"وعليكم السلام".. كيف واجه محمود عوض بارود الصهاينة بالقلم
كتب- يسرا سلامة وإشراق أحمد:
تصوير- حسام دياب:
كانت الأجواء في مصر تتقلب على الجمر لرد هزيمة 67، النفوس متحفزة، الحناجر تلتهب بالصراخ من أجل المواجهة، والأقلام تنبري من الغضب، فيما كان محمود عوض، يقبض على قلمه بروية، حميته لا تقل عن الآخرين، لكنه أيقن أن التصدي للعدو يتحقق بتمام إدراك فكره، وأن الهزيمة "بدأت في اللحظة التي أهملنا فيها معرفة العدو"، ليبصر مبكرا حقيقة الصراع المستمر على الحدود.
لم يتوان "عوض" في طرق كل الأبواب، حتى تصل حقيقة إسرائيل لأبسط البيوت المصرية. في وقت تعالت الأصوات متفاخرة بالسلام، ظل يعكف على مشروع يتركه للأجيال، هو في ظاهره سطور مكتوبة، غير أن باطنه ينطوي على حلم بحار جريء غاص في تاريخ عدو أفتك أسلحته هي أن يمحو الذاكرة
الاطلاع على الصحافة الأجنبية والغربية كان بداية "عوض"في طريق التمرد على وجود الكيان الصهيوني، محملا بصدمة هزيمة 67 كما يقول الكاتب عبد الله السناوي، فيما يؤكد شقيقه طه عوض القصة بقوة إتقانه للغة الأجنبية.
لكن الاطلاع وحده لم يكفيه، فبدأ يسأل عن مؤلفات حول المحتل، واتخذ من "النبش" وراء العدو مشروعا شخصيا، لذا حين سقطت على مسامعه معلومة أن معهد ناصر للعلوم العسكرية به مئات الكتب عن إسرائيل، تستقدمها الدولة المصرية في عز حاجتها للأموال وقت الحرب، فيما بدت تلك الكتب كأنها لم تُفتح.
ممنوع من التداول.. بداية الطريق
كان ذلك في نهاية الستينيات حين بدأت تجربة مجلة "آخر ساعة" تخرج من خضم مؤسسة أخبار اليوم، وقد تواصل معه رئيس تحريرها آنذاك يوسف السباعي، من أجل كتابة مقال عن إسرائيل.
"كيف تفكر إسرائيل".. كان بداية العهد بين قلم "عوض" ومشروعه في التنقيب عن الكيان المحتل، نُشر المقال في المجلة الوليدة، في الوقت الذي بدأ به "يقرأ ويشوف ويعرف عن إسرائيل" بحسب قول شقيقه، وصل صدى المقال إلى رئيس تحرير أخبار اليوم الكاتب إحسان عبد القدوس، فوجه اللوم لـ"عوض" عن كتابته لمثل هذا المقال الفريد لغير جريدته الأم، ليبدأ صحفي أخبار اليوم في نهاية عام 1971 رحلته مع سلسلة "ممنوع من التداول".
بواقع مراجعة كتاب واحد كل أسبوعين لـ"عوض"، كانت أخبار اليوم تطالع قرائها بعرض لكتاب ممنوع عن إسرائيل، في صفحة كاملة أو صفحتين، فيما يتبادل معه الكاتب "عاطف الغمري" في الأسبوعين الآخرين مراجعة للكتب الإسرائيلية بشكل عام. بروح الباحث والصحفي دأب "عوض" على الكتابة، يتجنب العرض الدعائي لإسرائيل، يدقق بالمعلومات، يختار أبرزها، وتحت ديباجة توضع في أعلى المقال يكتب موضحا "عن وجود بعض التفسيرات المضللة في الكتاب فإن أخبار اليوم تقدمه بلا تعليق حتى يعرف القارئ العربي كيف يفكر عدوه وكيف يصور نفسه للرأي العام العالمي".
"جولدا مائير" لصديقتها ماري سيركين، "بناء الجيش الإسرائيلي" لإيجال آلون، "الجيش والسياسية في إسرائيل" لعاموس بيرليموتر.. 9 كتب عكف "عوض" على عرضها بدعم رسومات فناني الكاريكاتير مصطفى حسين ورؤوف، وتحت اسم باب "اعرف عدوك" حتى عام 1972 أخذ يتجول الصحفي بين بداية تكوين الجيش الإسرائيلي، يرصد النظريات العسكرية ضد العرب، يبين كيف تكونت أول كتائب يهودية مسلحة في فلسطين كجزء من الجيش البريطاني.
استراتيجية "عوض" في التنقيب وراء المحتل
بين الكتب الإسرائيلية الممنوعة بحث "عوض" وراء ضرورة ما على العقل العربي أن يعرفه منها خاصة في تلك الفترة التالية لهزيمة 67، فيرصد في فبراير 1972 من الكتاب الثالث "الميراج ضد الميج" –تأليف الصحفيان الإسرائيليان بن بورا ويوري دان- ترويج إسرائيل لرؤيتها للصراع الجوي بين سلاحي الطيران المصري والإسرائيلي، لكن كعادة "عوض" لم يكن يترك سرد المعلومات والتفاصيل دون إيقاظ القارئ "من الهواء.. خلقت إسرائيل أسطورة روجتها في كل أنحاء العالم، أن الطيار الاسرائيلي أكبر كفاية من الطيار المصري، وهذا الكتاب الاسرائيلي يرصد أن الطيران المصري هُزِم في الحرب قبل أن تبدأ".
عاش "المتمرد" ضد الاعتراف بوجود العدو، وكانت مقالاته بداية سعيه للتأكيد على مفهوم القوة الرابض في الفكر الصهيوني؛ لم يستعرض ما تحويه الكتب الإسرائيلية فقط، بل تعامل مع ما ورد بروح الباحث عن الحقيقة، يفتش عن الأحداث الواردة في نفس اليوم الذي تذكر فيه إسرائيل واقعة بعينها، يقارن الوثائق المنشورة، يفند الأكاذيب، ويربط بين الأحداث في مسح رأسي عُرفت به كتاباته، فيطوف في كتاب "التاريخ الإسرائيلي لحرب 67" يتتبع مشاهد وقعت في التوقيت ذاته بين عدة عواصم –القاهرة وموسكو وتل أبيب وواشنطن بالإضافة إلى سيناء، لينقلها بالساعة والدقيقة، يجمع بها بين المعلومات والأدب في السرد.
ظهرت الطبعة الأولى لـ"ممنوع من التداول" في 5 يونيو 1972، الذي صدر عنه ثلاث طبعات في النصف الثاني من العام ذاته، وواصل صحفي أخبار اليوم عرض الكتب الإسرائيلية حتى الثالث من يونيو 1972، انقطع بعدها عن السياسة لفترة من أجل معايشة مع الفنان العالمي أنطونيو كوين بنيويورك، نشرت بعنوان "أفكار المستر زوربا"، ليعاود الكتابة بعد انتصار أكتوبر في 17 نوفمبر 1973 لرصده كتاب "فلسطين أم إسرائيل" للكاتب اليهودي "جو نكيمش"، رغم أنه كاد أن يُمنع ويتسبب في سجن صاحبه.
النجاح المُلفِت للكتاب الأول لـ"عوض"، أحدث التباس عند الفريق محمد فوزي وزير الحربية آنذاك، ليهاجم في جلسة لمجلس الوزراء الكتاب باعتباره قد يحطم الروح المعنوية للقوات المسلحة، واستند وزير الحربية حينها إلى أنه إذا كانت "ظروف الحرب تقتضي أن تعرف عدوك لكن أيضا أن تحمي شعبك من الدعاية الكاذبة للعدو الصهيوني"، غير أن مطالبة رئيس الوزراء عصمت عبد المجيد بتأجيل الحوار لحين تواجد وزير الإعلام عبد القادر حاتم أتاح الفرصة أمام فوزي لقراءة الكتاب، لتنعقد الجلسة التالية لمجلس الوزراء، ويتراجع عن اعتراضه على الكتاب قائلا "إنه عمل وطني رفيع"، فيما كتب وزير الإعلام مدافعا عنه بما نُشر في مقدمة الكتاب معتبرا أن "عوض" طبق قاعدة "من تعلم لغة قوم آمن مكرهم"، وإن الكتاب يخاطب الأجيال القادمة ويعلمهم كيف يخطط العدو وكيف يضلل الرأي العام.
التنكيل بـ"عوض" بسبب كامب ديفيد
ذاع صدى "ممنوع من التداول" حتى بلغ إلى تهافت الإذاعة المصرية على "عوض" للتعاقد معه، لتقديم برنامج "من قلب إسرائيل" لمدة 5 دقائق، يحكي طه عوض شقيقه. حينها طرق البرنامج الإذاعي على "الشرق الأوسط" يوميا أبواب البيوت المصرية، حتى بلغ الأمر إلى تأكيد تقارير المتابعة الدورية للإذاعة أنه الاكثر شعبية بين برامجها، إذ اعتمد على تقديم ما يشبه نشرة ثقافة سياسية بسيطة عن الكيان الصهيوني، ووقتها انزعجت إسرائيل وانتهزت فرصة اتفاقية كامب ديفيد وطلبت وقف البرنامج، خاصة بعد تعليق "عوض" على مجيئ وزير الدفاع الإسرائيلي "مناحم بيجن" إلى القاهرة وعرضه لمشروع وصول مياه النيل لإسرائيل، قائلا "دي وقاحة يا مستر بيجن"، ليقف البرنامج الإذاعي للأبد.
ولأن لـ"عوض" مبدأ ضد إسرائيل، فمن حاباها كأنما صار عدوا شخصيا له، ظل وقع سيرة الرئيس الراحل أنور السادات ثقيلًا على نفس الكاتب منذ أعلن عقده السلام مع إسرائيل، "مكنش بيطيق يسمع اسم السادات" كما يقول شقيقه، ولموقفه هذا انعكس سهم الاحتفاء إلى الأسفل، توقف كل شيء على حين غرة، وأصبح لمحمود عوض حظا من اسم كتابه: ممنوعا من التداول. سواء بجريدته أخبار اليوم أو الإذاعة، ولم تسلم دفات كتبه عن إسرائيل من التنكيل، فظلت مسودة "وعليكم السلام" أسيرة التحفظ منذ مارس 1979 حيث أنهاه، ورفض طباعته بالخارج، "وحينما تغيرت الظروف وأصبح ممكنا خروجه إلى النور بمصر" حسب تعبير عوض نفسه، وصدرت الطبعة الأولى منه عام 1983.
ماذا يفعل الكاره بجيرة العدو؟
رغم ما لاقاه "عوض" لكنه لم يسمح باستغلال تمرده ضد العدو، في وقت كانت تعلو الأصوات، محاولة التشويش على أي نبرة معارضة لكامب ديفيد، فرفض "شيك" أرسله له مرسي سعد الدين رئيس الهيئة العامة للاستعلامات حينها، لكتابة مسلسل إذاعي "كانوا بيشتروه بأسلوب خفي عشان موقفه من اسرائيل" حسبما روى طه شقيقه، ففطن لذلك ورفض فيما ذكر الكاتب يسري فودة موقف مشابه من قبل الإسرائيليين أنفسهم عرضوا على عوض شيكا على بياض يبدأ من 50 ألف دولار للاشتراك في فيلم عن حتمية السلام مع إسرائيل، ليرفض الكاتب مرة أخرى قائلا "يستخدمون اليوم عصا موسى، وغداً سيستخدمون عصا فرعون.. وأنا يكفيني الكُشرى والبطاطس".
ظل الكاتب الصحفي على عهده في المقاومة، لكنه ما توقع أن يجُبر هو ذاته على رؤية راية العدو مرفرفة جوار شرفته. كان "عوض" يسكن بشارع أنس بن مالك المقابل لجامعة القاهرة، هناك حيث عمارة عائشة راتب مكث منذ عام 1974، حتى تفاجأ يوما ببناء طابقين بالعقار المجاور له، وأبصر نجمة داوود مُحلقة بعدما اتخذت السفارة الإسرائيلية موقعها في ذلك الشارع، ليصبح العدو عام 79 جارا لأكثر كارهيه، وكانت "نكبة" للكاتب الصحفي.
كاد "عوض" أن يجن برؤية العلم الأزرق يوميا، وغلق الشارع لأجل السفير الإسرائيلي، شوهد في أسوأ حالاته "لو كان عارف مكنش قرب من الجيزة كلها" يعبر شقيق الراحل عن نفوره وضيقه بما تبع السلام مع إسرائيل.
وقتها عكف "عوض" على كتابه الجديد، هو الأكبر والأكثر ثراءً فيما كتب عن الكيان الصهيوني. كان "وعليكم السلام" أبلغ رد عن حالة التسلل، ثم كتم الأنفاس وفرض السلام الموائم لمصالحها الذي تتبعه إسرائيل، ومَثَله موقع سفارتها.
"آباؤنا حدثونا عن كل شيء إلا عن حجم الخطر الاسرائيلي على حدودنا" ذلك تماما ما أراده "عوض" منذ خطت يداه الكتابة عن الصراع العربي الإسرائيلي، أن يترك وثيقة معرفة تحفظ للأجيال حقها في إعداد العدة والعتاد أمام عدو لا يبخل بوسيلة من أجل إتمام مشروعه. ورغم أن "وعليكم السلام" ليس الكتاب الأخير له عن إسرائيل، إلا أنه بدا كأنما وضع به "عوض" كل ما يملك من طاقة وروح.
"عليكم السلام" وليس على الصهاينة
19 نوفمبر 1977 ذهب "السادات" إلى الكنيست الإسرائيلي، ملأت الغصة قلب "عوض"، غير أنها زادت مع سماع الكلمة الأولى للرئيس "السلام عليكم"، رأي الكاتب الصحفي أن السلام لا يأتي إلا بقوة "والقوة لا تتعلق بما نحن عليه، وإنما تتعلق أساسا بما نريده"، وهو ما لم يجده منذ إعلان كامب ديفيد، إذ فرضت إسرائيل شروط بالمعاهدة وقبلت بها مصر، رغم أنها صاحبة الانتصار، لذا اعتبره "عوض" سلام يخدم مصالح العدو، وهو ما أعتده سلام على مصر وليس لها، فكان كتاب "وعليكم السلام" حاملا رسالة لكل مَن تتصور له نفسه التعامل مع إسرائيل.
كان الكتاب الثاني لـ"عوض" هو موسوعته عن إسرائيل. في كل صفحة سطرها، تستشعر كم كان ينزف تعبا ليتمرد بالمعرفة، بتفاصيل ينتشلها من آبار عميقة، تعود لقبيل كتابته بنحو أكثر من مائة عام، للحديث عن أول تصور صهيوني متكامل في ثلاثينيات القرن الـ19، وليس كما اعتاد تداوله بأنه مع انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول بقيادة تيودر هرتزل 1897، يضغط على الجروح المتقرحة في هيئة أسئلة عن ذنب مصر في الحرب، وما قدمته لفلسطين، فيفند برشاقة بين زخم المعلومات رؤيته بأن الأمن القومي يبدأ بحماية الحدود الخارجية وليس الداخل كما يظن البعض، ويعود للحظة اضطرار الجيش المصري وقت محمد علي للانسحاب من الشام –فسطين ولبنان وسوريا كما كان يطلق على تلك البقعة كاملة- وكم كان هذا بداية التدهور الداخلي لمصر حتى وصل الأمر إلى احتلالها.
لضم "عوض" خيوط تتبعه للكيان الصهيوني، التي بدأها منذ "ممنوع من التداول"، باتت رؤية الدولة المخترقة للحدود العربية منذ إعلان حملها في رحم بريطانيا أكثر وضوحا، مع المذكرة التفصيلية للورد آشلي -المليونير اليهودي من أوائل الواضعين لمشروع إعادة توطين اليهود في فلسطين- إلى وزير الخارجية البريطاني "بالمرستون"، بدت كيف تلاقت مصالح الأضداد بدعوى بدء مشروع للتنمية في فلسطين.
تتبع "عوض" حتى دراسات المؤتمر اليهودي العالمي، وكيفية حصول إسرائيل على تمويلها، وهجرة اليهود من كافة بقاع العالم، ودور الوكالة اليهودية داخل وخارج فلسطين، ومحاولة استمالة مصر منذ 1839 بدعوى السلام مرورا بعام 48، ثم وثق رؤيته بما حدث أثناء المفاوضات "الساداتية" مع إسرائيل في ثمانينات القرن الـ20.
ومثلما ولى المتمرد اهتماما بالعدو، عمل له الأخير حساب، إذ يذكر هشام عيسى الطبيب المسؤول عن إمداد الجيش المصري بالدم في حرب أكتوبر، أن أحد زملائه حينما عاد بعد وقوعه بالأسر سأله إن كان يعرف الكاتب محمود عوض، فأجابه "عيسى" بالإيجاب مستفسرا عن سبب السؤال –كما جاء بمقال للكاتب سعيد الشحات بجريدة اليوم السابع- ليخبره الطبيب الأسير أن الإسرائيليين وجهوا إليه عدة أسئلة كان آخرها "هل يوزعون عليكم كتب محمود عوض من باب التوجيه المعنوي للقوات المصرية؟".
كأنما يترك رسالة في زجاجة يريد أن تصل لأقدام الواقفين على شواطئ الخطر، أكد "عوض" أن أساليب العدو السياسية لن تختلف، حلل استراتيجيته الصهيونية "تحاول أن تخفي تماما الهدف السياسي للمشروع الصهيوني، ثم هي تحاول أن توهم بأن هناك مزايا اقتصادية لمصلحة جميع الأطراف". كان بإمكانه أن يركن لنبرة التشدق بالقومية، ويكتفي بسطور متوالية من الصراخ بأن إسرائيل عدو مهزوم حتما، وأن النصر للعرب يقينا، لكنه ما فعل، بل اندفع بإنصاف يحلل ويصف الأمور بقدرها، لا يتجاهل بالخطأ بها "إن المأساة العربية في الصراع العربي الاسرائيلي يمكن تلخيصها في عبارة واحدة: إن إسرائيل كانت تستعد دائما للمستقبل بينما نحن نستعد للماضي وكانت إسرائيل تثق في قدرة القوة بينما نحن نثق في قدرة الحق".
رسالة البحار قبل الرحيل
بات "عوض" مرجعا لكل الباحثين في الشأن العربي الإسرائيلي، بجانب كتابته عدة مقالات ثرية عن الصراع في مطبوعة الحياة اللندنية، وكانت القضية العربية تملأ روحه ودمه حتى بعد أن أوهنه المرض، فعلى فراشه أخذ يكتب وثائق -لأول مرة- عن حرب الاستنزاف تلك الحرب "المستحيلة" كما وصفها، عاقدا عهد أخير وكلمات اتخذت مكانها في مقدمة كتابه الثالث والأخير "اليوم السابع": "إنها ليست قضية تاريخ مضى، فالقضية ما تزال معنا حتى الآن".
مع اقتراب النهاية، اختار "عوض" أن يكتب عن المجهولين في حرب الاستنزاف، التي تمت بحوالي ثلاث سنوات قبل انتصار أكتوبر، عايش كفاحهم كأنما أراد أن يتسلح هو بزادهم، وأن يضم نفسه لصفوف "المجهولين" طوعا قبل أن يُقحم إليهم عنوة بفعل النسيان. أنهى "عوض" كتاب اليوم السابع، اسماه بهذا في إشارة ليوم النصر بعد ستة أيام حرب النكسة 1967، لكنه استشعر دنو الأجل، فأوصى شقيقه بطباعته، ليصدر كتابه الأخير في عام رحيله، مطويا على حكايات أشخاص استماتوا في محاربة العدو، إيمانا بقضية لم يكن وصفه لها ببعيد عنه "قضية أن تكون لك كرامة، وأن تعيش مرفوع الرأس.. لم تكن القضية جملة عابرة في حديث أو مزايدة في خطاب، لقد كانت قضية حياة أو موت، وقد اختاروا الموت".
تابع باقي موضوعات الملف:
محمود عوض.. المُتمرد لوجه الله (ملف خاص)
1- مشاهد من مسيرة ''محمود عوض'' في ليالي القاهرة
2- محمود عوض.. الموت في منتصف الجملة الصحفية
3- من أم كلثوم لـ''عدوية''.. محمود عوض يكتب لمن يهواه القلب
4- بـ6 شخصيات.. محمود عوض يستعين بالأطفال للتمرد على الأدب
5- على الدَرب.. يسري فودة يروي ذكرياته مع ''الأستاذ'' محمود عوض (حوار)
6- كيف تصنع صحيفة جماهيرية في 3 شهور؟.. الإجابة: محمود عوض
8- كواليس أول تكريم للصحفيين على يد محمود عوض
9- أعمال محمود عوض.. أوراق ضد النسيان (إنفو جراف)
فيديو قد يعجبك: