاحب الأكل بعض الحشرات، أو يأتي فاسدًا، لذلك الاعتماد على الطبخ هو الأنسب، لكنه كان يسبب مصاريف إضافية غالبًا لا يمكن تحملها بسبب غلاء أسعار المواد الأولية داخل السجن واستغلال جمعية رعاية المساجين للوضع هناك.
أما الاستحمام كان بدلو كبير من الماء نضع بداخله سلكًا كهربائيًا وهو ما يجعل الماء يسخن، مع كل مخاطر هذه العملية إلا أنها كانت الوحيدة للحصول على ماء ساخن.
-كيف كان يومكن داخل السجن؟
بعد انقضاء أوقات التعذيب، سواء تعذيب الآخرين أو تعذيبك أنتِ أثناء التحقيق، أو الترقب خوفًا من سماع اسمك في لائحة الاستدعاء للتحقيق، فغالبًا كنا نقضي الوقت في إيجاد وسائل للتكيف مع الحياة البدائية هناك. حيث أن أدنى وسائل ممارسة الحياة غير متوفرة "وسادة، ملعقة، مواد تنظيف، صحن أو حتى كأس للشرب".
كانت مهاجع السجن تفتح أبوابها بضع ساعات من النهار، بعض المعتقلات ملأن الوقت بالأعمال اليدوية كالخرز أو الصوف ويعتشن منه، قبل أن يصبح حتى هذا العمل ممنوعًا، وأيضًا كل ما له علاقة بالثقافة أو التعلم كان مُحرمًا للمعتقلات السياسيات، فمثلاً قد تعاقبين إن وجد بحوزتك دفتر أو قلم أو حتى كتاب. تقدمت بطلب للقيام بدورة محو أمية لتعليم مبادئ القراءة والكتابة للأميات ورفض دون مبرر. استطعت بالخفاء أن أمارس القراءة والكتابة وحدي، اضطررت بكثير من الأحيان أن أكتب في الحمام أو أقرأ تحت غطاء السرير.
الفراغ والملل والتقوقع واليأس هي الأمور التي تشغل الوقت اللزج داخل السجن. كي لا أستسلم لهذه الحالة في السجن المركزي، حاولت أن أجعل لوقتي قيمة، بداية بممارستي لدراستي القانونية من خلال تقديم الاستشارات القانونية أو كتابة جلسات الدفاع أو طلبات الاسترحام للمعتقلات، وكنت حريصة ألا يتوقف العمل الإغاثي داخل السجن من خلال مساعدتنا لمن لا تأتيها زيارة، وأعانني في هذا الموضوع الكثير من المعتقلات المقتدرات، إضافة لخبرتي المتواضعة في مجال الإسعاف النفسي الأولي للمعتقلات من خلال دورات تدريبية خضعت لها في بيروت، إضافة للعمل القانوني والإغاثي والنفسي كان العمل الإعلامي موجودًا، إذ قمت بتسريب بعض الرسائل من وراء القضبان باسم "لونا العبد الله" وهو الاسم الوهمي الذي كنت أكتب به قبل اعتقالي.
-هل تم عرضك على المحكمة أثناء فترة اعتقالك؟
في محكمة الإرهاب التي استحدثت بعد الثورة لا يوجد ما يسمى بمحاكمة، هناك فقط ملفك المرفق من الأفرع الأمنية التي تم التحقيق معك بها مع اعترافات غالبيتها تحت التعذيب. في حالات نادرة يخرج المعتقل من محكمة الإرهاب بريئًا، وفي معظم الأحيان يتم توقيفه و يعاد إرساله للسجن ليبقى هناك دون أي تحديد للمدة الزمنية التي من الممكن أن يبقى بها هناك، عدا عن دور المحامي الصوري في محكمة الإرهاب حيث لا يسمح له بالترافع عن أي موقوف يتوكل عنه، المسألة مسألة واسطة أو مال.
الأسوأ من محكمة الإرهاب كانت المحاكم الميدانية العسكرية المُستحدثة خلال الثورة وهي محاكم لا وجود حتى للمحامي فيها ولا يقبل حكمها الطعن بالمطلق وتنفذ أحكامها ميدانيًا أشدها الإعدام وهو الأغلب وأقلها ما بين الخمسة والعشرين و الثلاثين عامًا في السجن، وغالبًا ما تكون هذه المحاكم للمتهمات بدم أو سلاح في الثورة، كمثال كان هناك الصديقة "سارة علاو" فتاة تبلغ من العمر تسعة عشرة عامًا اتهمت جزافًا، بتفجير جامعة دمشق لأنها طالبة هناك واحيلت لمحكمة الميداني العسكري، قضت حتى الآن عامين في السجن دون معرفة ما سيؤول إليه مصيرها.
-كيف جاء إطلاق سراحك إذًا وهل تضامنت معكِ أي منظمات مدنية؟
دفعت المال الكثير لأخرج، لم يكن هناك من حلّ آخر، وليس من السهل على معارض سياسي أن يدعم النظام بالمال ليطلق سراحه، إلا أن خذلان العالم الخارجي لقضية معتقلي ومعتقلات الرأي، وخذلان جميع المنظمات الحقوقية لنا لم يترك خيارًا سوى هذا، أو البقاء في السجن إلى أمد غير محدد.
علمت بوجودي هناك منظمة الصليب الأحمر حين قاموا بزيارة لسجن النساء المركزي، وبرغم أنني كنت عضوًا بمنظمة الهلال الأحمر وإثباتي لذلك أمام المنتدبين لزيارتنا من الصليب إلا أن أحدهم لم يحرك ساكنًا تجاه حالنا المتردي.
-كيف اختلفت الحياة بعد السجن؟
حين خرجت من المعتقل كنت قد فقدت الإحساس بكل شيء، لم أستطع الفرح بإخلاء سبيلي بعد ثلاثة عشر شهرًا، أطفالي لم أشعر بهم رغم الفراق المضني والطويل، وهذا ما سبب لي انهيارًا عصبيًا حادًا سرعان ما أدخلني المستشفى بعد خروجي من المعتقل بأيام، لقد بقيتُ قوية في مواجهتهم داخل السجن لكن عندما خرجت أيقنت أنهم أخذوا مني القدرة على الإحساس بالأشياء.
-هل بقيتِ في سوريا عقب انتهاء الاعتقال؟
بعد خروجي المشروط من المعتقل جاءني تحذير من المحامي الخاص بي بوجوب مغادرة سوريا بأقرب وقت، لأن القاضي كان ينوي تحويل قضيتي لجنايات الإرهاب وبهذه الحالة سأعاد إلى السجن لمدة لا تقل عن سبع سنوات، غادرت سوريا بعد الإفراج عني بشهرين.
-من أين جاءت فكرة منظمة معنية بالمعتقلات السوريات؟
بدأت "ليليت" -منظمة سورية غير حكومية- بفكرة جماعية من داخل السجن المركزي بدمشق، المعتقلة السابقة "أمل نصر" وبعض المعتقلات الأخريات شكلنا من خلال الاجتماعات السرية فيما بيننا نواة المنظمة، وتعاهدنا أن نكمل ما بدأناه خارج جدران الزنازين، بدأت "ليليت" بالدعم إغاثيًا و نحن لازلنا داخل المعتقل من خلال مساعدة من هنّ بحاجة، والدعم فكريًا من خلال تلك الجلسات التي لم تستمر لأكثر من شهر واحد فقط، أُخلي سبيل "أمل" قبلي بعشرة أشهر تقريبًا، حين خرجت عدنا للتواصل و بدأنا العمل منذ مدة قريبة.
-حدثينا عن أنشطة "ليليت"؟
المنظمة تُعنى بشؤون المعتقلات وتوثيق الانتهاكات بحقهن في سجون السلطة ومحاولة تخفيف معاناتهن ضمن إمكانياتها البسيطة اقتصاديًا واجتماعيًا. أولى نشاطات المنظمة خارج السجن كان معرضًا للأعمال اليدوية التي صنعتها المعتقلات داخل السجن، لإعادة قضيتهنّ لدائرة الضوء، أقيم المعرض في ديسمبر 2015 بسويسرا بمناسبة الأسبوع العالمي لحقوق الإنسان وبالتعاون مع منظمة العفو الدولية ومنظمة رحيمي الأفغانية، وكانت "ليليت" حاضرة أمام مبنى الأمم المتحدة بجنيف لرفع أسماء وصور المعتقلين والمعتقلات بتاريخ 29/1/2016. وللمصادفة هو ذات تاريخ اعتقالي. لازالت المنظمة تخطو أولى خطواتها في هذا العالم، لكن إصراري على اليقين بالقدرة، وإيماني بالإنسان يجعلني أدرك أننا نستطيع أن نوجد الفرق في هذه الحياة، الإصرار والإيمان عنصران أساسيان في مواجهة الظلم.
فيديو قد يعجبك: