لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"الابن الآخر".. تناول ناعم للصراع العربي الإسرائيلي

03:47 م السبت 06 فبراير 2016

أفيش فيلم الابن الآخر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب: رنا الجميعي ويسرا سلامة:

إن كل الأبواب يجب ألا تُفتح إلا من جهة واحدة، وأنها إذا فُتحت من الجهة الأخرى، فيجب اعتبارها مغلقة لاتزال.. تلك المقولة التي خطّها غسان كنفاني في روايته "عائد إلى حيفا"، هي على العكس بالضبط مما أراد قوله فيلم "الابن الآخر"، الذي عُرض قبل أيام بمركز دال للأبحاث، في قرابة ساعة و45 دقيقة.

يتشابه خط قصتا الفيلم والرواية -غير معروف عن قصد أم لا- فالرواية الفلسطينية التي تحكي قصة أبوين تم تهجيرهم من حيفا، فيما ضاع ابنهما، وتربي بالبيت ذاته الذي تركاه، لكن كإسرائيلي، وحينما عادا بعد عشرين عام لإرجاعه، كان قد حمل الهوية الصهيونية، وأصبح جندي بالجيش الإسرائيلي، ورفض العودة، أما قصة الفيلم التي أخرجتها الفرنسية "لورين ليفي"، فتحكي عن أسرتين، فلسطينية وإسرائيلية، وفي الوقت ذاته بحيفا حينما وضعت ليلى -الممثلة عرين عمري- ابنها، ولدت أوريث -الممثلة ايمانويل ديفوس- هي الأخرى، وأثناء انفجار الصواريخ حدث الخطأ، وتم تبديل الطفلين في الحضّانة بمستشفى ريتشفيلد بحيفا.

كما تم التبادل مصادفة، اكتشفت العائلة الإسرائيلية الأمر بنفس الطريقة، حيث كان ابنهما جوزيف -الممثل جولز سيتروك- على موعد باختبارات الخدمة العسكرية، يخضع فيه إلى إجراء تحليل للدم، وبالمصادفة تتفحص الأم فصيلة دم الأأبن لتجد إنه A-، بعكس فصيلة دم الأب والأم معا A+، لتدور الام الإسرائيلية عن السبب، لم ترض بما قاله الأب إن الابن ربما حالة استثنائية، ليفتح الطبيب زميلها الباب بقوله "ربما هو ليس ابنك بالأساس، وتم تبديله أثناء الميلاد".

في الربع ساعة الأولى من العمل، التقت العائلتان بداخل غرفة المستشفى، أمام مديرها الذي كان متواجدا أيضا أثناء التبديل، بدا المشهد صعبا لشرح الموقف لكلا العائلتين، واحدة عربية تربي طفلا اسرائيليا، والأخرى اسرائيلية تربي طفلا عربيا، ليفتح الفيلم بتلك المصادفة في الولادة أسئلة عدة أمام الجمهور عن الهوية، والدين الذي اختلط في ذهن الابن الاسرائيلي، وعن الوطن الذي زُرع بداخل كلا منهما، ليكتشفا في ليلة واحدة إن كل واحد منهم هو "الابن الآخر".

تلّقت الأسرة الفلسطينية الخبر بمزيد من الصدمة، كلا الأسرتين اتخذتا موقف مقارب للأخرى، فالوالدتان ما يهمها هو الولدين، جوزيف وياسين -الممثل مهدي دهبي، أما الأبوين فالإنكار كان رد فعلهما، وهو ما أشارت إليه المخرجة، لورين، في حوار معها، حيث أكدّت رغبتها بأن يكون الصمت هو سبيلهما، سعيد "الأب الفلسطيني" والذي أداه الممثل خليفة ناطور، وكذلك الأب الاسرائيلي ألون، أداه الممثل باسكال إلبي، أسرى لانفعالتهما عن القضية التي يمثلها كليهما.

"رسالة سلام" كما أشارت المخرجة عن الفيلم، في تحرك سلس، أبلغت الوالدتان ابنيهما بالحقيقة، حيث ردّ جوزيف على أمه "هل سأحمل قنبلة متفجرة الآن؟"، ثم ذهب إلى الحاخام، سائلًا إياه هل سيظل يهودي، كانت الإجابة أن دمه القادم من فلسطين لن يجعله يهودي، بينما كان الابن الفلسطيني أكثر هدوءا.

تقبّل ياسين الحقيقة، فيما لم يقنع بها بلال أخيه الأكبر، بطل الفيلم ذو الثمانية عشر عام، قادم من باريس بعدما مُنح البكالوريوس، ومايزل يحلم ببناء مستشفى في قريته الصغيرة، إلا أن أخيه لم يعد يشاركه نفس الحلم، وهو القضية التي تعالجها لورين بفيلمها، وكيف يُمكن تقبله، هل يُمكن أن تتبدل الهوية بهذه السهولة؟

الخلفية القادم منها ياسين، بسبب دراسته بالخارج، جعلته يتقبلها بسهولة، بدأ بالذهاب لتل أبيب، وتقضية بعض الوقت مع جوزيف، يضحكان معا، ويذهبان إلى حفل أحد الأصدقاء، يبيعان المثلجات للسائحين الإسرائليين معا، لكنه لا يعبر إلى الجهة الأخرى، الجهة القادم منها الفلسطيني، قبل نهاية الفيلم يجد جوزيف نفسه أمام ضباط إسرائيليين يفحصون هويته، حيث يعبر إلى قرية ياسين، يرى الفقر بنواحي البلدة، يدخل إلى منزل آل البزاز، وتُقبله ليلى.

مثلما تغيرت صورة الضفة الفلسطينية أمام جوزيف، كان ياسين على موعد بمشاهدة الجانب الاسرائيلي، الذي تلون في ذهنه بأنه العدو، بعدما عبر بسهولة إلى الضفة الأخرى، وشاية يبدو إنها انطلقت للجنود على المعبر، عرفتهم إن "ياسين" هو اسرائيلي الدم، كلمة من أحد الجنود "حاول تعلم العبرية الآن"، كما شاهد بحر تل أبيب، ليقول لجوزيف إن هذا البحر ممنوع على الفلسطنيين في الضفة الأخرى.

بعيدا عن الدم والانفجارات التي تغلب على مزيد من السينما التي تناقش القضية الفلسطينية، وكذلك بعيد عن الحجارة وأطفالها، نسج "الابن الآخر" عدة مواضع كان لها تأثيرا أكبر في المزيد من الأسئلة حول القضية الفلسطينية، هل ستظل كما هى في ابنا اكتشف انه اسرائيلي بالأساس؟، عبر عن ذلك ياسين بأنه لا يزال هو، وإنه يختار ما يؤمن به، وكيف لم يتقبل أحدا من الجانب الاسرائيلي هذا الوضع بعدما تعرض جوزيف للطعن في الجزء الآخر من العمل من عدة متطرفين.

السلام من وجهة نظر المخرجة ليفي، هو هذا، تقبل الهوية للآخر، حتى وإن كان يفصلهما الدم، لم تشير ليفي إلى الأوضاع المتدهورة بفلسطين، سوى بالجدار العازل، وكمائن التفتيش، ولم تبعد لأكثر من هذا، والذي يعد انتقادا للعمل الذي ناقش القضية كأنهما متماثلان في الصراع، بدا ذلك في نقاش حاد بين الأبوين، فيما كانت اللغة بالفيلم متقلبة بين الفرنسية، الإنجليزية، العربية والعبرية، للفيلم الذي انتجته عدة شركات أبرزها شركات فرنسية، أما الموسيقى فكانت من نصيب "ضافر يوسف".

وعلى الرغم من أن الطبيب بالمستشفى قال في مشهد ببداية العمل إنه سيترك للابنين حرية الاختيار في العائلة التي يعيشان بها، إلا أن مخرجة العمل تركت النهاية مفتوحة للجمهور، التعايش السلمي بين العائلتين كان النهاية دون أن ينتقل أحد إلى الجانب الآخر، تماما كالقضية التي لا تزال مفتوحة حتى الآن.

فيديو قد يعجبك: