لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

''فاطمة''.. رئيس جمهورية وحدة صحة ''الأنصار''

06:10 م الجمعة 28 مارس 2014

''فاطمة''.. رئيس جمهورية وحدة صحة ''الأنصار''

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – إشراق أحمد ودعاء الفولي:

لا صوت يعلو فوق السكون، تضع الطبيبة الأربعينية قدمها على الأرض، تسير خطوات حتى باب الوحدة الصحية التي تخدم ثلاث قرى بمحافظة الفيوم، تمر أولًا على غرفة الكشف، ترتب محتوياتها، تطمئن على جهاز "السونار"، تلقي نظرة على الغرفة المستخدمة صيدلية، تبدأ في فض صناديق الدواء القادمة حديثًا، ترصها في الرفوف، مهام "فاطمة أمين" طبيبة الوحدة ليست علاج المرضى فقط، تترك أولادها، تذهب لمبنى متواضع بمنطقة أشبه بصحراء لا لشيء إلا أنها "بحب شغلي هنا عشان الدنيا براح".

عام 1989 تخرجت الطالبة في كلية طب قصر العيني بالقاهرة، رغم سكنها بالفيوم، فضلت الاغتراب "طب القاهرة هي الأفضل"، سنوات قضتها بين القاهرة وبلدتها "واشتغلت كام سنة كويسين في القصر العيني"، حتى تزوجت بشريك حياتها من أهل الفيوم "رجعت تاني واشتغلت في مستشفى الفيوم العام وفتحت عيادة"، لم ترض طبيبة الأطفال بالوضع هناك، رغم كونها وسط العمران "بس كانت الدنيا زحمة جدًا وضغط ومكنش فيه اهتمام بالمستشفى"، عندما علمت بإمكانية نقلها لوحدة "قرية الأنصار" رغم أنها أبعد من منطقة "المسلة" حيث تسكن.

يصطحب الخوف والدة "عبد الله"، "عبد الظاهر" و"هدى"، بسبب مكان الوحدة النائي، الذي قد يدفع البلطجية للهجوم عليها "بحاول أقفل المداخل"، رغم عمل 14 شخص معها، من موظفين، فنيين أجهزة، ممرضات، بينما تخدم الوحدة قرى "الأنصار"، "الشروق" و"الأجيال" وأخرى صغيرة بالمحافظة، لكن أكثرهم قربًا لها هي الأولى، يبلغ تعدادها 2450 شخص.

"كل اللي ييجي يبص ويمشي" هكذا الحال منذ نشأة الوحدة الصحية الخالية من المرضى بعد الثانية ظهرًا، مقاعد غير شاغرة تتصدر مدخل الوحدة، والحجرات مغلقة رغم تصنيف لافتاتها "أسنان، "اسعافات أولية" إلا التي تجلس بها الطبيبة وتشير إلى غرفة "طب الأسرة"، فيها تفخر "فاطمة" بتواجد جهاز "السونار" الحديث الذي استطاعت مع تعدد شكواها بحال الوحدة أن تأتي به وكذلك لوحة كشف البصر.

لم تتحول الطبيبة إلى "صيدلانية" من فراغ "مبثقش في الممرضات لأنهم ممكن يلخبطوا الأدوية"، تكتب الدواء بنفسها وتوصي المريض بكيفية تناوله "خاصة أدوية الأطفال لأنها بتبقى محسوبة بالملي"، موقف سابق حدث بعد عملها بالوحدة مباشرة "ممرضة أعطت كورتيزون بتاع كبار لطفلة"، من وقتها قررت أن تفعل ذلك بنفسها حفاظًا على سلامة المرضى "مفيش صيدلانية بييجوا هنا عشان المسافة بعيدة".

"أحنا ملناش هنا نبطشيات بشكل رسمي بسبب المكان"، يساعدها على ذلك أن أمراض أهل القرية "بسيطة"، تأتي مع زوجها والأولاد ليقضوا وقتًا بسكن الأطباء أحيانًا "جبتهم مرة وقعدنا 3 أشهر كان في أجازة الأولاد بس محدش كان بييجي كتير"، تقولها ضاحكة، قلة أعداد المرضى أنشأ بينها وبينهم علاقة جيدة، رغم كونها سيدة تعمل بمنطقة ريفية محافظة "بقيت عارفاهم بأساميهم وبيستشيروني في حاجات إنسانية ودة مهم بين الطبيب والمريض".

لوحات ورقية مصنوعة مكتوب عليها بخط اليد أسعار الخدمات بالوحدة، وحقوق المريض ورسالة الوحدة، ملصقات أخرى للتطعيم، وأخرى مرشدة بأن "ممنوع التدخين"، وخريطة للقرية صُنعت تحت إشراف الطبيبة. المظهر العام للوحدة يحسبه الجاهل أنه الأصلي منذ إقامتها، لكن الطبيبة تؤكد أنه لم يكن كذلك قبل ثلاثة أعوام إلا بعد العديد من الشكاوي التي بعثتها لوزارة الصحة والمحافظة منذ 2007. فقبل التغيير "كانت الحيوانات تقرف تدخلها" حسبما قالت "أم ندى" التي مر على سكنها القرية سبع سنوات، استقبلت بها التجديد بتطعيم ابنتها الصغيرة.

"أحنا المهاجرين وهم الأنصار" مداعبة بين الطبيبة والسيدة الثلاثينية "أم ندى"، نظرًا لعدم مكوث "أمين" قريبًا من الوحدة، رغم ارتباطها بالمكان لدرجة أهلتها أن تحل مشاكل شخصية لنساء القرية، تتذكر "كريمة" إحدى مرضاها التي كانت تأتي لها شاكية من المرض بينما الأمر نفسي بالأساس "متضايقة من المنطقة" سكنتها السيدة منذ تأسيسها في التسعينيات، حيث عانت مع المياة التي كانت تأتي بـ"الفنطاس"، واحتياجات يُنتظر يوم الخميس من كل أسبوع لجلبها، ومواصلات غير متوفرة للتنقل، كل ذلك واجهته المريضة بعد العودة من ليبيا.

مثل تلك الحالات واجهتها طبيبة الأطفال من قبل "شوفنا الحالات دي كتير"، والتعامل معها معروف، إما مسكن أو حقنة "محلول ملحي" لا تضر أو تفيد المريض لكنه يُخيل له ذلك "بعد ما بياخدها يقول يا سلام يا دكتورة ارتحت دلوقتي"، فخبرتها مكنتها من أن تصير أشبه بطبية نفسية تهتم بحالة مرضاها بالحديث إليهم أكثر من كونها مهمة تقوم بها من أجل المال. مرتبها الشهري لا يصل 2000 جنيه، أقل من المبلغ الذي كانت تحصده عندما كان لها عيادة خاصة "بس سيبتها لأني بذاكر لولادي وهما أهم".

يأتي "عبد الجواد أحمد" بسيارته الـ127 البيضاء عائدًا من الأرض الزراعية خاصتهم، ينتظر الطبيبة حتى تنتهي من إغلاق الوحدة، ليعودا معًا إلى منزلهم بمنطقة المسلة، لم يمانع يومًا عملها، بل كان وجوده بقربها محفزًا لإصرارها على "خدمة الناس".

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: