لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

''هيكل''.. 90 عامًا من الصحافة والسياسة و''مجالسة الرؤساء''

03:26 م الإثنين 23 سبتمبر 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - نوريهان سيف الدين:

90 عاما أتمها اليوم الكاتب الصحفي ''محمد حسنين هيكل'' وسط بحر السياسة متلاطم الأمواج، سنوات من العمل في ''بلاط صاحبة الجلالة'' و ''بلاط الرؤساء''، ينقل كواليس المشهد السياسي تارة، و ينقل تحليله للمشهد نفسه تارة أخرى، و بين الحين و الحين يستطيع القارئ و المتابع له تمييز و استخراج ''بصمة هيكل'' من كتاباته و آراءه و أعماله في دنيا الصحافة و السياسة في مؤسسات ''أخبار اليوم، روز اليوسف، الأهرام''

''الجورنالجي – كما أحب أن يلقب دائما''، مولود في خريف 1923 (23 سبتمبر) بقرية باسوس بمحافظة القليوبية، في عمر 19 عاما (1942) بدأ العمل بالصحافة، و عاصر طوال سنوات عمله تطورات عديدة على الساحة المصرية و الإقليمية و العالمية، فبين سنوات الحرب العالمية الثانية، و بين رحيل الملكية و قيام الجمهورية، و كيف كانت مصر قوة على ساحة ''عدم الإنحياز''، و كيف جائت جيوش ''العدوان الثلاثي''، ثم ملحمة ''المقاومة الشعبية'' استكمالا لحلم ''القومية و الوطن العربي''، ثم مداواته لآلام ''نكسة 67''، حتى ميلاد ''نصر 73'' و هبوط منحنى العلاقة بينه و بين ''السادات''، قبل أن يخرجه الاخير من ''معبد صحيفة الأهرام''، و يزج به في أيامه الاخيرة في المعتقل، بعد أن جاء اسم ''هيكل'' رقم (2) في قائمة ''اعتقالات سبتمبر 1981''.

''صحفي''، ''مراسل حربي''، ''كاتب سياسي''، ''عضو مجلس الإدارة و رئيس التحرير''، ''مستشار الرئيس''، ''وزير الإعلام'' و أيضا ''وزير الخارجية لمدة اسبوعين''، فضلا عن كونه مؤلف لكتب دمجت بين عمله الصحفي و مشاهداته للكواليس و مسرح الأحداث، و رؤيته التحليلية و النقدية .. كلها ألقاب التصقت بـ''هيكل'' على مدار أكثر من 70 عاما بالصحافة.


''الثورة'' .. ''ناصر'' .. ''هيكل''

كانت 23 يوليو بمثابة ميلاد جديد لـ''هيكل''، و استطاع من خلال متابعته و تغطيته لتطورات حركة الجيش و رحيل الملك و تشكيل الوزارة، استطاع الإلتصاق و التقرب من العسكري الحماسي ذو (الكاريزما) الطاغية ''جمال عبد الناصر''، لتنشأ بينهما علاقة وطيدة، بين عقل (هيكل) الرابط لـ''ما يطلبه الجماهير''، و قرارات ''ناصر'' لما تتطلبه الأحداث و توازنات القوى، ليخرج في 1953 كتاب ''فلسفة الثورة''، و الذي حرره ''هيكل'' بعد أن صاغه و وضعه ''ناصر'' و هو ما عرف بعدها بـ''الميثاق''.

لا يوجد دليل لبراعة ''هيكل'' و كيف استطاع تخفيف و تغيير المسارات، أقوى من ''خطاب النكسة''، و كيف استطاع بعد ساعات من الاجتماع المغلق بينه و بين ''ناصر'' من تخفيف ألم ''الهزيمة'' ليخرج في كلمة ''نكسة'' يمكن الشفاء منها و تداركها، و كيف استطاع ''قلم الصحفي'' من كتابة كلمات لملمت الجماهير و استدركت تعاطفهم من ''قائد مهزوم''، لتخرج هذه الجماهير في الشوارع مطالبة ''ناصر'' بعدم التنحي، و هو ما وصفه البعض بـ''المراهنة المجنونة من ناصر و هيكل'' على أعصاب و حب الجماهير.

''الأهرام'' .. ''معبد'' الصحافة و ''فرس الرهان'' الرابح

على الرغم من مرور سنوات طويلة على إنشائها قبل ميلاد ''هيكل نفسه''، و تحقيقها لكنز من الانفرادات و النجاحات الصحفية، إلا أن فترة رئاسة تحرير'' هيكل'' لمؤسسة ''الأهرام الصحفية'' تعد من أزهى الفترات التي شهدتها المؤسسة العملاقة سواء داخل مصر أو حتى على المستوى العالمي، بيد أنها صنفت ضمن أكثر 10 صحف توزيعا على مستوى العالم في فترة رئاسة تحريره.

1955 كانت بداية مغازلة ''هيكل'' ليعتلي عرش ''الأهرام''، و قوبل الطلب وقتها بالتسويف و الرفض الدبلوماسي، قبل أن يتكرر من جديد في 1956 داخل ''مضمار سباق الخيل'' بنادي الجزيرة، و فيها وقّع ''هيكل'' على عقد رئاسته لتحرير الاهرام، و بدأ العمل الفعلي و كتب اسمه على (ترويسة) الأهرام كرئيس للتحرير لأول مرة في الاول من أغسطس 1957، لترتفع أسهم ''الأهرامط في عهده، قبل أن يؤسس ''مركز الأهرام للداسات الاستراتيجية'' بتشجيع من ''ناصر''.


''السادات وهيكل'' .. من ''مستشار'' إلى ''معتقل''

رحل ''ناصر'' و بقى ''هيكل'' خزانة أسرار كبيرة، و كان على ''السادات'' المواجه لسلطة (مراكز القوى) أن يبدأ بالتقرب إلى ''هيكل'' لكي يضمن وسيلة اتصال فعالة و موثوق فيها للجماهير من خلال ''قلم هيكل'' و ''منبر الأهرام''، و تعاظم دوره خلال تغطيته لـ''الاستقالة الجماعية'' للوزراء في بداية عصر السادات.

''حرب 73'' كانت هي الأخرى فترة رواج لفكر و قلم ''هيكل''، و وصل الأمر أن قام ببعض التغطيات من الجبهة، و كانت ''مانشتات'' الأهرام هي الأكثر متابعة و توزيعا أثناء و بعد الحرب، قبل أن يتوجه القلم إلى هجوم و استهجان لقبول ''السادات'' لقرار وقف اطلاق النار، و هو ما كلّـف ''هيكل'' تركه للأهرام (بقرار رئاسي شيك)، يعفيه من رئاسة التحرير مقابل أن يصبح ''مستشار إعلامي للرئيس''، و هو ما رفضه ''هيكل'' قائلا: ''إن الرئيس يملك أن يقرر إخراجي من الأهرام، وأما أين أذهب بعد ذلك فقراري وحدي. وقراري هو أن أتفرغ لكتابة كتبي... وفقط''.

الصدام الأخير كان بعد توقيع ''معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية''، و هو ما كان يتخوف منه ''هيكل'' منذ قبول وقف اطلاق النار في حرب أكتوبر، بأن تتحقق المصالحة بين مطالب مصر و العرب و أطماع إسرائيل، و فيها شن ''هيكل'' حملة شرسة على ''السادات'' بأنه ينحرف عن مسار ''ناصر''، و في تلك الفترة أيضا برز ''أنيس منصور'' كـ(نديم صحفي) لـ''السادات''، تماما كما كان ''هيكل و ناصر''، لتنتهي فصول رواية ''السادات و هيكل'' أن يكون اسم ''محمد حسنين هيكل'' هو الاسم الثاني في قائمة ضمت أكثر من (1000 اسم) صدرت بحقهم أوامر اعتقال في سبتمبر 1981، قبيل فترة وجيزة من (اغتيال السادات)، قبل أن يفرج عن هؤلاء المعتقلين بعد تولي ''مبارك'' للحكم.

مؤلفات ''هيكل'' .. كتب عنهم وكتبوا عنه

منذ كتابه الأول ''إيران فوق البركان 1951''، و الذي خرج للنور بعد رحلة دامت شهرا كاملا لإيران، تابع فيها الثورة الإيرانية الأولى (ولاية مصدق)، و الصراع بين الشيوعية و الاشتراكية من ناحية، و دولة الشاه من ناحية أخرى، و دور ''المخابرات الأمريكية'' و كيف سعت لإعادة الشاه من منفاه بإيطالية و إرجاعه للحكم (عملية أياكس)، ليصيغ كل هذا في كتابه، متنبأءً بحركة مصرية على غرار إيران.

عشرات الكتب و المؤلفات أصدرها ''هيكل'' في أكثر من نصف قرن من العمل الصحفي المتشابك بالسياسة و التحليل المجتمعي، منها كتب ''العُـقد النفسية التي تحكم الشرق الأوسط، نظرة إلى مشاكلنا الداخلية (أزمة المثقفين)، خبايا السويس، نحن و أمريكا، عبد الناصر و العالم، حكاية العرب و السوفييت، حرب الثلاثين سنة (ملفات السويس)، أحزان حرية الصحافة'' و غيرها .. كما صدرت عدة أعمال كتابية تضمنت سير ''هيكل'' و تقييم لأعماله الصحفية.

هيكل .. ''عراب 30 يونيو''

أحداث متلاحقة أعقبت (25 يناير 2011)، و اتجاه الأنظار إلى الصحفي الكبير محللا للوضع و متنبئا بالجديد، ثم رحيل المجلس العسكري و قدوم رئيس منتخب، لا يلبث أن يختلف عليه الشعب، و تولد ''حركة تمرد'' تصرخ مطالبة برحيل ''مرسي''، لتقابل ''هيكل'' و يقدم لها (روشتة العلاج الصحيح) للوصول إلى ''خارطة الطريق'' لما بعد 30 يونيو، و هي المرة الاولى التي يقابل فيها شباب محسوب على الاتجاه الثوري منذ ميلاد 25 يناير.

 

فيديو قد يعجبك: