بالفيديو والصور: آلات "ابن عربي" ألوان.. "ورا كل لون معنى ومغنى"

04:38 م الأربعاء 29 أبريل 2015

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- أحمد الليثي ودعاء الفولي ورنا الجميعي:

تصوير- محمود أبو ديبة:

"لكل تفصيلة معلومة، ولكل حركة تأصيل، وفي كل خطوة هدف" هكذا تبدو فرقة ابن عربي؛ تسير وفق نواميس ثابتة، الدقة عهدها، والتناغم ميثاقها، لذلك كان اختيار الآلات الخاصة بالفرقة ذات إشارات في التراث الصوفي وليس أمرا اعتباطيا أو قبيل صدفة، وهو ما يبدو جليا حين يستشهد الدكتور "أحمد الخليع" مؤسس الفرقة بالإمام عبد الغني النابلسي "إمام أئمة الحنفية" الذي ألف كتابا كاملا في معاني الآلات الموسيقية حمل عنوان "إيضاح الدلالات في سماع الآلات".

هناك أنماط ثلاثة تعتمد "ابن عربي" عليها من الآلات "الوترية- الدف والطبول- الناي"، وجميعها يحمل بُعدا صوفيا، فالناي مثلا يسمى في العُرف الصوفي بالإنسان الكامل وهو الوصف نفسه الذي كان يطلق على الرسول صلى الله عليه وسلم، وللأمر قصة تبدأ من قول الله تعالى في سورة الحجر "ونفخت فيه من روحي"؛ فكل إنسان داخله نبته خيرة في أعماقه من أثر تلك النفخة، ويظل الإنسان فارغا أجوفا؛ طالما نسي تلك النفخة وغفل عن ذكر ربه ولا يعود يافعا وتدب فيه الروح إلا مع العودة لله، لذا كان الرسول كاملا لأنه لم يغب لوهلة عن وصال خالقه وذكره آناء الليل وأطراف النهار، وكذلك ينطبق الأمر بالنسبة للناي، تلك العصا المفرغة، عديمة النفع التي لا تعود لها الحياة إلا حين يأتيها النفخ، فتخرج ألحانا تطرب لها النفس لتعيد إليها الطمأنينة، ويقول ابن الفارض المتصوف المصري الأشهر عن الناي: "تراهُ إنْ غابَ عنِّي كلُّ جارحة.. في كلّ مَعنى لطيفٍ، رائقٍ، بهِجِ، في نغمة العودِ والنَّايِ الرَّخيمِ إذا.. تألَّقا بينَ ألحانٍ منَ الهزجِ".

يتخلل كل حفل لـ"ابن عربي" عزفا منفردا لكل آلة وكأنها تعريفا بها، يتبعها دوما تصفيق حار مختلط بكلمة "الله"؛ يعتبر مؤسس الفرقة أن الحديث عن حرمانية الموسيقى من عدمه أمر مفروغ منه، مدللا على ذلك بتلك الرسالة التي أدوعها ابن حزم اسم "رسالة في الغناء الملهي أمباح هو أم محظور" منهيا مؤلفه بعدم حرمانية الغناء الملهي، "تخيل إمام جليل زي ابن حزم قال الغناء الملهي مش حرام فما بالك بموسيقى تتوسطها ذكر لله ومبدأها الحب الألهي وختامها ذكر الرحمن ورسوله العدنان".

أما الآلات الوترية، والتي يمثلها القانون والكمان والعود والطنبور التركي –آلة شبيهة بالعود ذات حجم أكبر- فيقول "الخليع" إن لها العديد من أبيات الشعر لكبار الصوفية "حدث عن الوِترِ أيها الوترُ.. من فاته الخُبر سره الخبرُ"، شارحا "الوِترُ هو الفرد الصمد، الحق الواحد الذي ليس له شريك، ويقال أيضا عن الوتر (أودع فيه الوِترُ حكمته)"، وكذلك يقول الإمام النابلسي عن آلة الطنبور: "بدت لنا من الطنبور بارقة».

فيما يستخدم أعضاء ابن عربي الطبول في أشكال ثلاث، الدف والبندير –دف موصول ببعض القطع الحديدية تصدر نغما مميزا كصدى الصوت، والزرب –هي آلة إيرانية عبارة عن طبلة لها جوف كبير، ويشرح الدكتور "الخليع" أن تلك الآلات الدائرية ترمز إلى ما يسمى "دائرة الأكوان" كما تكلم عنها الشيخ أحمد الطوسي، ويشير مؤسس "ابن عربي" إلى أن الدائرة لها رمزية صوفية عميقة؛ فمعظم الرقصات الصوفية تعتمد على شكلين ثابتين، الأول دوران حول النفس كما يفعل المولوية والأخرى من أسفل إلى أعلى توضيحا لارتقاء الإنسان وتخليص النفس من الانجذاب للواقع المادي إلى النجاة نحو ما هو حسي والتعلق بالسماء ورب السماء.

ويوضح "الخليع" بأن الجلد الراكب على الدف والبندير والطبول يمثل "سر الوجود"؛ فهو دليل على حياة كانت قائمة وإعادة الضرب فوقها إيذانا بما يسمى في الصوفية "ورود الواردات الإلهية" وهي الإشارات والعلامات التي تنطبع في قلب العارفين بالله دون غيرهم، "العلماء ورثة الأنبياء ليست عبارة براقة وفقط ولكن هناك خطى يسيرون عليها" يوضح أستاذ التصوف، مضيفا أن الواردات الألهية أشبه برحلة معراج النبي ولكنه معراج مادي وحسي في الأرض، فلم يكن هناك معراجا للسماء إلا لخير الأنام.

ويختتم الباحث الصوفي حديثه بأن جزء أصيل من مهمة فرقة ابن عربي هي إحياء الموسيقى الصوفية وإعادتها لموسيقانا في شكل يحث الناس على حب الذكر وآله والقرب من رب الخلائق
وفهم ماهية الصوفية الحقة لا كما يروج لها من قبل بعض المخرفين والدجالين، على حد قوله.