رسول العناية الإلهية لـ''محفوظ''.. جراحة على شرف ''مطواة''
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتبت- دعاء الفولي ونسمة فرج:
تُعرف الحياة والموت باللحظات، ثوان معدودة تُحدث فرقا في عمر الزمن، يولد طفل جديد، يموت أحدهم، وتقف روح شخص آخر على ناصية الموت دون أن يأذن لها الله بالخروج بعد، جسد الروح العالقة كان للأديب ''نجيب محفوظ''، ما كتبه لم يُعجب الجماعة الإسلامية المنتشرة في مصر بتسعينيات القرن الماضي، ''طعنة نافذة بالرقبة لتُنهي الحياة''؛ كذلك جاء الأمر لـ''محمد ناجي'' أحد أعضاء الجماعة، نفّذ المهمة غير أن عُمر الأديب كان به بقية، صراخ في الشارع؛ مستشفى الشرطة المُجاورة لمنزله، أطباء يهرعون لغرفة العمليات بعدما جاءهم استدعاء، يُفتح لهم الطريق ليدلفوا للغرفة حيث يرقد محفوظ؛ ''أحمد سامح همام''، ''أحمد البشري''، و''عادل إمام''، لم يعلموا أن أسماءهم سُتكتب في تفاصيل الحكايات عن الأديب، وسيتم تعريفهم أنهم من أرسلتهم العناية الإلهية لإنقاذه.
قبل العملية التي أجراها طبيب الأوعية الدموية ''عادل إمام'' للأستاذ، لم يكن على صلة به، سوى من خلال القراءة والسمع، وقتما شارك في الجراحة كان مُدرس في القسم بكلية الطب جامعة القاهرة، في خضم العملية تم استدعاء الطبيب الأعلى خبرة ''همام''، انتهت الجراحة بسلام، لتنشأ علاقة بين ''إمام'' والأديب الراحل تتردد بين الصداقة والطبيب والمريض، لم يتلاقيا كثيرا غير أن ذكريات الأول عن الكاتب موجودة ''نجيب محفوظ أسر الممرضات وفريقه المعالج وحتى المرضى الآخرين بالمستشفى بشخصيته''.
لم يكن ''همام'' الطبيب الذي طُلب بالاسم متواجدا بالمستشفى حال وصول الأديب، كان بمنزله حين رن جرس الهاتف وهو على الباب يهم باستقلال المصعد لزيارة أحد الأقارب، عندما نادته الابنة محدثة إياه عن الاتصال الذي أتاه من المستشفى، ترك ما يفعل وذهب للمكان من فوره بمجرد أن قال له أحدهم ''أديب مصر في خطر''.
''مريض ملتزم في علاجه''؛ هكذا وصفه الطبيب، لم يكن له طقوس معينة حال المرض، لكن عدد المحيطين به كان مُختلفا عن أي راقد آخر، لم تبدُ غرفته خالية، حيث الأصدقاء، الأهل، التلاميذ، المريدين وهو بين ذلك كله يعبر عن امتنانه لهالتهم المتناثرة حوله بكلمات قليلة تتخللها ابتسامة أضعفها المرض قائلا ''شكرا يا ابني''.
الشُريان الأيمن بالرقبة هو ما اُصيب أثناء محاولة الاغتيال، ليس من السهل الوصول إليه، حيث اخترق نصل السكين فقرات العنق، انحناءة الأديب للأمام لكبر السن جعلت الجرح يضرب الشريان السباتي وليس البائي، حيث يصل الأخير بالمخ، كما أن نصل السكين لم يكن حاد كفاية، في تلك الأثناء كان ''إمام'' يتابع عمل أستاذه بالغرفة تحت وطأة الضغط، ينضح عنق الأديب بالدماء وهم وقوف يحاولون فعل ما استطاعوا، وفصل عقولهم عن الهرج والمرج بالخارج.
استغرق ''همام'' نصف ساعة ليصل للشريان المذبوح، خطر الإصابة ليس فقط بسبب أهميته؛ لكن يمر بالفقرات النخاع الشوكي والشريان الوحيد المُتبقي الذي يغذي المُخ، الهم الأكبر للأطباء كان التأكد من أن الجرح لم يمس النخاع الشوكي، ما يمكن أن يسبب شلل في الجسد؛ إلا أن هناك نظرة راحة رآها ''إمام'' في عين الطبيب الأكبر، أكدت أن سلاح الجريمة لم يصل للنخاع، كان النزيف قد وقف عندما بدأ المساعدان والطبيب في توصيل الشريان مستغرقين حوالي النصف ساعة، ما جعل الأمر أكثر صعوبة هو مرض السكري المتفشي بجسد محفوظ بالإضافة لتصلب الشرايين، تمت العملية بنجاح في العاشرة والنصف مساءً، أي عقب الإصابة بحوالي الثلاث ساعات.
أكثر ما يذكره ''إمام'' عن الزائرين لمحفوظ هو وجه الكاتب ''محمد سلماوي''، لم يحسب المُدرس بالطب أنه سيرى الأديب المُصاب مرة اخرى، إلى أن جمعتهما جلطة الشريان التي ضربت الأخير والذي فضل دائما العلاج بمستشفى الشرطة، المرات الأخرى التي تقابلا بها كانت بندوات ''محفوظ''، ''كنت بشوفه دائما في الجلسات الثقافية بصحبة الدكتور سمير سرحان''.
بالصور: بعد 20 سنة.. مصراوي على أرض المعركة التي خلفتها ''طعنة'' محفوظ
يد محفوظ.. صديقته التي تعلمت الكتابة في الثمانين
''عبد المجيد''.. درويش ''محفوظ'' في دنيا الله
مصراوي يرصد حكاية 4 أشخاص لازموا نجيب محفوظ ''ساعته الأولى''
عم إبراهيم.. الرجل الذي هزم ''نجيب محفوظ'' في ''القافية''
رفاق ''محفوظ'' في العالم الموازي: ''نجيب'' الأول دائما
''عين'' نجيب محفوظ تروي لـ''مصراوي'' ذكريات الأديب
حجي.. الرجل الذي رسم أحلام ''محفوظ'' ولم يراه
الحاج ''صبري''.. ''أمين سر'' أحلام نجيب محفوظ
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: