"منزل" بيرم التونسي "خرابة": "محسوبكو انداس يا سيد الناس"
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
-
عرض 8 صورة
كتب - أحمد حجي:
بينما يقف في شرفته منتظرا صديقه الملحن، طرق متفكرًا في قصيدة قادمة، اسمها "الورد"، تتفتح براعم ذهنه ببيت واحد منها، يقول: "لك صنعة في العين والحاجب بيها تتعاجب.. وتقول وجود الله واجب مين بيه يكفر". يتحسس الـ30 جنيها في جيبه الأيمن، تلك الجنيهات الغالية التي أعطتها له السيدة أم كلثوم، بعد أن اتفقت معه وزكريا أحمد على تأليف وتلحين أغنية جديدة، يأتي زكريا متأخرا كعادته، لكن ذلك لم يعكر صفو بيرم التونسي، يخرج الثنائي لينفقا ما حصلا عليه للتو، ويعودا مفلسين لبيت التونسي، تبدأ جلسة ينهيا خلالها العمل، ويكون المنزل هو الشاهد على ميلاد أغنية "انا في انتظارك" .
المشهد تبدل الآن، فمن يرى أكوام القمامة المتجمعة داخل "الخرابة" المحاطة بالأسوار لن يتخيل أبدًا أن هنا كان يسكن شاعر الشعب "بيرم التونسي".
على ناصية حارة متفرعة من شارع "السد البراني" الذي يطل على ميدان المواردي بحي السيدة زينب، عاش "التونسي" حتى سلم روحه لبارئها في الخامس من يناير عام 1961، تاركًا وراءه سيرة طيبة يرويها "ولاد الحته"
الحجارة وبقايا الجدران المتهدمة، ضمت لعشرات السنين الشاعر الكبير وآنسته بعد أن نُفيَّ مرتين، والبيت الذي استقر فيه التونسي بعد ترحاله، هدم وصار محُاطًا بسور تضم جنباته ما أمكن من مخلفات ساكني الحي الحاليين.
الرجل الذي ولد بحي السيالة بالإسكندرية، تونسي الأصل، حصل على الجنسية المصرية عام 1954، جن جنونه "لأنه مارحش لندن ولا باريس"، ووجد في السيدة زينب ضالته، أهل الحي طيبون ووجوههم سمحة لا يمل لسانهم من ذكر الله ورسوله وآل البيت، أحبهم وأحبوه وعرفوا البيت الذي سكن شقة واحدة به باسم بيت بيرم التونسي، تقديرًا وإكرامًا للرجل.
على بعد خطوات من البيت في وسط ميدان المواردي، يقبع "كافيه لوكس"، المقهى الذي كان يفضله التونسي لاحتساء القهوة والقراءة وكتابة أشعاره.
"كان يجلس في آخر القهوة وطول ما هو بيقرا أو بيكتب ملوش دعوة بحد"، يشير عم وجيه "القهوجي" نحو المكان الذي كان يجلس فيه التونسي، مؤكدًا أن الأخير كان من مرتادي القهوة الدائمين، وكان إذا أعطى أحد الفنانين موعدًا يفضل هذا المقهى القريب: "ياما جه ومعاه فنانين كبار".
يتفحص عم وجيه المكان بتمعن، مستطردًا: "كان التونسي جالسًا هنا وقت إعلان بيان ثورة يوليو 1952، لم يتمالك نفسه من الفرحة وهنأ رواد المقهى رجلًا رجلا وألقى على مسامعنا شعرًا لا أتذكره" -كان يقصد بكلامه زجلًا ارتجله بيرم لهذه المناسبة "العيد ده أول عيد عليه القيمة، مافيهشي تشريفة ولا تعظيمة، صابحين وأعراضنا أقله سليمة، والقيد محطم، والأسير متحرر، مرمر زماني يازماني مرمر".
"سيد كبدة" يمتلك عربة مأكولات تقع تحديدًا أمام أنقاض منزل بيرم التونسي، لم يعاصر الشاعر الكبير ولكنه يروي لـ "مصراوي" لمحات من حياة عائلته "منذ حوالي 40 سنة وأنا أقف في هذا المكان، كانت زوجة المرحوم بيرم التونسي ست طيبة، تخرج من الشباك وتطلب مني اللي هي عاوزاه بكل ذوق، وولاده أيمن ومحيي كانت سيرتهم زي الدهب طول ما كانوا ساكنين هنا".
كان التونسي يسكن شقة بالطابق الثاني بالبيت، وبعد وفاته ورحيل أسرته كان هناك صراع بين من وصفهم سيد - أحد سكان الشارع- بالـ"حكومة" من جهة وأصحاب البيت من جهة أخرى، الأخيران أرادا هدم البيت وإعادة تشييده والحكومة -بحسب سيد- تعتبره مكان أثري، إلى أن آل الحال لما هو عليه.
لمشاهدة فيديو سيد كبدة.... اضغط هنا
خلال الحديث القصير مع "سيد كبدة"، تذكر "الحاج حمدي" البقال الذي كان يمتلك دُكانًا يقع مباشرة أمام منزل بيرم التونسي، وكانت تربطه بالشاعر الكبير علاقة طيبة، بحكم الجيرة وطول العشرة.
في منزله بشارع الطيبي المطل على الميدان، وبعد أن ذكر التونسي بالخير ودعا له بالرحمة، قال الحاج حمدي "كنت أسكن معه في نفس البيت، كان هو في الدور الثاني وأنا في الأول، كان رجل طيب جدا وبيعمل خير كتير وكان في زاوية جنبنا على طول كان بيتبرعلها".
ويحاول "الحاج حمدي" التذكر لفترة وجيزة، فيكمل "كان بيني وبينه معاملة كويسة، كان بياخد مني حاجات والبيت ياخد حاجات ويحاسب بعدين، مثلا كان ييجي من الإذاعة ويقولي حاسب التاكسي يا حمدي لحد ما اطلع وبعدين يحاسبني، وكان ولاده بحكم قرب المكان على طول عندي ونتكلم ف الكورة".
"كان ينزل يقعد على قهوة لوكس، ويقعد يكتب الحاجة بتاعته عشان يبعتها لجرنال الجمهورية"، يمتدح الرجل الذي تجاوز ثمانين عامًا، تعامل بيرم التونسي مع جيرانه، ويؤكد أنه كان يجلس وسط الناس ويتحدث معهم، لم يكن مثل الفنانين الحاليين، فكان على معرفة بجميع جيرانه وجيرانه يعرفونه هو وعائلته.
وعن وفاة بيرم التونسي يقول الحاج حمدي، "أتذكر ذلك اليوم جيدًا، نصبنا له صوان بحارة النواوي وشارع السد، وأخذنا نحن عزاءه وجاء لتعزيتنا فنانين كثيرين، فكانت تربطنا بهم علاقة جيدة بحكم زياراتهم المتبادلة للتونسي، لدرجة أنه عند وفاة السيدة أم كلثوم ذهبت لتعزية أهلها".
لمشاهدة فيديو الحاج حمدي .... اضغط هنا
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: