''عشش'' بين السرايات.. الحياة على ''قضبان الفقر''
كتبت - يسرا سلامة:
على خط سكة حديد تكمن بيوتهم، وعلى أصوات قدوم القطارات اعتادت آذانهم، وبين القطارات والعالم خارجه ''سور'' يمتد تكمن وراءه حياتهم، إنهم سكان ''عشش'' سكك حديد بين السرايات، مأوى أغلب العاملين في قطارات السكة الحديد في تلك المنطقة، فلم يجدوا سوى تلك ''العشش'' لتكون مأوى لهم ولذويهم.
بيوت صغيرة ذات طابق واحد، تتشابه الأبواب والأشكال، كما تتشابه في الهموم والمعاناة التي يشكو منها سكان المنطقة المعزولة عن الخدمات، فما بين انقطاع المياه وتراكم أكوام القمامة حول بيوتهم، يقضى أهالي سكك حديد بين السرايات بمحافظة الجيزة أيامهم.
منذ الخطوات الأولى على طرقات ''عشش'' سكك الحديد، تصاحبك حركة القطار طوال الطريق، وإن كنت من المحظوظين فلن يمر القطار وقت وجودك؛ فشارع المنطقة شريط رملي موازى لشريط السكة الحديد، يرتع على أرضه أطفال المنطقة بـ''كرة شراب''؛ لأنهم لا يملكون أموالاً لرفاهية اللعب في نوادي كبرى.
تركت الحياة لسكان المنطقة بعضًا من القمامة فوق منازلهم؛ فلا هي ترحمهم على الأرض أو فوقها، كما تفتقر المنطقة إلى الخدمات الأساسية؛ فأقرب سوق للشراء يبعد عن المنطقة عدة كيلو مترات، على حد قول الأهالي.
''أم محمد''..أحد ساكنات المنطقة منذ عشرات السنوات تقول:''أكثر مشكلة نعاني منها هي قطع المياه، بتقطع من 8 مساءً إلى 10 صباحًا، وعلى الحال ده من قبل الثورة''، تذكر ''أم محمد'' أن المنطقة لم تتأثر مطلقًا بالثورة من ناحية الخدمات أو النظافة، على حد قولها.
وعلى الرغم من وجود هيئة النظافة والتجميل أمام المنطقة مباشرة، إلا أن ''أم محمد'' وأقرانها من سكان المنطقة لم يروا عمال نظافة داخل المنطقة ''إحنا اللى بنكنس الشارع على طول، والعمال ما بيجوش هنا خالص''.
لا تخلو حياة ''أم محمد'' كأحد ساكنات المنطقة من هموم ومشكلات؛ فابنها الكبير مغترب في أحد البلاد العربية بحثًا عن الرزق، والآخر لا يزال أسير البطالة دون أي عمل ''للأسف أي شغل دلوقتي محتاج واسطة، حتى في شغلانة أبوه في السكة الحديد، حال البلد في النازل وربنا يستر علينا''، طبقا لتعبيرها.
لا تخفي ''أم ممدوح'' شعورها بالضيق من المنطقة ''للأسف إحنا هنا كل مشاكلنا سواء مياه أو الخدمات بنشكيها لهيئة السكك الحديد من أكثر من سنتين، وبعتنا كذا شكوى للهيئة ومفيش أي جديد، إحنا حتى لما احتجنا مواسير جديدة للمياه في المنطقة، جمعنا من بعض وجبناهم على حسابنا''، على حد قولها .
كما تعاني ''أم ممدوح'' من أحوال المعيشة الصعبة؛ فمرتب زوجها العامل في سكك الحديد لا يكفى لآخر الشهر ''والله الحال زيه زي قبل الثورة ويمكن قبلها أحسن كمان، كلهم زي بعض وإحنا بناخد الفتات في الآخر، الحاجات غالية علينا وربنا يعلم بينا'' .
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمةمصراويللرسائل القصيرةللاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: