لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

سائق سيارة "قضاة العريش".. الطرف "الساقط" من حسبة الجميع

09:41 م الأحد 17 مايو 2015

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - دعاء الفولي:

صباح أمس السبت ترك "شريف حسين" بيته، مستعيذا بالله من همزات الشياطين، ألقى نظرة عابرة على الأبناء ووالدتهم، خرج من المنزل الكائن أمام مديرية الأمن بمحافظة العريش، خطواته ثقيلة كجفنيه، لكن "أكل العيش" مُرّ، تحامل على نفسه، على أمل العودة آخر اليوم لأطفاله، غير أن عمره انتهى ببضعة رصاصات طائشة، أصبح السائق الأربعيني ضحية جديدة على قائمة الذين زُج بهم في دائرة القتل.

"أوتوبيس" سياحي صغير من ماركة هيونداي كان الدخل الأساسي لـ"حسين"، لم يكن يملكه بل عمل عليه منذ سنوات "بس مكنش بيروح بيه غير مشاوير السياحة" على حد قول أخيه الأكبر أشرف، كانت السيارة للأجرة لكنه ما استخدمها للعمل على أحد الخطوط أو ما إلى ذلك، لذا فتلك الرحلات كانت العوض الأكبر عن ضيق ذات اليد، فرغم عمل "حسين" كمشرف نشاط بمدرسة ابتدائية، إلا أن المرتب لم يكن يُذكر.

"احنا مكناش نعرف إنه بيوصل القضاة"، قال الأخ الأكبر؛ السرية التامة كانت دستور السائق منذ بدأ نقلهم عام 2011، يعلم آل بيته فقط أنه يخرج بين حين وآخر لتوصيل "موظفين"، دون معرفة تفاصيل، أما فيما عدا ذلك فتحركاته بالسيارة لنقل مهندسي مصنع الإسمنت أو بعض جنود القوات المسلحة، لم يفكر "أشرف" في إلقاء النصائح لـ"حسين" بسبب خطورة الطريق في العريش "لأني كنت عارف إنه معندوش بدايل تانية عن العربية دي".

المسافة من الإسماعيلية إلى العريش حوالي 180 كم، كاد "حسين" أن ينهيها حينما اضطر لتهدئة سرعته بالقرب من مطب صناعي يقع بين نادى الضباط وأحد الفنادق "كان فاضل له خمسة كيلو ويبقى في العريش"، حين باغتت الرصاصات السيارة، حاول تفاديها لكنه ما استطاع "فيه 3 رصاصات كانت في جنب الباب ورصاصتين في رأسه وواحدة تانية في جسمه"، جاء الخبر للأخ بينما يهم للتحرك بسيارته التي يعمل عليها كسائق أيضا "صديق اتصل بيا وسألني إذا كانت عربيتنا فضي ومن غير شبكة فوق، فلما قالي كدة اترعبت وعرفت إن فيه مصيبة حصلت"، يتعجب "أشرف" من عدم وجود تأمين مع حساسية الوضع "لو كان فيه تأمين على الأقل كان واحد من الإرهابيين اتصاب أو من أفراد التأمين" على حد تعبيره.

الصدمة واضحة على ملامح محمد، الابن الأكبر للسائق الراحل، عمره لا يجاوز الخامسة عشر، صار مسئولا عن أربع بنات أصغر منه، آخرهم ذات أربع سنوات، وطفل في علم الغيب ببطن والدته، ينتظر القدوم للدنيا التي لم يعد والده موجودا فيها "الجرح لما بيبقى في اوله الواحد بيكون متخدر"، كذلك يشرح العم حال الأبناء، العبء أصبح أضخم عليه، ترك "حسين" خلفه دينا اقترضه لإنهاء شقته الخاصة، ووالد يحتاج رعاية يناهز الـ85 عاما.

نعي على صفحة القوات المسلحة بموقع فيسبوك، هو ما كل ما حصلت عليه عائلة "حسين" إلى الآن، سرادق عزاءه المقام منذ أمس خلا من أي شخصية تتبع وزارة الداخلية أو القوات المسلحة، كما لم يتصل بهم أحد من أي جهة أمنية، فيما امتلأت الصحف بالحديث عن القضاة الراحلين دون الالتفات له، على حد قول "أشرف" الذي أضاف "ما هو شريف كان بيخاطر بحياته برضو"، بينما لم تنتشر على صفحات الانترنت سوى صورة لـ"حسين" مضرجا في دماءه، ما اعتبره الأخ تعدي على حرمة الأرواح "الصور فيها وحشية شديدة.. ليه الناس تنشرها بالشكل دة حتى لو بغرض التعاطف؟".

خلف "حسين" سيرة عطرة، فالقضاة الذين اعتاد نقلهم عاملوه بودّ شديد "المستشار أيمن اللي نجى لما فاق سأل على شريف.. وانا متأكد إنه حاول ينقذهم"، لا يطمح "أشرف" حاليا في شيء سوى أن يتم اعتبار أخيه "شهيد"، له معاش ثابت. ورغم ظهور تصريحات إعلامية منسوبة لنادي القضاة عن تعويض قيمته 200 ألف جنيه لكل قاضٍ، و100 ألف جنيه لأسرة "حسين"، غير أن أحدهم لم يبلغ عائلته بالأمر بشكل رسمي.

فيديو قد يعجبك: