لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

اذكروا "بوستات" موتاكم.. مهند إيهاب ليس الأول

08:23 م الثلاثاء 04 أكتوبر 2016

مهند إيهاب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد مهدي:

لا شيء سوى الظلام والبرد، ثلوج شهر فبراير تغطي دروب منطقة "باب الدنيا" بسانت كاترين، مكان خالي من البَشر عدا 7 أشخاص، متناثرين في الأرجاء، كلا منهم مُغطى بكتل من الثلج، علامات الرعب تعلو ملامحهم، 3 منهم لقوا حتفهم، و4 آخرين يصارعون الموت، سرعان ما تم إنقاذهم، وسط صدمة من ذويهم وآلاف من تابعوا أخبارهم. في الوقت نقّب رواد موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" عن الصفحات الشخصية للضحايا، لنشر صورهم مُرفقة بدعوات لهم، وآخرين لتوجيه اللوم لهم أو اتهام بعضهم بأنهم ضد الإنسانية كما جرى مع المخرج الشاب "محمد رمضان".

اهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بالبحث عن صفحات الموتى ونَشر أشيائهم مع تعليقات مادحة أو مسيئة، يحدث كثيرًا، أخرها ما جرى مع الشاب العشريني "مهند إيهاب" الذي توفي مساء أمس متأثرًا بمرضه بالسرطان، بعد محاولات عديدة للتعافي.

صورة 1

بسمة عبدالعزيزة، كاتبة وطبيبة بمستشفى الأمراض النفسية بالعباسية، فسرت تلك الحالة، بأن هناك من يرغب في البحث داخل صفحات الموتى، للعثور على منشورات يتم اقتطاعها من السياق، لكي تخدم رغباته الشخصية.

كان مهند أُلقي القبض عليه مرتين من قوات الأمن، الأولى في ديسمبر 2013، بتهمة التظاهر ضد النظام، وهو لايزال في سن 17 عاما، حيث حُكم عليه بالسجن 5 سنوات، ثم خفضت لـ 3 أشهر في الاستئناف. مرة أخرى في فبراير 2015، وتم ترحيله إلى سجن برج العرب، هناك اكتشفوا إصابته بالسرطان قبل أن يخلى سبيله بسبب المرض.

موجة من التضامن العاطفى انتشرت أمس الاثنين، على "فيسبوك" حزنًا على وفاة الشاب الصغير، بعضها حملّ الدولة مسؤولية النهاية المأساوية التي آل إليه وضع "مهند" بعد إصابته بالسرطان في السجن والتكاسل في علاجه بناءً على شهادة والده، و"بوستات" سابقة نَشرها الراحل على صفحته.

على مواقع التواصل الاجتماعي، انتشرت منشورات سابقة لـ "مهند" على مئات الصفحات الشخصية، كما تم وضع هاشتاج تحت مسمى "#مهند_مات"، فيما دُشنت عدة صفحات أطلق على نفسها "كلنا مهند إيهاب"، نَشرت فيديوهات و"بوستات" سابقة للراحل.

صورة 2

بسمة عبدالعزيز ترى أن من يُعيد نَشر التندوينات الإيجابية، يتجاهل كل ما هو سلبي، حتى يُظهر الشخص المتوفي بشكل طيب، موضحة أنه لا يوجد تفسير واضح لاهتمام المئات من الأشخاص بدعم شخص متوفي وذويه لكننا "مجتمع عاطفي وانفعالي بطبعه" -وفق تعبيرها.

خلال ساعات من رحيل "مهند" اختلف الوضع، هناك من اقتفى أثر الشاب العشريني على صفحته لسنوات، ليجد تدوينات له يمدح فيها تنظيم "داعش"، وصورة لإرهابين يذبحون أحد الأشخاص مُرفق بتعليق للشاب يُرحب بالأمر.

الطبيبة بمستشفى الأمراض النفسية بالعباسية اعتبرت تفرغ البعض لإبراز سلبيات شخص بعد رحيله، هو جزء من حالة الاستقطاب التي وجدت طريقها في المجتمع خلال السنوات الأخيرة، حيث تحول الناس إلى مؤيد للنظام أو معارض له، يبحث كلا منهم على تدعيم وجهة نظره دون موضوعية.

وأشارت إلى أن حالة التردي في المجتمع، والفراغ في العلم والأخلاق والمستوى النفسي والعاطفي، دفعت الناس إلى الانشغال بالأخر بشكل مبالغ فيه، بدلًا من البحث عن الذات ومحاولة التطور وفعل أمر مفيد.

موقف مشابه لما حدث لـ "مهند" و"رمضان"، جرت أحداثه العام الماضي، عندما أُعيد نَشر تدوينات دينية للشاب "أحمد الجبيلي"، بعد وفاته مباشرة بشكل مفاجيء مُرفقة بدعوات له، غير أن الأمر تغير تمامًا بعد توجيه اتهامات لزوجته بالاستيلاء على أموال الغير والهرب خارج البلاد، حيث علق ونشر عدد من رواد "فيسبوك" صوره ومنشوراته بتعليقات مسيئة.

صورة 3

يحيى- اسم مستعار بناء على طلب المصدر- أحد المقربين من الدرجة الأولى لـ "الجبيلي"، قال في تصريحات لمصراوي، إن العائلة تضررت من استغلال البعض للصفحة الشخصية للراحل، في البحث عن الشِهرة.

وأكد يحيى: أن الأسرة فوجئت بعد أزمة زوجة "الجبيلي" بإعادة نَشر صورة قبره، من قِبل أشخاص لا يعرفونهم، وأنهم زعموا أن الراحل كان يتاجر بوفاته "الموضوع وصل إنهم شككوا في موته".

واستطرد قائلًا:"الأسرة كلها أتاثرت بالسلب خاصة أن والدتي كانت بتتعالج من مرض صعب، وكانت بتشوف الكلام دا وبتضايق".

وأشار يحيى إلى أن الأسرة دافعت عن "الجبيلي" ضد من قاموا بتشويه، وحاولوا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مواجهة الأكاذيب.

بسمة عبدالعزيز تقول إن سببا آخر قد يدفع الناس إلى بحثهم عن سلبيات رجل متوفي، نتيجة غضبهم من التفاعل الانفعالي المبالغ فيه على مواقع التواصل الاجتماعي في مدح الشخص.

ولم تُفكر الأسرة في محاولة إغلاق صفحة "الجبيلي" الشخصية على "فيسبوك"، رغم الهجوم عليه، لأنهم كانوا يتلقوا الكثير من كلمات الدعم لهم والدعاء للفقيد، ولاعتقادهم أن صفحته قادرة على إفادة الشباب.

صورة 4

ويعتقد "يحيى" أن توظيف منشورات سابقة لمتوفين في اتجاهات متباينة تعود إلى أن "الناس ليها وجهات نظر مختلفة، وكل واحد بيحلل الكلام بطريقة معينة".

عائلة "الجبيلي" لم تلجأ للغلق، لكن ماذا لو رغبت أسرة في إنهاء كابوس تلصص البعض على صفحات أبناءهم الراحلين؟ يُجيب على هذا السؤال خالد عبدالقادر، خبير مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أشار إلى أن "فيسبوك" وضع إمكانية لهذه الأمنية.

عبدالقادر يوضح أن "فيسبوك" يسمح بالأمر بَعد تواصل أحد أفراد العائلة من الدرجة الأولى معهم، بشرط إثبات قرابته ووفاة الشخص المرغوب، من أجل في تعطيل حسابه الشخصي على الموقع الأزرق.

ونوه إلى أن "فيسبوك" لا يضع حظرًا على هجوم البعض على شخص متوفي، لأنه لا يمكنه التعرف على رحيل أحد رواده إلا من خلال رسالة من الأهالي.

وقال عبدالقادر إن "فيسبوك" أتاح لأعضائه إمكانية وضع ما يُشبه "الوريث" إلكترونيًا في حالة وفاته، غير أن هذا الشخص المؤتمن على الصفحة الشخصية للراحل لا يمكنه إحداث تغييرات واسعة أو غلق الحساب مُضيفًا: "ينفع يثبت بوست لكن لا يكتب حاجة ولا يمسح حاجة".

وأشار إلى أنه في حالة تعجل الأسر في إزالة "بوستات" أو صور مُحددة من صفحات ذويهم الموتى بعد إثارة اللغط حولها على "فيسبوك" يمكن عمل "ريبورت" لإزالة هذا المحتوى لأنها تشوه صورة رجل لا يمكنه الدفاع عنه نفسه.

فيديو قد يعجبك: