لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور.. 30 يوما ''غلق''.. برج القاهرة ''شوكة ناصر'' أصبحت في حلق ''المصريين''

08:12 م الخميس 06 مارس 2014

بالصور.. 30 يوما ''غلق''.. برج القاهرة ''شوكة ناصر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- إشراق أحمد:

أربعة أعوام لم تر ''حسناء حسين'' ريح القاهرة، فالعلاقة منذ أن استقرت بالإسكندرية قبل 14 عامًا لم تزد عن كونها زيارات عابرة غير منتظمة، آخرها شهر فبراير حينما قررت المجيء في إجازة نصف العام الدراسي، انتهازًا لعطلة صغارها من المدرسة، قررت أن تنفذ رغباتهم في زيارة الأماكن الأثرية -الأهرامات والقرية الفرعونية وبرج القاهرة- كما فعلت مع أختيهما الكبريين عندما كانتا في مثل عمرهم.

أخبرت السيدة الأربعينية قريبتها ''منة'' المقيمة في القاهرة عن الزيارة، لتعدها الأخيرة ''ببرنامج'' يجدون به المتعة أيام مكوثهم بالعاصمة، وما أن حدثتها عن رغبة صغارها ''محمد، أريج، هلا'' في زيارة ''البرج'' وجاءها الرد حتى تغيرت ملامح وجهها ''اتخضيت قفلوه ليه''.

ما يرنو على الشهر منذ نهاية يناير المنصرم، أعلنت إدارة برج القاهرة العاملين به عن توقف العمل لحين إشعار آخر، استاء الموظفون، انتهت مهلة انتفاع شركة المستثمر اللبناني، ولم يتم إخبار أرباب العمل به عن الموقف، مع علو صيحة التخلي عن الكثير في ظل الأوضاع التي تشهدها السياحة بشكل عام وبرج القاهرة بوجه خاص.

53 عامًا منذ افتتاح ''برج الجزيرة'' كما يطلق عليه. بموقع قريب من السفارة الأمريكية حرص الرئيس الراحل ''جمال عبد الناصر'' بناء مبنى يهزم به نفسية ''الأمريكان''، بعدما أرسل ''فرانكلين روزفيلت'' رئيس الولايات المتحدة وقتها حقيبة لرئيس الجمهورية عبر مستشاره ''حسن التهامي'' بها ما يعادل 6 ملايين دولار تحت مسمى ''مساعدة رؤساء الدول الصديقة''، حينها كانت مصر تعاني أزمة مالية وبحاجة لتمويل بناء السد العالي، فوجدت الولايات المتحدة من ذلك فرصة ليس للمساعدة، لكن للضغط لكي تتخلى مصر عن دعمها للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، الأمر الذي رفضه ''عبد الناصر''، لكنه لم يرد الأموال بل أصدر قراره ببناء ''البرج'' الذي عُرف وقتها بـ''شوكة عبد الناصر''.

''زهرة اللوتس'' - شكل تصميم البرج- التي أُصدر قرار بنائها فكانت أشهر معالم القاهرة، ظلت شاهدة على العاصمة المصرية لسنوات عديدة، يفد إليها السائحون وأهل البلد، يجد فيها البعض مصدر رزق، وغلق أبوابها توقف لحياتهم وإن لم يصعدوا لطوابق مبناها الـ 16.

هدوء يسيطر على ''شارع البرج'' كما تشير اللافتة المتواجدة، لا مرور إلا قليل المارة والسيارات، على اليسار من جهة الذهاب، إن لم يعرف العابر وجهته ربما يمر عليه دون أن يلتفت انتباهه إليه، نسر علم الجمهورية يتصدر بوابة دخول البرج، لافتتان استقبال أعلى حواجز حديدية محجمة لساحة دخول خاوية على عروشها وضعت عليها ورقتان بيضاء بكلمات ''مغلق للتطوير''، ''شباك تذاكر'' تشير كلمات لافتته للزائرين، المنعدم وجودهم، إلا مَن أتى صدفة جهلًا بتطور الأحداث فيستأذن أفراد الأمن بالتقاط صورة.

جلس أميني شرطة بزيهما ''الميري'' بدا عليهما الملل، كلمات قليلة تخرج عنهما، يحتسيا ''الشاي'' بين الحين والآخر، يتحدثا لبعضهما تارة، ويجيبا السائلين عن أسباب الغلق تارة أخرى، ''علاء علوي'' أحد أفراد حراسة ''البرج'' منذ عشرة أعوام، صعوده للبرج كان في وصفه ''ميت مرة''، يرى فيها السائرين من أعلى ''زي النمل''، حماية المبنى والزائرين مهمته الأساسية، بينما الآن الشارع بشكل عام محور اهتمامه ''من كام يوم كان في بنت هتتسرق شنطتها لحقناها''.

خلاف الأيام والساعات التي تأتي فيها ''الأوامر'' بالاستعداد وتمشيط المنطقة، تظل الأوضاع هادئة حتى يرحل أمين الشرطة مع اقتراب الشمس على المغيب.

تقف سيارة ''تاكسي'' على الرصيف المقابل ''للبرج''، يخبر أمين الشرطة الشاب المترجل عنها ''مقفول...مقفول''، لم ينتبه ''هيثم صلاح'' للكلمات إلا بعد انصراف السيارة، ينظر لصديقه ''صلاح عياش'': ''مقفول ازاي.. بجد؟''.

''إيه ده البرج تصدق عمري ما روحته'' أخبر ''صلاح'' رفيقه بالعمل أثناء مرورهما بوسط البلد، ضيق الشاب ابن السابعة والعشرين عامًا دفعه لاصطحاب صديقه ''زهقانين جدًا قلنا نتمشى شوية''، من عين شمس وفدا، لم يعلما بأمر الغلق، سخرا من حظهما العثر ''هنروح فين دلوقتي'' مشيرًا ''صلاح'' لسيجارة بنية اللون ضمتها إصبعيه مخالفة لما اعتاده ''السيجار أبو عشرين جنيه ده كنا هنشربه فوق''.

مشاكل يتعرض لها ''عامل الشركة المصرية للأدوية'' جعلته يرغب في زيارة أعلى مكان يرى فيه البراح الذي لا يجده بنفسه والآخرين ''حكم النفس على النفس وحش''، يذهب الصديقان خائبا الرجاء بحثًا عن مكان آخر، في الوقت الذي وفد به ''أميرة محمد'' و''منصور محمد''، هم كذلك لم يعلما بأمر الغلق، لم يأتيا من قبل لزيارة البرج، فاكتفيا بالتقاط الصور لهما أمامه.

إلى البرج يفد الموظفون كل يوم، منهم مَن يوقع بالحضور ويذهب، والبعض طبيعة عمله ألزمته التواجد، ''محمد عاكف'' موظف بإدارة البرج، لا تتعدى فكرة البرج بالنسبة له سوى ''مكان شغلي''، فقبل عمله عام 2006، لم تعرف قدماه طريقها إلى البرج، استياء ''عاكف'' كان بالبداية كحال جميع العاملين، حسبما قال، حيث جائهم القرار دون أية تفاصيل توضح حالهم، فالأمر كان ''سوء تفاهم''، لأنهم ''مش عارفين مصيرنا''، أيام تمكن القلق من ''عكاف'' وجميع العاملين بالبرج، الذين ما كان خروجهم وقتها سوى ''عايزين نعرف ليه اتقفل'' أما الآن يشعر ''عاكف'' بالراحة بعد قرار الإبقاء على جميع العاملين رغم عدم تحديد ميعاد بعودة العمل.

تلك ليست المرة الأولى التي يتعرض لها الشاب العشريني لقرار غلق البرج ''كان في تجديد شامل استمر بدأ في 2006 واستمر لغاية 2008''، وكل ما في الأمر الآن أنه أصبح تحت استثمار شركة خاصة.

بشارع ''البرج'' يرافق ''مجدي علي'' الهدوء، يأمل في القادم المصطحب لأبنائه أن تكون رغبته في ''لفة'' معهم بـ''الكارتة''، خلاف ذلك تمتد ساعات انتظار الرجل الستيني جالسًا على حافة العربة، بينما تداعب أرجل حصانه ''عنتر'' الأرض كسرًا لطول الوقوف.

''ربنا موجود أحسن من الكل'' بمرارة قال ''علي''، فالحال منذ غلق أبواب البرج ليست كسابقه، وإن لم تكن أفضل حالاً قبل خمسين عامًا منذ بدأ العمل كسائق ''حنطور''، لم يبرح من وقتها منطقة ''الجزيرة'' وكورنيش النيل، شهد افتتاح البرج، لكن ما خطر بباله يومًا الصعود أو اصطحاب أبنائه الخمسة إليه ''التذكرة كانت بـ10 جنية ودلوقتي بـ20، الواحد كل همة أكل العيش يا دوب''.

حال ''علي'' كرفيقي المهنة ''وجدي صبحي'' و''علي حسن''، ببداية الشارع يجلسا يوميًا من الحادية عشر صباحًا وفي تمامها بالمساء، انتظارًا لـ''زبون'' يحقق لهم مرادهم من اليوم ''طلعة'' تدر عليهم 15 أو 20 جنية، من بولاق يأتون مرددين كلمات ''سبحان الرزاق''، يهيء ''صبحي'' حصانه ''بلبل'' و''علي'' يُعد ''سمير''، الأول آخر مرة صعد بها للبرج في زفاف أحد الأصدقاء قبل 15 عامًا، بينما ''علي'' لا يجد في ذلك متعة بل الحصول على جنيهات ''الأجانب'' الخارجين من زيارته أكثر سعادة له ''عندي 4 عيال كل واحد أدفع له 20 جنية مالهاش لازمة''.

يكتفي الصغار ''محمد، أريج، وهلا'' بنظرة حزينة يلقونها متمتمين بـ''هو ده البرج''، داخل ''الأتوبيس'' المار قرب منطقة الكورنيش عائدًا بهم إلى الإسكندرية، بينما تبقى لوالدتهم ''حسناء'' ذكرياتها مع ابنتيها العشرينيتين في ''صرح من صروح القاهرة'' كما تصفه، وكلمات تحتفظ بها منذ طفولتها المنقضية بالإسماعيلية عن برنامج الرحلة القادمة إلى القاهرة حينما كان ثاني الأماكن التي يقصدها طلاب المدارس ''الهرم، البرج، رحلة نيلية''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: