إعلان

بالصور: أطفال المعهد القومي للأورام.. ''العيد فرحة'' رغم أنف المرض

11:50 ص الإثنين 28 يوليو 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- إشراق أحمد ودعاء الفولي:

الدور الرابع في المعهد القومي للأورام، هناك يسكن المرض، غير أن العيد يتلمس خطواته أيضًا، يأبى ترك أطفالًا غمرهم الوجع بينما نظرائهم يلعبون بالخارج دون أن يربت على قلوبهم الصغيرة ولو لعدة أيام، منهم من حالفه الحظ فخرج لقضائه مع الأهل واللعب الحذر، والآخرون يقبعون بجنبات المعهد تخفف عنهم زيارات الأحبة الوحدة، يأتيهم العيد في أشكال عدة؛ زينة معلقة بين الطرقات، شباب جاء محاولاً رسم البسمة على شفاههم، بالونات تطير وتتناقل بين الأيدي، فلا يتركهم إلا قائلين ''جانا العيد''.

لهفة الرحيل
تي شيرت أسود وشورت رصاصي ارتداهما إسلام محمد، متقوقعًا على جسده الصغير جلس لجانب الأم، أتيا من المرج منذ عدة شهور لاستكمال العلاج، لم يُكتب له خروج إلا بعد موافقة الطبيب ليلة عيد الفطر، لا يتكلم الصغير إلا قليلًا، عوضًا عن الحديث يبتسم للقادمين يهنئونه بالعيد، يسألونه عن سبب ارتدائه كاب ونظارات شمسية طالما أنه بداخل المستشفى فيرد بتلقائية ''أصل أنا مروّح خلاص''.

العيد بالنسبة للطفل ذو الخمس سنوات هو مؤمن وأمنية أخويه ''هما صحابي''، العودة للمنزل تعني اللهو معهم إلى ما لانهاية، عدا ذلك ليس له مُخطط معين ''ممكن أركب مراجيح''، وإن لم يفعل ''هيلعب مع اخواته وهيتبسطوا'' تقولها الوالدة الجالسة لجانبه يبدو عليها الارتياح لمغادرة المستشفى ولو لفترة مؤقتة، ملامح ''إسلام'' اختلطت بوجع جراء العلاج، خفّ قليلًا بنشوة قُرب أيام الفطر المبارك ''أنا اشتريت لبس العيد''، لا يتذكر ألوان الملابس غير أنه ''بنطلون جينز وبلوزة خضرة''، الأمل لا يغادر الطفل الذي يتمنى أن يعمل ضابط ''عشان أضرب الناس''، يقولها بصوت منخفض؛ فتضحك الوالدة كثيرًا.

مرح العيد
طرقة طويلة تمتلئ بشباب وفتيات، أكثر من جوّال يحمله بعضهم يوزعون منه الهدايا على الأطفال الذين نشطت حركتهم خارج الغُرف، صغير يقذف بالونًا في الهواء فيتلقفه شاب؛ يلعب به معه، فتاة ناداها والد أحد الأطفال راغبًا بلعبة مُختلفة عن التي أعطته إياها؛ فُتبدلها في الحال، ضجة مختلطة بأصوات ضحك لا تُسمع كثيرًا هناك، يُنهيها أحد المشرفين قائلًا ''بعد إذنكوا يا جماعة الأطفال يدخلوا الغرف عشان مناعتهم ضعيفة ميستحملوش''.

ما إن تخطو الأقدام داخل الغرفة حتى يظهر صوت جلي، صفارة أشبه بالمستخدمة في مباريات كرة القدم، لا يُرى مصدرها إلا مع الاقتراب من ستارة مُسدلة خلفها أم تجلس جانبها قرة العين ''أدهم إبراهيم''، ضجة مُحببة للنفس يُحدثها بصفارته، صوته يحمل مرحًا لا يشبه حال أصدقائه المرضى، لن يترك المشفى في العيد ''دي أول سنة يجيله العيادة'' قالت الوالدة، سمع من الآخرين عن حفلات تُقام أحيانًا بالدور الرابع ''بيجيبوا في المكتبة ساحر وأراجوز ولعب بس أنا لسة مشفتش''.

طبيب هي المهنة التي يبتغيها ''أدهم''، الألم لم يمنعه الحلم، يخفف عن والدته التي لم تستوعب مرضه بعد؛ فيلهو مع القادمين من متطوعي الجمعيات الخيرية بينما تظل هي صامته لسان حالها ''كدة كدة محدش هيساعدنا بحاجة.. الناس بتتكلم وخلاص''.

''بسملة صبري عبد الفتاح'' قبل أن يسألها أحدهم عن الاسم تباغته به ''حفظاه كله''، طلتها مختلفة، فم خالي من الأسنان إلا قليلًا، عروسة صغيرة تمسكها، تُخبر إحدى المتطوعات ''مش عايزة بلالين عشان مش هعرف أروح بيها''، من الفيوم أتت مع والدها لأخذ الجرعة المعتادة قبل الإفراج عنها والعودة لحضن الأهل يوم الوقفة.

لها طقوس تحفظها جيدًا في العيد ''بشتري مسدس ماية وأرش على الناس وصواريخ أفرقعها''، جانا وسما ورحمة أخواتها الأصغر، تصحبهم إلى اللهو في العيد قبل أن تعود للمستشفى ثانية عقب انتهاءه ''ومعي فانوس ألعب بيه في العيد''، أما الوالد الثلاثيني فيصنع لها خصيصًا فانوس خشبي يُعلقه داخل الدار في العيد.

شخصية بسملة ليست الشيء الوحيد الذي تتميز به، أحلامها كذلك بسيطة تشبهها ''عايزة أطلع أبلة أدرس للعيال وأفتح كشك''.

ابتسامة في الركن ''الحزين''
وبينما كانت أجواء صنع الفرحة ليلة العيد في الدور ذاته غابت عن رفاق آخرين، وإن ظل الآباء يقاومون بالابتسامة. بسرير قريب من الباب غاصت في حضن والدتها، مُتلحفة بغطاء، تتكور على نفسها كما الجنين، في عين الأم تترقرق الدموع لكنها تمنعها من السقوط، بابتسامة ترحاب تزين ثغرها، فيما ''مريم سامي'' ساكنة، تنظر في الفراغ، هيأت نفسها وقت السفر قبل أسبوع من الإسكندرية أن الزيارة تلك المرة سريعة، تعود بعدها لقضاء العيد مع الأهل والأصدقاء لكن ذلك لم يحدث.

''كانت هتخرج النهاردة لكن الدكتورة قالت لها المناعة قلت فتفضل هنا'' تستمع ''مريم'' لكلمات والدتها، فتدخل في موجة بكاء هادئ حال ملامحها، تقبض عليها الأم مستمرة في رسم ابتسامتها، أول عيد تقضيه ذات العشر سنوات بين المرضى منذ اكتشاف المرض في شهر ديسمبر الماضي، انهار مخططها في أداء صلاة العيد واللعب قدر المستطاع، لكن والدتها تهون عليها بأن أخواتها سيأتون لها أول يوم العيد، وتداعبها إحدى السيدات بالغرفة ''أهل اسكندرية كلهم هيجوا يقضوا العيد في القاهرة ماتزعليش''.

بالجوار كانت ''شهد''، كل 21 يوم تأتي من طنطا لأخذ جرعة الكيماوي، 3 سنوات هي عمر الصغيرة سمراء البشرة، ''الدكتورة قالت هتعيد هنا'' للمرة الثالثة يستمع الأب لتلك العبارة، فيرسم بسمة على وجهه عله يخفف عن ابنته، أما هى تمضي أيامها على السرير الطبي بجوار والدها، حزينة تظل، على ملامحها عبوس يُظهر بغضها للتواجد بالمكان ويؤكده كلمات الأب ''من ساعة لما تيجي هنا مابتلعبش ولا بتاكل''، بمجرد أن يهم أحد الغرباء بالحديث إليها، تدخل في موجة بكاء كأنما تشكو بقاءها، لا يهدئها إلا هدهدة الولد لها ثم تعود لجلستها جواره مرة أخرى.

خارج حدود المرض
بنفس الدور توجد المكتبة، بعيدًا عن أجواء المرض ينفس الصغار عن أنفسهم، يلعبون ويشاهدون الأفلام المتحركة على أجهزة الكمبيوتر، يلتفون حول أحد الكبار جاءهم زائرًا، يبادلهم الحديث ويشاركهم المسابقات المعلوماتية أو القراءة.

أمام الحجرة أخذ ''يوسف'' يقود دراجة صغيرة، مبتسمًا رغم أنه العيد الثاني له الذي يقضيه بين أرجاء المستشفى، تجذبه تلك الألعاب البلاستيكية، لذا قرر أن يمضي العيد بينها، ''هالعب بدي واللي هناك'' يقولها مشيرًا للدراجة التي يركبها وتلك ''الزحلوقة'' البلاستيكية.

حالة من البهجة يضفيها ابن الخمسة أعوام قبل الدلوف للمكتبة، مختلفًا كان بانزوائه عن رفاقه، حتى فيما يتمنى ''نفسي أطلع طباخ عشان أعمل أكل حلو الناس تاكله''.

وبالداخل وقفت ''سالي'' ذات الثلاث أعوام، فوق كرسي لتصل لتلك الألعاب المتراصة فوق الطاولة، والدتها محور حياتها، لا فرق عندها بين عيد وغيره تقولها والضحكة بفاهها ''ماما''، تقبلها كلما جاءت تطمئن عليها بينما هي تلعب، من المنوفية تأتي بصحبتها وتغدو، متحلين معًا بفرحة على الوجه رغم قسوة المرض.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان