الخبز الملوث.. برعاية وزير التموين والمحافظ الدكتور

بقلم - أحمد نصرة:

"الخبز على الأرصفة.. والأحذية في الفتارين".. قفزت إلى ذهني هذه العبارة وأنا أتابع جولة الدكتور خالد حنفي وزير التموين والتجارة الداخلية، على عدد من مخابز البحيرة وبرفقته الدكتور محمد سلطان محافظ الإقليم. ولعل ما استوقفني بشدة هو ذلك المشهد للمسؤولين الكبيرين وهما يستفسران عن عربة تقف بجوار المخبز محملة بكمية من أرغفة الخبز.

للوهلة الأولى ظننت أن الوزير والمحافظ ذو الخلفية الطبية، قد ساءهما ما شاهداه من طريقة غير صحية لنقل وتوزيع الخبز، ولكن كانت المفاجأة أن الوزير بادر مالك العربة ببعض الأسئلة والإجراءات الإدارية والقانونية كالتأكد من وزن الرغيف، ووجود البطاقات الذكية مع الموزع.. إلخ.

همست إلى نفسي "من المؤكد أن المحافظ الطبيب لن يفوته أمر كذلك"، ولكنه كرفيقه خيب ظني واكتفى بمراجعة ورقة رثة أخرجها مالك العربة من حافظته، ويبدو أن كل من يتقلد منصبًا قياديًا يرتدي ثوب رجل الدولة ويتطبع بمواصفاته التقليدية، وينزع أي ثوب كان يرتديه من قبل.

للأسف هذه العربة المحملة بآلاف الأرغفة ستقطع مسافات طويلة لتنتقل من مكان المخبز إلى القرية المتوجهة إليها، وهناك ستنتقل من منزل إلى آخر ما يعني أن الخبز سيظل على هذه الحالة لعدة ساعات، وخلال هذه الرحلة سيتعرض لشتى أنواع التلوث من غبار وأتربة محملة بالجراثيم، وعوادم سيارات محملة بالرصاص وغيره من المعادن الثقيلة.

هذا بالنسبة لعوامل التلوث الخارجية، أما العربة ذاتها فحدث ولا حرج، فلا أحد يعلم ماذا ينقل بها أيضاً بخلاف الخبز، وفي بيئة ريفية، غير مستبعد أن يتم نقل روث ماشية بها، أو أسمدة ومبيدات زراعية فينال الخبز نصيباً من بقاياها الملوثة وأحياناً السامة، كل ذلك كان يمكن تفاديه ببضعة أكياس بلاستيكية والتأكيد على نقل الخبز في عربات مغلقة.

ربما يتعجب البعض لتركيزي على هذه الزاوية تحديدًا باعتبار هذا الأسلوب في التعامل مع الخبز ونقله أمرًا شائعًا منتشرًا، بل وربما بدرجة أكثر بشاعة مما ظهر في الفيديو، ووجهة نظري في ذلك أن الأخطاء والمخالفات موجودة ولن تنتهي، لكن أن يمر الخطأ أمام مسؤول دون اتخاذ قرار بشأنه، فذلك بمثابة شرعنة للخطأ واعتراف ضمني بإجازته.

لا ننكر أن محافظ البحيرة قد ترك العديد من الانطباعات الجيدة خلال الفترة تواجده القصيرة بالمحافظة، ولكن كما أشدنا به في إنجازاته، عليه أن يتحمل قسوة النقد في بعض الأحيان وهذه هي ضريبة المسؤولية.