السيكودراما.. علاج نفسي بلمسة رفاهية
كتبت : هناء عزالعرب
السيكودراما؛ لعل أصابك شعور باستهجان عند سماع هذا اللفظ، السيكودراما مصطلح يتكون من شقين وهما Psycho"" وتعني النفس و"Drama"، أي أن السيكودراما تعني الدراما النفسية، وهي أحد أنواع العلاج النفسي، يقوم فيه المريض بتجسيد أحد الادوار لها علاقة بالمواقف التي يمكن أن يكون عاشها في الماضي أو يعيشها في الحاضر أو من المحتمل أن يعيشها في المستقبل.
وذلك من أجل التنفيس عن ما يعانيه المريض بهدف إخراجه من عزلته النفسية، فتستغرق الجلسة من 90 دقيقة إلى ساعتين، ولا تصنف هذه الطريقة على أنها من طرق العلاج الجماعي، وتستخدم في علاج الصدمات العاطفية ومدمني الكحول، والأطفال الذين تعرضوا للعنف، فيصبح المريض أكثر قدرة على فهم مشاعره ومحاولة إيجاد حلول لها.
ويرجع الفضل في ظهور هذه الطريقة من طرق العلاج النفسي إلى العالم ليفي مورينو، فأسس جمعية مختصة للعلاج بهذه الطريقة، بعد أن عاش في فيينا ودرس الطب والرياضة والفلسفة، وشغل عدة مناصب في أمريكا أهمها في جامعة كاليفورنيا، وخلفته من بعده زوجته زيركا مورينو، الخبيرة في السيكودراما، والتي واصلت دراساته وأبحاثه في هذا المجال بعد وفاته.
تتكون عملية العلاج بالسيكودراما من ثلاثة عناصر وهي المخرج، والممثلين المساعدين، والمريض، وتتمثل وظيفة المخرج، وهو المعالج النفسي، في اختيار الممثلين والمكان المناسب للعلاج ووضع السيناريو، على أن يتم كل ذلك في سرية تامة.
فيما يتمثل دور الممثلين المساعدين، والذين يتراوح عددهم من 10 إلى 15 فرد ومن الممكن أن يصلوا إلى 25 فرد، في مشاركة المريض في أداء السيناريو.
أما المريض فيؤدي دور البطل وتتمركز حوله أحداث المسرحية، ويقوم بتمثيل واقع حدث له لإيجاد حلول لمشكلته.
يعتمد العلاج بالسيكودراما على أربعة أساليب وهي عكس الأدوار، المرآة، النموذج، والدوبلاج، ويعتمد أسلوب عكس الأدوار على تمثيل دور المريض لدور الشخص الذي يرى فيه المشكلة، كأن يقوم بدور زوجته التي يجد صعوبة في التعامل معها.
أما العلاج بأسلوب المرآة فيكون فيه المريض متفرج سلبي، حيث يقوم ممثل آخر بتأدية دو المريض حتى يستطيع الأخير التعرف على مشكلته ومشاهدة نفسه باختصار.
أما في حالة العلاج بأسلوب النموذج، فـيكون المريض وفتها متفرج ولكنه يساهم في تقديم حلول نموذجية بكيفية التصرف في هذا الموقف بطريقة سليمة، وما كان ينبغي فعله حينها.
وفي حالة العلاج بأسلوب الدوبلاج فيقوم شخص بتأدية دور ظل المريض بعد أن يعبر المريض بالتعبير شفويًا عن مشكلته، ويقوم الأول بالتعبير عن الكلام الشفوي بلغة الجسد، وحينها يوقف المعالج المسرحية ويسأل المريض إذا ما كان ظله استطاع التعبير عما يريد أم لا.
هناك ثلاث خطوات لعملية العلاج بالسيكودراما وهي التهيئة والإعداد ثم الحدث ثم التكامل، ففي خطوة التهيئة يتم إعداد المجموعة العلاجية من الناحية البدنية والنفسية والاجتماعية من أجل الوصول لجو عام مريح للمريض.
وفي الخطوة الثانية وهي الحدث يكتشف فيها المعالج الأوجه المختلفة للمريض، أما في الخطوة الأخيرة وهي التكامل فيكون المريض جاهزًا لإعادة اتزانه النفسي، بتقوية إحساسه بأنه قادر على السيطرة على مشكلته ويسأل المعالج المريض في هذه الخطوة عن شعوره حول استجاباته.
يمتاز العلاج بالسيكودراما عن الطرق التقليدية الأخرى، حيث يستطيع المريض معرفة نفسه بشكل أعمق ويصبح قادرًا على تقديم حلول علاجية لحالته.
العلاج بالسيكودراما للأيتام من أنجح الطرق، حيث يساعدهم في حل المشكلات الأسرية والتربوية والنفسية، فيتم التوصل للمشكلات التي تواجههم بصورة صحيحة متفقة مع الأسلوب العلمي لفهم أغوار النفس، وخاصة اللذين تعرضوا للإيذاء والحرمان بجميع أشكاله، حيث يصبحوا أكثر قدرة على مشاركة المحيطين في التعبير عن مشكلاتهم بعد أن كانوا غير قادرين على الفرار من العزلة.
فيديو قد يعجبك: