دراسة ترصد القصور التاريخية بمدينة الأقصر وتطالب بتحويلها لمزارات سياحية
الأقصر (د ب أ)
تشتهر مدينة الأقصر الأثرية في صعيد مصر، بمزاراتها ومعالمها الفرعونية، التي يتوافد السياح لزيارتها من معظم بلدان العالم ، كما تعرف الأقصر بأنها تحوى بين جنباتها عشرات المعابد ومئات المقابر التي شيَدها ملوك وملكات ونبلاء مصر القديمة.
لكن كثيرين لا يعرفون ، أن تلك المدينة الضاربة في أعماق التاريخ، تضم بين جنباتها ، مجموعة من القصور التاريخية ، التي تهدم بعضها وبقى الآخر شاهدا على تقدم فنون العمارة المصرية حتى اليوم.
ويرجع اسم الأقصر الذى أطلقه العرب على المدينة نتيجة لتعدد قصورها، فقد أطلق عليها هيرودوت ابو التاريخ اسم مدينة "المائة باب"، وذلك نظرا لاتساع معابدها وتعدد أبوابها، وسميت باسم "واست" بمعنى الصولجان "رمز الحكم والسلطان" وعاصمة مصر الفرعونية لمدة ألف عام من الزمان.
وأطلق المصريون في الدولة القديمة اسم "المدينة الجنوبية" تمييزا لها عن "منف" العاصمة القديمة، ثم أصبح اسمها "نوت" أي المدينة فقط باعتبارها عاصمة للإمبراطورية المصرية في الدولة الفرعونية الحديثة، وفى العصر البطلمي أطلق عليها لقب "سيدة كل المدن"، حتى جاء العرب وأطلقوا عليها اسمها الحالي "الأقصر" وهو جمع لكلمة قصر، وذلك بعد أن شاهدوا انتشار القصور بها .
وبحسب دراسة حديثة، للباحثة المصرية مديحة أحمد ابوالمجد، فإن مدينة الاقصر تحتوى على العديد من القصور التاريخية، بينها قصر السلطانة ملك، وقصر باسيلى باشا، وقصر الشتاء، وقصر يسى باشا أندراوس، وقصر نفرتاري، وقصر بيت شيكاغو، وقصر عبود باشا.
وتشير الباحثة مديحة أحمد ابو المجد في دراستها الصادرة عن مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية، في حديثها عن قصر السلطانة ملك الذى كان يطل على نهر النيل الخالد، ويجرى تحويله إلى منتجع سياحي ، إلى أن السلطانة ملك هي ارملة السلطان حسين كامل الذي حكم مصر في الفترة من 19 ديسمبر عام 1914 الي أن توفي في 19 اكتوبر .1917
ولفتت الباحثة إلى السلطنة ملك أقامت في هذا القصر ليكون مشتي لها حيث انها كانت تقضي الشتاء بالأقصر والصيف في اسطنبول ، وموقع القصر كان علي النيل مباشرة قبل النوفوتيل والبوابة الخلفية له امام المدرسة الثانوية بالأقصر وكان هذا القصر تحفة فنية ومعمارية غاية في الروعة والفخامة .
وأشارت الدراسة إلى أن اسباب هدم القصر غير معلومة حتي اليوم ،ولم يبق من القصر سوي هذا الجزء من بقايا البوابة الخلفية .
"أعظم قصور الأقصر"
وتشير الدراسة إلى أن قصر باسيلي باشا، يعد من أعظم قصور الأقصر، وقد أقامته الحكومة الفرنسية، ولم يكن يضاهيه في الفخامة والفن المعماري، حتي قصر السلطانة ملك، لكن القصران يشتركان في أنهما أعظم ما بني في الاقصر.
وتقول الدراسة إن قصر باسيلي بني في ولاية أسماعيل باشا وقد قامت الحكومة الفرنسية ببنائه لقنصلها وكان من أقوي الأساسات بناء وافخمها عمارة، وقد جرى هدمه في الستينيات من القرن الماضي ايضا، أما عملية الهدم فقد كانت شاقة ومزعجة وذلك نظرا لمتانة القصر وصلابة عمارته ولقد هدم هذا الصرح العظيم وبيع الرصاص الذي كان في كل ارضيته بارتفاع 114 مترا بالكيلو وكذلك بيع الحديد المشغول والاخشاب والرخام وحتي البلاط وطوب البناء فقد كان مميزا ومستوردا من ايطاليا.
بينما كان قصر مينا بالاس مملوكا للوجيه "زكريا بدار" الذى كان عضوا بمجلس النواب عن دائرة الاقصر، واستضاف هذا القصر، ولي عهد اثيوبيا هيلا سلاسي امبراطور اثيوبيا فيما بعد اثناء زيارته للأقصر وذلك بصفة صاحبه نائب الأقصر في البرلمان المصري آنذاك، وكان في هذا المنزل محلا للتصوير الفوتوغرافي لمصور الماني اشتهر بشهرة واسعة لتصويره لآثار الأقصر وزوارها من مشاهير العالم، طوال القرن الماضي وهو المسيو جورج لايستر، وقد هدم القصر، برغم تاريخه المجيد وماضية العريق.
"قصر الشتاء"
وتقول الدراسة إن قصر الشتاء، المعروف باسم فندق وينتر بالاس حاليا، هو الاعظم بين مباني الاقصر وأعرق فنادقها من حيث تاريخه واستقطابه لمشاهير واعلام القرن الماضي العالميين والمحليين ، ويستقبل القصر المشاهير في العالم حتى اليوم.
وحسب الدراسة، شيد هذا القصر عام 1903 وأشرفت علي بنائه شركة توماس كوك العالمية وقد بني علي الطراز الفيكتوري وكان من أول نزلائه الملك فؤاد وكان للملك فاروق جناح خاص هو داخل القصر يطلق عليه حتى اليوم اسم "رويال سويت" ويعرف ايضا باسم جناح الملك فاروق وكذلك نزل به تشرشل واجاثا كرستي وجين فوندا، والملك خوان كارولس ملك اسبانيا، وشاه ايران والزعيم اليوغسلافي تيتو، والملك المغربي محمد الخامس والرئيس الجزائري أحمد بن بيلا والزعيم الافريقي لومومبا و جيمس بيكر.
ويلاصق قصر توفيق باشا اندراوس الموجود حتى اليوم معبد الأقصر الفرعوني ،وقد كان يشغله كريمات توفيق باشا اللاتي تعرضن للقتل في حادث مجهول داخل الاقصر قبيل سنوات ، وهو معروض اليوم للبيع، من قبل ورثته ، وسط رفض واسع من محبى الآثار في مصر .
وأستقبل هذا القصر سعد باشا زغلول زعيم ثورة 1919، خلال رحلته الشهيرة على صعيد مصر لجمع تفويضات من المصريين للتحدث بأسمهم من سلطات الاحتلال آنذاك .
وقصر يسى باشا أندراوس، هو ملاصق لقصر توفيق باشا وأعظم منه فخامة معمارية، واستقبل هذا القصر المشاهير من زوار الاقصر منهم الأمير امبرتو ولي عهد ايطاليا وغيره ممن زاروا الاقصر عقب اكتشاف مقبرة توت عنخ امون عام 1922 وبنى القصر على الطراز الايطالي وكان فخما ، و جرى هدمه مؤخرا.
"قصر نفرتاري"
ويقع قصر نفرتاري، حسب دراسة الباحثة المصرية ميرفت ابو المجد، بشارع معبد الكرنك، في وسط مدينة الأقصر، وشغله لفترة من الزمن معهد حكومي لترميم الآثار، وصاحب هذا القصر هو نجيب بك ميخائيل بشاره، وقد بني هذا القصر علي طراز الباروك الإيطالي ويلاحظ ان جميع مبانيه مدهونة من الخارج باللون الأبيض وكان ملحقا بالقصر حديقة خلفية، ولكنه هدم أيضا ضمن مشروع أطلق عليه المثلث الذهبي لمدينة الأقصر، وهو مشروع يهدف لإقامة منتجع سياحي تكون محاوره مطلة على معبد الكرنك ومعبد الأقصر وطريق الكباش الفرعوني.
وأنشى قصر وبيت شيكاغو علي كورنيش النيل بالأقصر، عام 1924 وكان الهدف الأساسي من بنائه هو القيام بتصوير ورسم المناظر الموجودة في مقابر الاقصر ومعابدها مما يسهل النشر العلمي لها وكان يهدف أساسا الي ادخال العلم الحديث في ترميم وحفظ الاثار، ويحتوى بيت شيكاغو على أرشيف ومكتبة خاصة تعد أكبر أرشيف فوتوغرافي للأقصر وآثارها علي مستوي العالم.
بينما يقع قصر عبود باشا بمدينة أرمنت في جنوب الأقصر، أو ما يعرف حاليا بقصر الزناتي وهو ملكية خاصة لأحد رجال الاعمال ويعد من أجمل القصور الموجودة بالأقصر ولم يلق مصير غيره من القصور التاريخية التي تعرضت للهدم.
وطالبت الباحثة ميرفت ابو المجد في دراستها، بضرورة الحفاظ على ما بقى من قصور تاريخية في الأقصر، وضم تبعيتها لوزارة الآثار المصرية، وتحويلها لمزارات اثرية، وإقامة متحف خاص يروى ويوثق ما هدم من قصور كانت تشتهر بها مدينة الأقصر.
فيديو قد يعجبك: