حكاية 8 صور من جلسات حرافيش "محفوظ" في ذكرى ميلاده
كتبت – يسرا سلامة:
منذ 103 عاما كانت الوالدة تتألم وتأمل في آن واحد، بعد أن خرج من أحشائها طفل صغير، حبا الطفل أمام عينيها، صار شابا يافعا، تحمس لثورة 1919 رغم طفولته، اتقد في ذهنه ملامح الحي القديم، الجمالية، انطبع في نفسه مصر القديمة، كراسته الصغيرة كتب عليها حلمه الكبير "بقلم نجيب محفوظ"، عشق فتاة في العباسية، وتعلق بالممثلة الأمريكية جريتا جاربو، تزوج في الأربعين من عمره، وحصل نوبل متفردا في الأدب العربي.
في الحادي عشر من ديسمبر، تحل ذكرى ميلاد الأديب، وترفض ذكراه أن تنسي من محبين له، منهم أدباء وكتاب ومفكرون، ومنهم قراء متعلقون بحكايات محفوظ، ذكرى الأديب تخلدها مجموعة من الصور النادرة لجلساته مع حرافيشه، حصل عليها "مصراوي" من صديق الأديب والفنان التشكيلي "محمد الشربيني"، تجسد مجموعة الصور لقاءات الأدب المتعدة الأماكن.
عقب أن امتد العمر بـ"محفوظ"، كان يقسم الأديب أيامه بين جلساته وأصدقائه، فيما عدا يوم السبت الذي يقضيه بين الأسرة والعائلة، في أواخر أيامه، توزعت جلساته بين الأصدقاء، كل يوم هو في جلسة، الأحد في فندق شبرد بالقاهرة، والأثنين فندق نوفتيل، الثلاثاء فرح بوت بشارع البحر الأعظم، الأربعاء سوفتيل المعادي، الخميس فلفلة في المنيل، والجمعة يذهب إلى منزل الطبيب ''يحيى الرخاوي''، ليكون الثلاثاء يوم الأصدقاء الأقرب مثل ''الغيطاني'' و''الأبنودي'' و''نعيم صبري''، بجانب حضور من القنوات الفضائية.
مع "المسلماني".. لقاء قبل اللقاء
لأنه كان رئيس اللجنة الثقافة لاتحاد الطلاب بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، استطاع الطالب وقتها "أحمد المسلماني" مقابلة الأديب في حفل استقباله بعد فوزه بها بثلاثة أعوام، وقبلها كان يعرف عن محفوظ أكثر مما يعرف عن الجائزة بحكم قرائته، تردد بعدها الصحفي في دروب الأديب في مركب فرح بوت وفندق موفينبيك، وكان سببا في الترتيب لجلسة بين الأديب والعالم أحمد زويل.
مع "زويل".. 100 دقيقة بين العلم والأدب
وللقاء صاحبا نوبل قصة، يرويها "المسلماني" في أحد مقالاته، بعد كتابة "زويل" لكتابه "عصر العلم"، والذي اشرف المسلماني على تحريره، اقترح على زويل أن يقوم محفوظ بكتابة المقدمة، لكي يجتمعا صاحبا نوبل بين دفتي كتاب، فذهب المسلماني إلى محفوظ وقال له فكرة الفيمتوثانية، والاختراع الأخر وهو الخلية المتناهية الصغر، وقال محفوظ وقتها "إذن فالدكتور زويل ينتقل من السيطرة على الزمان إلى السيطرة على المكان"، ليدهش المسلماني من الوصف، ومنها يبدأ الأديب في إملاء المسلماني مقدمة الكتاب، وأثناء كتابة تلك المقدمة من ذهن نجيب لقلم المسلماني، كانت زيارة زويل معه، والتي استمرت حوالي 100 دقيقة، تحدثا فيها عن الأدب والعلم، ماضيه وحاضره.
مع "محي إسماعيل".. لقاء السينما وفرح بوت
جمعتهما السينما كما جمعتهما الكاميرا في عوامة "فرح بوت"، في فيلم "تحقيق" من بطولة محي إسماعيل والفنانة إلهام شاهين، عن قصة قصيرة لنجيب محفوظ، ومن سيناريو وحوار عاطف بشاي، والقصة لرجل يعاني مرض نفسي يذهب لبيت الموظفة سيئة السمعة (ميمي جمال) فتقول له اثناء جلستهما، يختبيء تحت السرير و يسمع صراخا من الصالة ، وبعد الجريمة يخرج ليراها مقتولة فيذهب للبيت مسرعا. يظل المحققون يبحثون عن القاتل ليكون القاتل هو المريض النفسي.
مع "محمد الشربيني".. الفنان والصديق
من قهوة ريش في الستينات، بدأت قصة الفنان التشكيلي "محمد الشربيني" بالأديب نجيب محفوظ، لتستمر بعدها، وتوطدت حين أصبح الشربيني واحدا من حرافيش الأستاذ، يداوم على حضور جلساته، ويحتفظ بصوره، وقارئ جيد لكل أعماله، وجامعا لكل أعداد المجلات التي تحدثت عنه حتى بعد وفاته، لا يتمنى إلا أن يرى متحفا يجمع أعمال محفوظ ومقتنياته.
مع "الأبنودي".. أيامنا الحلوة
جمعت الشاعر عبد الرحمن الأبنودى وأديب نوبل علاقة صداقة حميمة، وكانا دائما اللقاء، خاصة فى مقر التقاء الأدباء والمفكرين على مقهى “ريش” بوسط العاصمة، حيث كانا يتبادلان المودة والإعجاب بموهبة كل منهما الآخر، ومن أهم آراء الأبنودى فى محفوظ أنه ترك فراغا إنسانيا وأدبيا يصعب تعويضه، وقال فى عدد من المناسبات أن صداقة قوية كانت تجمعهما، وكانا يلتقيان كل ثلاثاء، فى عوامة فرح بوت.
وللأبنودى مزحة كان يقولها لمحفوظ قبل موته: "الحمد لله إنك لم تكن شاعرا". وكان الأديب الكبير يضحك ويقول له: لماذا؟! فيجيب الأبنودى بقوله: "كتاباتك أشبه بالشعر لكن الناس يسمونها رواية، ولو كنت شاعرا لأخذنا حقائبنا وعدنا إلى بلادنا"، وقد قرا الأبنودي لمحفوظ بعضا من كتابه "أيامي الحلوة".
مع "نعيم صبري".. عين الأديب
لضعف بصر الأديب في أواخر أيامه، اختار الأديب أن يقرأ له الأخبار والكتب الكاتب "نعيم صبري"، تتنوع بين اختيارات محفوظ نفسه أو اختيار نعيم، ينصت محفوظ جيدا بحسب "صبري" لكل كلمة تقال، كما كان شغوفا بالقراءة، ويتلهف عليها "هنبدأ القراءة امتي؟"، جملة لا يزال يذكرها "صبري" للأديب.
مع "لطيفة".. تعرف تتكلم بلدي
في مساء 13 يناير 2004، احتفلت الفنانة لطيفة بعيد ميلاد الأديب، وتأخرت للاحتفال وقتها بسبب رحيل الفنانة ذكرى، لتقدم الفنانة التونسية التهنئة للأديب على سطح عوامة "فرح بوت"، كما أنها قدمت التحية لمحفوظ في إحدى أغنياتها "تعرف تتكلم بلدي" من فيلم "سكوت هنصور" عام 2001، ووقتها هنئته بمناسبة صدور كتاب يروي سيرته الذاتية من دار الكتب.
زكي سالم.. الأستاذ في مقالات
جلسات دافئة وطيبة وودودة، هكذ وصف الكاتب الصحفي والروائي "زكي سالم" جلسات محفوظ في أحد مقالاته، مشيرا إلى أن عدد من الشخصيات العامة كان يحضر إليها، عدد من المقالات تركها سالم حول جلساته مع محفوظ.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: