بعد استثناء بدء الدراسة بها.. أول حصة في مدارس بيت حانون ''بدنا نعيش''- صور
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتبت- إشراق أحمد:
في طابور وقفوا، أعمار مختلفة تصطف خلف وجوار بعضها، ابتسامة تحاول أن تداعب الثغور، النشيد الوطني الفلسطيني يصدح في أرجاء مدرسة بيت حانون الابتدائية، فيما تقف ''خديجة علاء'' بإحدى الصفوف، الأجواء مختلفة بمدرستها، حتى أنها لم ترتدِ الملابس المدرسية، يبصرها أباها حال أولياء الأمور والأقارب المتواجدين، للمرة الأولى يجتمعوا داخل الفناء، يتبادل الجميع النظرات، هم على يقين أن الأمر رمزي لرفع الروح المعنوية، تنتهي الدقائق دون دق الجرس، لم يصعد الطلاب إلى الفصول لتلقى الدروس، فهى بالفعل تحتضهم منذ بدء الحرب على غزة، يتفرق الجمع بينما تعود ذات التسع سنوات لوالدها قائلة ''بدي اتعلم وأروح على المدرسة بابا''.
حال ''خديجة'' ومدرستها بيت حانون مثل قرابة 9 آلاف طالب غيرها لم يتوجهوا للمدارس الاثنى عشر المتواجدة بالمنطقة، تركوا أماكنهم هذه المرة للكبار، ليتعلموا معًا الصمود، ويتجرعوا الصبر في وجه محتل لم يُبق لهم مكان يلجأوا إليه غير المدارس بعد أن نال القصف الإسرائيلي الجائر من منازلهم في الحرب الأخيرة على غزة، لذلك جاء قرار تعطيل الدراسة ببيت حانون –شمال شرق غزة- رغم بدءها في باقي مناطق القطاع.
وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة ''اليونيسيف'' ما يقرب من 30 مليون طفل لا يتوجهون للمدارس في العالم بسبب الحروب والصراعات، وهذا نصف عدد الأطفال الملتحقين بالمدارس، فيما ذكرت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين ''الأونروا'' في تقرير لها أن أكثر من 100 مدرسة تتطلب إعادة تأهيل بعد أن تم استخدامها لإيواء أكثر من 300 ألف شخص نزحوا خلال الحرب في غزة، فقد تم تدمير قرابة 9 آلاف منزل كليًا، و8 آلاف بشكل جزئي وفق وزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية.
''مافي بيوت يسكن بها الناس وإن في يحتاج إيجار 6 شهور من وين يدبروا ها المبلغ'' يقول مروان أبو ناموس يعمل في مدرسة بيت حانون، وجد الرجل الأربعيني أن مصابه من القصف أقل من أهل بلدته، تصرر بيته بشكل جزئي فهرع لمساعدتهم بمأواهم، يشاركهم آلامهم التي ليس بعيد عنها، يلازمهم ساعات اليوم بأكمله، يتنقل بين 40 فصل ضمت أسر بيت حانون، يستوعب ''الغرفة'' كما يطلقون عليها اعتيادًا للوضع أكثر من أسرة.
فصول خاوية إلا من وسائد وأغضية نوم، أمهات تغسل الملابس فيما خلت ''السبورات'' من الكتابة إلا ربما بسملة تُركت على إحداها، بالمدارس يحاول الأباء تدبير اليوم، الأبناء تمضية الوقت في اللعب بين طوابق المدرسة حينًا وحطام المنازل حينًا آخر.
''كانوا بيبكوا بدهم المدرسة.. بدهم دفاتر'' يصف ''أبو ناموس'' حال بعض الصغار أول يوم دراسي، خاصة حينما تجمعوا لعمل طابور رمزي مشاركة لرفاقهم في القطاع، مؤكدًا طبيب العلاج الطبيعي أن الوضع مأساوي خاصة للعائلات التي فقدت جميع أفرادها إلا اثنين منهم على أقل تقدير ''الأولاد عندهم صدمة نفسية''.
أبناء علاء قاسم السبعة مر عليهم اليوم الاول من الدراسة وبقلبهم غصة، ذكريات عادت لطفلته ''خديجة'' خاصة وقد شهدت أعوام دراستها السابقة بتلك المدرسة التي صارت بيتها لما يقرب من شهرين، اعتاد الأب والأبناء الحرب ''لكن ها المرة الوضع صعب''، تم قصف المنزل، جميع أغراضهم صارت تحت الأنقاض، فلم يجد الأب الثلاثيني ردًا على رغبة ابنته البريئة للتعلم والذهاب إلى المدرسة التي هى بالفعل بها سوى ''معلش بابا الحال لا يسمح الحين''، فالوالد يشعر بمرارة توضيح الأمور لصغاره، يكفي ما يرونه بأعينهم، لذا يكتم تحمله في ابتسامة يظهرها بين الحين والآخر.
في فصل تبلغ مساحته 7 ×4 أمتار يمكث ''قاسم'' وأبناءه وزوجته مع 5 أسر أخرى، شقيقتاه وأولاد أعمامه الثلاث، فلا مفر من استيعاب الأفراد لبعضها البعض حتى ينفرج الحال، ينتظر الأب وأبناءه السبعة وعشرات العائلات ببيت حانون كل يوم عودة الحياة لطبيعتها، وتجاوز الأمر، يبصر المعيشة في المدرسة فتضيق نفسه بكلمات يبوح بها علها تزيح عنها شيئًا مما بها من هم ''بدنا نعيش.. أحنا مش عايشين أصلاً''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: