لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور: بعد ثلاثة أيام.. متضررو حريق "الفجالة" تأكلهم نيران الحسرة

04:01 م الخميس 23 يوليو 2015

اثار حريق عقار الفجالة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي ودعاء الفولي:

جلس المتضررون حول ممتلكاتهم التي لم يبق منها أثر سوى رماد، ينتظرون لعلهم يستطيعون استعادة جزء مما فقدوه. دار الأسف بينهم في محيط العقار الذي أتاه الحريق، حول العمارة القديمة بالفجالة مرت عيون الفضوليين، وأصحاب أسئلة "هو ايه اللي حصل؟" وضاربي الكفوف، بينما قعد أصحاب الخسائر منهارين على ما احترق. لثلاثة أيام استمرت النار، استمد الشرر بقائه من خشب عتيق، تشتعل نيران طفيفة بين وقت وآخر، فيطفئها أحد رجال الحماية المدنية، فيما يقف آخرون على آثار الخراب، مُحاولين إيقاف كل الوسائل التي تُمكن النار من العودة ثانية.

الخامسة والنصف صباحا من يوم الاثنين الماضي، استيقظت محاسن ظريف على صوت ينادي "فيه نار.. فيه نار"، هرعت وزوجها جوزيف ظريف ليعرفان ما يحدث، ليجدا أن باب المنزل تأكله النار دون أن يمس لهيبها باقي الشقة "الباب كان فيه بؤر من النار حتت مولعة وحتت مطفية"، وصلت رائحة الدخان لباقي الأفراد المقيمين في المنزل، والبالغ عددهم 15 شخصا، أصغرهم بيتر ذو العشر سنوات.

ص1 (2)

مساحة شقة آل جوزيف كانت حوالي 400 متر، لذا مكث فيها أكثر من أسرة من نفس العائلة "دلوقتي حتى لو أخدنا تعويض هيكفي مين ولا مين، هيودونا شقة أوضتين في اكتوبر" قالت محاسن، فيما قاطعها الزوج قائلا "احنا متربيين هنا وحياتنا هنا وساكنين في الشقة من 60 سنة وأكتر".

بمدخل أحد العقارات المواجهة لمكان الحريق، جلست الزوجة، الزوج، الأبناء وبعض السكان يواسونهم، لا حيلة لهم سوى مشاهدة ركام المبنى المتساقط، ورائحة الاحتراق تملأ الأنحاء، منذ يومين يأتون في الخامسة صباحا ويمكثون حتى غروب الشمس "بنقول يمكن نلاقي حاجة بتاعتنا ناخدها"، حجم الخسائر أكبر من استيعاب العائلة "دهبنا والورق بتاعنا كله راح وجهاز بنتي كان فوق" قالت محاسن، مشيرة إلى بضعة صاجات حديدية ملقاة على الأرض لا هيئة لها "دة كان بوتاجاز جديد"، بجانبه شوال أبيض ممتلئ بقطع أخرى استطاعوا الحصول عليها.

ص2

على بعد أمتار من الأسرة جلست ثلاث سيدات، على وجوههن تبدو آثار الحسرة، تقول إحداهن إن مكتبتها التهمتها النيران، تصمت السيدة الثانية، بينما الثالثة تشرح كيف أن مكتبة "الأفضل" قد دُمرت بالحريق، والنار اشتعلت بالأربع محال التي تمتلكهن السيدات. تقول منى الأفضل إن حجم الخسائر عظيم "احنا داخلين على موسم والناس كلها كانت فارشة البضاعة".

استيقظت منى على تليفون قادم أن النار اشتعلت بالعمارة، لكن محلاتها لم تمسها النار بعد، حاولت دخول المكتبة لإحضار الأوراق المهمة فقط غير أن الشرطة منعتهن، لم تفقد السيدات ممتلكاتهن فقط، لكن أسر كثيرة خسرت مصدر رزقها "كان فيه عشرين عامل بيشتغلوا في الأربع محلات بتوعنا بس"، لا يعرفن إلى الآن مصير المحلات "محدش كلمنا عن تعويضات"، إلا أنهن لا يرغبن بالأموال بقدر توفير محلات بديلة في أماكن قريبة لنفس المنطقة.

3

حين حاصرت النيران شقة جوزيف انقسمت العائلة بين محاولة الهروب على السلم أو من النوافذ "سلم البيت أول حاجة ابتدت تتحرق وبالتالي مقدرناش كلنا نخرج منه"، كانت المياة منقطعة وقت الحريق "مكناش عارفين نطفي حاجة جبنا جرادل ومياه من التلاجة ودلقناها" على حد قول رب الأسرة، إلا أن ذلك لم يكن كافيا سوى لمرورهم من الباب، أما محاسن والسيدات فقد هربن عن طريق صناديق الرفع التي توفرها سيارات الإطفاء، دون أن يحضر أحدهم أي شيء من متعلقاته "كنا فاكرين إننا هنرجع تاني لأن الحريق كان لسة موصلش الشقة جوة"، وعندما بدأ العقار ينهار طالب الأب أن يُسمح له بالدخول للشقة لإحضار أشياءه، لكن رفض رجال الإطفاء خوفا على حياتهم.

ص4

حالة الاستياء هي أكثر ما صاحب الأسرة، فرغم قدوم سيارات الإطفاء باكرا، إلا أن الحريق استمر ليومين "انا شفت بنفسي الأدوات اللي بيستخدموها ومدى ضعفها بيرشوا بمياه وخراطيم ضعيفة متقدرش توصل لجوة"، قالت السيدة الخمسينية، فيما قال جوزيف متحسرا "صاحب البيت عرض علينا فلوس قبل كدة عشان نسيبها واحنا رفضنا كان عايز يدفع 100 ألف جنيه"، لم تمانع الأسرة من إخلاء شقتها "بس انا عايز سكن بديل بمساحة مقاربة مش فلوس متجيبش حاجة دلوقتي".

ص5

احتوى العقار المحترق على 19 مكتبة، منهم مكتبة "المعايرجي"، "البسفور"، و"الأفضل". لم تتمكن أية مكتبة من تقليل الخسائر، سوى "البسفور"، التي بُنيت من الخرسانة، فلم يسقط سوى السقف. اما الشقق السكنية داخلا العقار فكانت ثلاث فقط "الدوسيهات كانت مترصصة على السلالم في الطلوع والنزول نتخبط فيها" قالت محاسن، الأوراق الموجودة بالمكان سهلت الاشتعال، بالإضافة للأخشاب القديمة المكونة لأساس البيت والسلم الخشبي، كما أن سطح العقار كان مكان لتخزين الأدوات المكتبية كذلك.

ص6

فيما يحاول رجال الإطفاء إخماد حريق بسيط اشتعل داخل بعض حجارة المبنى، كان العاملون بمكتبة الفنون ينظفون بقايا نيران طالت بضاعتهم، فهم الأقرب للعقار المحترق، حتى أن المكتبة تقع أسفل الركام تماما. في الخارج وقف مصطفى عبد الفتاح صاحب المكتبة بجانب رجال الحماية المدنية، مُحذرا أبناء محله من القطع المتساقطة من الأعلى، آمرا إياهم فيما بعد بإغلاق المحل والانضمام للجماهير المتفرجة مؤقتا.

"بقالنا يومين بنطلب إننا نجيب شركة تشيل الجزء اللي فاضل من العمارة على حسابنا ومحدش راضي"، قال عبد الفتاح، فبعد سقوط العقار تبقى جزء من ثلاث أدوار لم يقع، غير أنه لو سقط سيكون الوضع أسوأ على المحلات التي لم تتضرر في العقار المجاور، محاولة صاحب المكتبة قوبلت بالروتين، على حد تعبيره "قالوا لازم موافقة رئيس الحي والمحافظ وصاحب البيت وعقبال ما نخلص تكون الأدوار وقعت على دماغنا"، رغم ذلك فهو لم يفكر منذ وقت الحريق في إغلاق مكان رزقه والانسحاب بعيدا، ظل موجودا، فلربما يستطيع إنقاذ أي شيء كما فعلت أسرة جوزيف وسيدات مكتبة الأفضل.

فيديو قد يعجبك: