هل تأثر الصحفيون بقانون الإرهاب في أول اختبار له؟
كتبت – يسرا سلامة:
لم يكن حادث تفجير مبنى الأمن الوطني في شبرا يظهر للناس على شاشات الأخبار، أو على المواقع الإلكترونية، قبل وصوله إلى صفحات الجرائد، لولا طاقم من الصحفيين، تصل إليهم الأنباء ليعملوا على التأكد من صحتها، والقيام بواجبهم في الوصول إلى المعلومة الصحيحة ونشرها، غير أن للانفجار دوي آخر في أعين أبناء الصحافة، الذي يعتبر الانفجار أول الأحداث في ظل تطبيق قانون الإرهاب الجديد.
انتشر دوي الانفجار كالنار في الهشيم أولا على مواقع التواصل الاجتماعي في البداية، وتصبح كلمة ''انفجار'' الأكثر بحثا في دقائق على موقع تويتر، وتنتقل الأسئلة عقبها إلى المواقع الإلكترونية، ربما بنفس الطريقة ''أنباء عن..''، أو كما ذكر أحد المواقع وقوع انفجار وضحايا وجاري تحديد المكان، الأمر الذي أبرز مهنية كل موقع ونظيره، ضد مصادر إما لا ترد على الصحفيين، أو ترد ولا تملك الإجابة على السؤال الأكثر إلحاحا ''ماذا حدث''؟
سياسة تحريرية تخضع للقانون
صوت دوى في أنحاء متفرقة في القاهرة الكبرى بالإضافة إلى أماكن متفرقة في محافظة الجيزة، كان لـ''محمد جمال''، الصحفي في أحد المواقع الإلكترونية الخاصة، والذي اختار اسما مستعارا، خبرا يتحرى عنه، على مكالمة هاتفية مع زميل آخر سمع دوي الانفجار كلا الطرفين في المكالمة، وظن كلاهما أن الدوي من الطرف الآخر، ليبدأ الصحفي الشاب في التقصي وراء الحادث أملا في الخروج إلى خبر صحيح.
التواصل مع المصادر الرسمية في هذا الوقت لم تصل ''جمال'' إلى النتيجة، يقول ''كل المصادر لم ترد على الهاتف''، وذلك بعد دوي الانفجار، المصادر غير الرسمية بدأت في تسريب الخبر، نفته من مديرية أمن الجيزة والقاهرة، ويؤكد مصدر له أن الصوت نتيجة انفجار بشكل مؤكد، دون المزيد من التفاصيل.
الخبر المعنون بـ''أنباء عن انفجار..'' لم يأخذ حق النشر من ''جمال''، قائلا إن إدارة التحرير في الموقع – الذي تحفظ على ذكر اسمه-تخوفت من القانون، وفضلت أن تكتب المعلومة ليس من البيان الرسمي، ولكن من مصادر أمنية، رفض الموقع – في البداية-كتابة الخبر على لسان مصدر مجهل، ثم نقلته عن قنوات، ليؤكد مصدر غير رسمي في مديرية أمن القليوبية لـ''جمال'' أن الحادث وقع بها، ومنه تم نشره قائلا ''لم أضع في الحسبان أية قوانين للإرهاب، لو انتظرت بيان الداخلية مش هعرف اشتغل''.
يقول الصحفي أن وزارة الداخلية أيضا تسببت في أزمة للصحفيين في تأخر إصدار بيان عن الحادث، تجاوز ساعة ونصف، فيما سنحت الفرصة لتداول الشائعات، يقول ''جمال'' أنه سمع بهبوط كائنات فضائية، وشائعة أخرى عن طائرة اختراق للصوت بين الناس في هذا الوقت، قائلا إن موقعه الإلكتروني تخوف من تكلفة مادية يفرضها القانون، لن يتحملها إن نشر خبرا خاطئا.
ليلة البحث عن ''ترافيك''
''وقت اللا معلومة''.. هكذا قال أحد المراسلين المصريين لوكالة أجنبية – رفض ذكر أسمه لـ''مصراوي''- عن وقت انفجار مبنى الأمن الوطني، قائلا إن البيان الرسمي ألتزم بنشره، لكن كذلك بحث عن المعلومات ''على أرض الحدث''، دون التخوف من قانون الإرهاب، قائلا إن الرقابة الذاتية هي التي ألجمت عدد من الصحفيين وليس القانون، في حين من نشر أخبار ليست كاملة كان يبحث عن ''الترافيك''، أو القراءات المرتفعة للموقع.
يرى المراسل أن القانون الصادر رسميا في 17 أغسطس الجاري، والذي يعاقب بغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد عن 500 ألف جنيه كل من تعمد نشر بيانات غير حقيقية فيما يتعلق بالعمليات الإرهابية الواقعة داخل البلاد، لا يرى أنها تتعلق بهذا الحادث، لإن القانون الصادر خاص بحوادث العمليات في سيناء، قائلا إن هذا من شأنه فرض سيطرة الجيش على أخبار العمليات، لأسباب عدة منها ألا تؤثر على معنوية الجنود، وهذا هو المقصود من القانون وليس الحوادث الإرهابية التي تحدث ''تحت أعيننا''.
صحفي ينتظر البيان الرسمي؟
القانون الذي لم يمنع خبر الانفجار من الانتشار، لكنه أخره لدى ''ع.ع''، الصحفي بالحوادث في أحد الجرائد القومية، فعل كما قام به غيره في التقصي عن المعلومة من أفواه المصادر الرسمية، قائلا إن لواء واحد مسؤول في مديرية أمن القليوبية رد مساعده على الهاتف، بعد فترة تصل إلى النصف ساعة من دوي الانفجار.
''الدنيا مقلوبة، الناس أصبها الذعر، تلفوني لا يتوقف عن الرنين من أصدقاء وأقارب.. كل هذا لن ينتظر البيان الرسمي''.. هكذا قال الصحفي بجريدة قومية، لإن ذلك كما يرى يقلل من مهنية الصحفيين، مضيفا أنه بموجب القانون لن يتحول لصحفي بيانات، بحسب رأيه، ورغم ذلك كانت الأولوية في النشر بيان الداخلية، الذي يقول ''ع'' عنه أن تأخر جدا، بالإضافة إلى قصر المصادر الرسمية الحديث للوكالة والتلفزيون الرسمي فقط، بحسب ما يرى.
الرقابة الذاتية أسوأ؟
لم ير عضو مجلس نقابة الصحفيين ''خالد البلشي'' في الحادث أي علاقة بقانون الإرهاب، قائلا في تصريحه لـ''مصراوي'' إن المادة 35 من القانون تنطبق فقط على بيانات وزارة الدفاع والجيش، مضيفا أن عدد من الصحفيين ربما لا يدرك ذلك، أو يدركه لكنه مشبَع بالرقابة الذاتية، والتي ليس لها مادة في القانون.
يضيف ''البلشي'' أن القانون الصادر باسم الإرهاب الجديد يؤكد على تحري الدقة، فيما يتعلق ببيانات وزارة الدفاع، وأيضا أعداد الضحايا، أما حادث تفجير مبنى الأمن الوطني بشبرا، ربما لا ينطبق عليه هذا القانون؛ لقرب الحدث من الناس، ولتعلقه بمصادر أمنية ووزارة الصحة بعيدا عن الجيش والدفاع، ولا يعني هذا ألا يلتزم الصحفي بالمهنية، قائلا إن هذا القانون يتطلب إتاحة المعلومات للصحفيين، وكذلك عدم خوفهم بشكل مبالغ فيه
فيديو قد يعجبك: