إعلان

قصة 18 شهرا معاناة لطفلة البحيرة قبل انتصار "حكم السكر"

07:18 م الأربعاء 03 فبراير 2016

علياء عبد المجيد- الطالبة والمريضة بالسكر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - يسرا سلامة:

في صباح الغد الخميس، ستقطع السيدة "سناء علي محمد" مسافة تقدر بالساعتين من منزلها في شبراخيت إلى مقر مستشفى أبو الريش في دمنهور، تتنقل بين مواصلات متنوعة، وفي يدها كل أوراق ابنتها الطفلة علياء عبد المجيد عوض، الطالبة بالصف السادس الابتدائي والمريضة بمرض السكر المزمن، بين تلك الأوراق حكم من دائرة البحيرة، أدان فيه – للمرة الأولى بحسب الحكم- امتناع وزارة الصحة السلبي عن علاج الطفلة، هز الحكم وزارة بأكملها، ولم يسفر الروتين عن "تذكرة" واحدة تكتب لابنتها العلاج اليومي.

في منزل بسيط بمدينة شبراخيت بالبحيرة، تقطن علياء، ذو الحادية عشر عاما، برفقة أخوين عوض وعمرو، أب يكدح بالفلاحة أو البناء، أينما توفر "أكل العيش" يتواجد، أم بسيطة، انهكتها الحياة بعد قرابة خمسة سنوات من الكعب الدائر على علاج الأبنة، منذ أن دخلت الصبية في غيبوبة، نقل الأم مسرعة إلى وحدة التأمين الصحي بشبراخيت، تأشيرة إلى العناية المركز في جامعة طنطا، تبعها أياما عرفت فيهم السيدة أن الفتاة مصابة بمرض السكر المزمن، استوجب معه أنبوبة للعلاج، تعلمت الأم من هذا الحين كل ما يتطلبه إنقاذ بنتها، من ضرب الحقن وحتى إسعافها إذا فجأتها غيبوبة السكر..

رغم المرض، تأخر تسلم الطالبة لقلم الانسولين، الأم تقول إن الاجراءات تأخذ وقتا، من حينها لم تسير إجراءات صرف العلاج في موعدها، من شبراخيت إلى طنطا إلى دمنهور، كانت الأم تتحرك خلف علاج ابنتها، غياب طبيب دفعها لآخر أعطاها علاج جديد، عرفت فيما بعد أنه لمرضى السكر من الكبار، استوجب أن تعالج الفتاة بجرعات مختلفة "قالولي طالما خدت جرعات الكبار ما ينفعش ترجع تاخد علاج الأطفال"، هذا العلاج "اللانتوس" كان سببا في رفع القضية أمام محكمة دمنهور.

بقيمة 320 جنيه في الشهر، تحتاج الطفلة الجرعة، لم تسعفها ضيق يد أهلها، بعدما أحالها موظف التأمين إلى "المنفذ"، مقر شراء الأدوية إعلانا برفض أن تأخذ الطفلة علاجا مجانيا، تقول الأم "كنت بقطع من قوتي وقوت عيالي عشان أجبلها العلاج"، تذكرة العلاج تُصاحب بتعليق "روحي دوري على صيدلية تدهولك"، تصرف الأم العلاج من صيدلية في دمنهور شهريا.

طريق طويل، قطعته الأسرة الصغيرة بين المرض والقضاء، حتى الرابع من سبتمبر 2014، تاريخ تحفظه الأم لحكم المحكمة الصادر بوجوب علاجها مجانًا على نفقة التأمين الصحي، غير أن أوراق الأحكام لا تسري على روتين لم تقترف فيه الطفلة أو الأم أي ذنب، الدواء المطلوب لا يتواجد في شبراخيت أو إيتاي البرود، لكن في دمنهور، ومن أجله تحتاج الأم "تذكرة صرف" من شبراخيت، يتم رفض اعطائها "الدكتور بيقولي اديكي تذكرة صرف ع المنفذ، يعني اصرفه بفلوس، لكن مش أديكي تذكرة صرف على دمنهور".

الأزمة بدأت للأم عقب أن طلب التأمين الصحي بدمنهور من المرضى أن تأتي بتذاكر الصرف مباشرًة، وليس بأوراق المريضة، هذا القرار من تأمين دمنهور كان من شأنه التيسير على الزحام والتكدس على الصرف، لكنه لم يسعف أم علياء، لأن العيادة الشاملة بشبراخيت لا يوجد بها ما تطلبه من جرعات الدواء لابنتها، مضيفة "هنا مش فاهمين حالة بنتي، وان الدوا لو اتأخر عليها مش هتعيش، المريض ملوش أي قيمة".

"كل اللي طالباه أن تتكتبلي تذكرة خارجي من شبراخيت لدمنهور أصرف بيهم العلاج لبنتي".. تلخص الأم الأزمة التي ستدفعها لطريق طويل شهريا يبدأ من السادسة صباحا وفي أفضل الأحوال ينتهي في مساء اليوم، بعد طريق طويل تقطعه لدمنهور، وانتظار للأطباء، رضا يترك مسحته على الأم رغم الألم، فوجئت من نشر القضية في الإعلام إن فتاة حصلت على حكم استثنائي "القاضي قال حكمت المحكمة القضية اتلمت، محدش سأل ولا عرف أن فيه ذل ومهانة ورا الحكم، ولا الدوا بتصرف وحياة بني آدمة متوقفة على تذكرة".

حياة متفوقة دراسيا، تحياها علياء المريضة، "بتجيلي كل سنة بشهادة"، تقولها الأم فرحة بابنتها التي تصبح كل عام من الأوائل، تدعو لها كل ليلة بالشفاء، وعي الأم وتمسكها بحق ابنتها دفعها للقضية، تقول قبل أن تنفرط باكية لو أم غيري كانت يئسِت من بنتها.. لكن لأ، أنا كل ليلة أدعيها، وأجري وأتبهدل ع المستشفيات لجل العلاج، وربنا يجعل لكل شيء سبب، وأستحمل عشانها أي مرمطة وشحططة وبهدلة"، تترك السيدة أولادها من أجل البحث عن علاج للابنة المتفوقة.

فور المرض، زارت الأم مدرسة الفتاة، مدرسة المجاهدين الابتدائية بشبراخيت، بحثت عن عيادة صحية في المدرسة لم تجد، عرفت أنها زائرة صحية تتواجد من فترة لأخرى، فوجئت بعدم وجود جهاز الأنسولين، قالوا لها "لما يبقى فيه حالات كتير نجيب الجهاز"، تعقب "يعني حياة بني آدمة ما تسويش جهاز؟ وكام حد لازم يجيله سكر من الاطفال لأجل الجهاز؟"، دارت على المعلمات تشرح لهم حالة ابنتهم "لو حبت تروح الحمام ما تمنعوهاش، لو عطشت سبوها تشرب، أو لو جالها غيبوبة تكلموني".

"حكم القضية تعبني وبهدلني، استحملت ووصلت، لكن من ساعة قرار المستشفى في دمنهور وأنا مش عارفة أصرف العلاج".. شقاء الأم لا تتحمله الأبنة المريضة "لو راحت معايا المستشفى مرة ما تجيش مرة تاني، مش بتستحمل الطريق الطويل"، تفسر الأم، تصمم "كل اللي بتمناه أن الدواء يكون سهل لبنتي، أو يتصرف هنا قريب في شبراخيت، أنا مش همشي من المستشفى المرة الجاية إلا لما أخد علاج ليها، ولله الأمر لو ما خدتوش".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان