لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

''ماكبث''.. مجنون يمتع الجمهور بـ''الإبداع''

10:42 ص الخميس 08 مايو 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - يسرا سلامة:
من خلف مبني بيضاء التصقت عليه لافتة مركز الإبداع الفني بدار الأوبرا المصرية، وقف ''وليد عبد الغني'' في استقبال الجمهور، وقبل أن يبدأ العرض تقمص ''وليد'' الشخصية، طبيبًا ممسكًا بهاتفه الصغير يستقبل شكوي المرضي، وعلي مقربة منه أحد مرضاه في مستشفى ''المجانين'' بملابس متقطعة، لكنها لممثل آخر، ''أحمد الشاذلي''، يؤدي كلا منهما دور الطبيب والمجنون أثناء دخول الجمهور العرض، فيما تستعد ''هدير الشريف'' بملابس الساحرة بداخل المسرح.

دقائق معدودة أخذها جمهور العرض ليتراصوا علي كراسي المسرح الصغير، أدرك الجميع مسرعًا أن العرض بدأ قبل أن يبدأ، والمسرح افتتح دون ستار، للعرض المسرحي ''ماكنون'' الذي يجسده ثلاثة شباب امتزج عشق المسرح بدمهم، في إعادة لروح النص المسرحي التراجيدي ''ماكبث'' للكاتب الشهير ''وليام شكسبير''، وفي محاولة من الفريق الصغير أن يعيد الحياة لخشبة أبو الفنون.

خليط من اسم النص الأصلي ''ماكبث'' و ''مجنون'' ظهر منه اسم الرؤية الجديدة، ليكون واحدًا من مشروعات تخرج ينفذها مركز الإبداع الفني، تحت إشراف المخرج خالد جلال، وبإشراف رئيس قسم الإخراج ''عصام السيد''، لتعكف مشروعات الدفعة الثالثة من ورش الابداع على رؤى مختلفة من النص المسرحي ''ماكبث''، يقدم فيها أربع فرق من الممثلين والمخرجين ومصممي الديكور والتمثيل زاوية جديدة للنص الشهير.

''ماكنون''.. العرض الثاني علي مركز الإبداع بعد العرض الاستعراضي ''ماك ولي''، يمزج ''ماكنون'' بين التراجيديا والدراما والكوميديا، كما يمزج نصه بين العامية والفصحى، ليتكئ النص على ثلاثة ممثلين أو أسلوب ''التريو دراما''، لإعادة روح النص العتيق مرة أخرى على خشبة المسرح.

خط درامي اتضح لـ''وسام أسامة'' مخرجة العمل عند قرأتها للنص الأصلي، والتي تحكي قصة البطل ''ماكبث'' وزوجته ''الليدي ماكبث'' الطامعين في السلطة، ليدفعهما ذلك الدافع للقتل، وأن تخضب أيديهم بالدماء، بعد أن يقتل ''ماكبث'' الملك ''دنكن''، ليجلس على عرش اسكتلندا، لتختار مخرجة العمل الطبيب الذي يعالج ''ماكبث''، وتخرجه من قلب النص الأساسي ليكون شخصية رئيسية، وحاضرة تتحدث بالعامية، وتعالج ممثل جُن أثناء أداءه لعرض المسرح.

شخصية الطبيب هي المفتاح الذي سعت ورائه ''وسام'' من أجل إخراج النص، ومنه أمسكت بتلابيب العمل، لرسم شخصية القائد الجائع للسلطة ''ماكبث''، وتجيب عن سؤال المسرحية ''إلى أين يأخذك حب السلطة؟ هل يحولك إلى شخص جيد أم شرير؟''، تقول ''وسام'' إن حب السلطة مرض، لا يقتصر فقط علي سلطة الحكم، لكن أيضًا في سلطة العمل والمنزل وغيرها، يسعي العمل للكشف عن أثاره.

في ''ماكنون''، يلعب ''وليد عبد الغني'' دور الطبيب الذي يعالج مريض مضاب بهلاوس سمعية عن شخصية ''ماكبث''، تؤول محاولاته للفشل في اعطائه العلاج مرة وأخري، حتي يضطر الكبيب أن يساير ''ماكبث''، ويقوم بالدور في المسرحية من أجل أن يشفي مريضه بانتهاء العرض، ليدور العمل بين طبيب يحاول أن يكون ممثل، وممثل مصاب بالجنون يرى نفسه ممثل على خشبة المسرح، وسيدة تنتقل من الساحرة للزوجة، تظهر في صورة خيالات للطبيب، وكحقيقة يصدقها المريض.

''حالة بستعد ليها من قبل العرض''.. يقول ''وليد'' الطبيب إن شخصيته يغلب عليها الكوميديا، لكنها لا تستمر كذلك بحسب النص المسرحي، لتصبح في ذروة التراجيديا في النهاية، قبل أن يلقي الطبيب مصرعه علي يد ''ماكبث''، يقول ''وليد'' عن الشخصية التي يلعبها ''دور يحاول أن يخفف من وطأة النص التراجيدي الأصلي، بأن يتقمص الكوميديا''.

بين الطبيب والمجنون، تنتقل خطوط المسرحية، بحرية حركة علي مسرح الابداع، ينتقل فيها الممثلين بين الجمهور دون حدود لخشبة فاصلة، استعد فيهم فريق العمل منذ سبعة أشهر للبدء في العمل، ببروفات متقطعة، يقول ''أحمد الشاذلي'' والذي يقوم بدور ''ماكبث'' أن العمل رسالة مختلفة للمسرحية الشهيرة، لكن ''لإن جمهور المسرح بيحب يضحك.. فسعى العمل للمزج بين التراجيديا والكوميديا''.

تحضيرات أخذها ''الشاذلي'' و''وليد'' من أجل خروج العمل للنور، ليتطور العرض أثناء البروفة، وحتي أثناء العرض نفسه، فيقول ''وليد'' ''النص بيتقل علي المسرح'' في إشارة لتحسن العرض مع الوقت، ليقوم الطبيب بتفسير الأجزاء الناقصة من الرواية لإيضاحها للجمهور، كما يتابع ''الشاذلي'' :''جمهور مركز الإبداع مثقف ولازم تقدم ليه فن محترم ومبدع ومختلف''.

حالة من القلق كانت مسيطرة علي ''هدير الشريف'' الوجه النسائي في ''ماكنون ماكبث''، سرعان ما تحولت إلي تحدي لها، من أجل التدريب علي الدور، وان تنتقل بخفة بين دور ''الليدي ماكبث'' و ''الساحرة'' التي تبشر ''ماكبث'' بالملك في رحلته، تقول ''السيد'' إنها لم تكن تخشى المزج بين العامية والفصحى، لرؤيتها أكثر من عرض بنفس الأسلوب، لتنتهي بحالة من الفرحة نتيجة لردود الفعل التي تستحسن العمل، من نقاد وجمهور.

ضبط ايقاع الممثلين كان التحدي الأصعب لـ''وسام'' مخرجة العمل، من أجل تقريب أداء الممثلين الثلاث، فتقول المخرجة الشابة إن الطبيب له أداء أميل للكوميديا، و''الليدي ماكبث'' لها أداء كلاسيكي ناعم، أما شخصية ''ماكبث'' فالأكثر تركيبًا وتعقيدًا، لأنها رمزية تميل للتراجيديا، ''التحدي ألا يؤثر أداء كل ممثل على الآخر، وأن يقتنع الجمهور أن ''ماكبث'' مريض فعلًا''.

نهاية صدامية اختارتها ''وسام'' للعمل المسرحي، الذي استمر ساعة واحدة على خشبة ''الإبداع''، ليصبح الملك ''ماكبث'' هو المنتصر في النهاية، تقول ''وسام'' إن اختيار ''النهاية السعيدة'' ليس مناسبًا للنص؛ رسالة المسرحية أن الملك المحب للدماء هو صورة شريرة، سيفكر فيها الجمهور بعد العرض، لتكون تلك الصدمة مدعاة للجمهور أن يفكر مرات ومرات قبل أن ينتهج حب السلطة في أي شيء.

فيديو قد يعجبك: