لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

''ماما نور'' عن ''التحرير''.. هذا ميدان لم يعد كميداني

07:46 م الخميس 24 أكتوبر 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - إشراق أحمد ودعاء الفولي:

''عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية''.. بكل ما أوتيت به امرأة أربعينية من قوة هتفت بالكلمات الثلاث، وبكل ما تحمله من صبر ويقين احتفظت بمعانيها منذ أن خرجت من منزلها الكائن بمنطقة إمبابة متجهة نحو ''التحرير'' في الخامس والعشرين من يناير 2011.

''قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصبه، وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد''.. فرحت ككل من رابطوا طوال 18 يومًا مضت في انتظار ''يوم التنحي'' وإسقاط رأس النظام؛ استقبلت عيناها ملايين توافدوا للميدان مهللين بينما هدأت أساريرها هي وغيرها، تاركين تلك اللحظة لتكون بالنسبة لهم ''استراحة محارب''.

الثورة والذكريات

مر العام بأحداثه وظلت ''ماما نور'' - اسمها الذي تفضله وعُرفت به في الميدان - متمسكة بالهتاف والذهاب للميدان؛ انطلقت الدعاية الانتخابية وجاء وقت الترشيح، تراجعت ''ماما نور'' عن الإدلاء بصوتها لأحد ''أنا من ثوار 25 يناير، يعني ما انفعش انتخب لا إخوان ولا فلول''.

شهور مرت على إعلان أول رئيس منتخب من الميدان، واقترب العام وبداخلها وكلما أُتيح لها الحديث بدت معترضة على سياسية '' محمد مرسي''، حتى انطلاق حملة ''تمرد'' فانضمت لها، وفي 26 يونيو مزقت الورقة وقالت ''أنا بريئة من الدم اللي هيحصل''.

بالأمس منذ عامين كانت ''ماما نور'' بقلب الميدان لم تبرح أرضه مشاركةً وقت الاحتشاد أو زيارةً وقت خلائه، واليوم على أطراف مدخله قرب كوبري قصر النيل جلست على كرسي بلاستيكي، أعطت ظهرها لحشود متجهة نحو الميدان ترفع الأعلام المصرية وبأيديها صور الشخص الذي تهتف باسمه ''سيسي ..سيسي''، على أنغام أغنية ''تسلم الأيادي'' الصادرة من السيارات وداخل الميدان.

الحسرة على ''ميدان الثورة''

''الحزن والسخط'' هما رفيقا ''ماما نور'' من وإلى الميدان، تنظر له فإذا الأمن قد انتشر بأرجائه، وأغلقت الدبابات مداخله ''3 سنين موت مين اللي بيموت الناس دي، عايزة واحد يتقدم للمحاكمة أي حد مسئول، كل واحد عنده مبرر للقتل وما فيش مبرر أن مصري يقتل مصري، أنت بتقتل عشان إيه ؟!، بتقول معاهم سلاح امسك اللي معاه سلاح ''.

''ماما نور'' غير راضية عن الأوضاع الحالية سواء من القتل الذي تشهده البلاد والاعتقالات؛ فهي ترى أن فض اعتصامي ''رابعة والنهضة'' لم يشهد قتل المسلحين - على حد ادعاء الأمن - ''أنت لما دخلت بالسلاح اعتصام رابعة ما موتش كل اللي معاهم سلاح، أظن كل اللي معاه سلاح جري، دافع عن نفسه أو قتل وجري لكن أنت قتلت الأبرياء، لو في ناس معاها سلاح زي ما بتقول امسكهم وحاسبهم بالقانون''، على حد قول السيدة الأربعينية.

لم يلق رأي ''ماما نور'' سوى الهجوم من المخالفين لها لكنها آثرت الثبات على الموقف ''ما يهاجموني ده رأيي مش هتنازل عنه، أنا نزلت ثورة 25 يناير دفعت من صحتي وفلوسي عشان البلد تتعدل والشباب تشتغل، عشان الغلاء، عشان الظلم، وما زلنا عايشين فيه، يبقى إيه اللي اتغير ناس بتضرب ناس''.

المحاكمة العادلة لكل من أجرم في حق هذا البلد وليس الإقصاء هو سبيل الإصلاح بالنسبة لـ''ماما نور''، مستنكرة القتل العشوائي لكل من يخرج في مظاهرة، ليس فقط لإن ليس كل من يخرج ''إخوان'' لكن ''لما تقتلهم بترسخ في ذهن قرايبهم وصحابهم وعيلتهم إن الإخوان صح مش غلط، أنت كده ما حلتش أنت عقدت، ما هو لما تجور على حق مواطن أيًا كان ومش راضي عنه ما ينفعش تقصيه، ما ينفعش تقصي فصيل بيأيده، إحنا مش هننكر إن الإخوان في كل عيلة رضينا أم أبينا''.

الإخوان.. الدفاع والهجوم

اعتراضها على الأوضاع الحالية ليس محاباة لـ''الإخوان'' كما يظن كثير ممن يتحدثون إليها لكنها ''أنا مع الحق، أنا مش عايزة الإخوان تمسك تاني، هما دمروا نفسهم لا نفعوا دين ولا سياسة''.

لكنها ترفض وبشدة إلصاق تهمة الإرهاب لهم ''هم مش إرهابين، أنا عاشرتهم هنا هم أنانين طماعين عايزين نفسهم وكيانهم واللي ينضم لهم، خانوا الثورة لما قعدوا مع العسكر، يتقال فيهم كل حاجة، إنما إرهاب دي قصة كبيرة أوي، الإخوان بقالهم قد إيه في البلد، فجأة كده لما مرسي مسك اتعرف إنهم إرهابين، ولو فعلًا كده المفروض دي معلومة تبقى عند المخابرات والجيش والشرطة وكل الناس''.

طوال جلوس ''ماما نور'' جوار الميدان الذي اختلف بالنسبة لها عما كان تراودها الأسئلة دون إجابة سوى التعجب ومزيد من الصمت ''كام واحد في فض اعتصام رابعة اتقبض عليه معاه سلاح؟، دول لو معاهم كمية السلاح اللي كانوا بيقولوا عليها مش الفض ده كان خد أسبوع أسبوعين؟، هل الشباب كلها اللي مؤيدين الإخوان وماتت دول إرهابين، ولا طالعين يقولوا رأيهم، طيب مهما كان مؤيد اللي بيأيده ده مصري، هو ما رحش يأيد إسرائيل عشان تقتله، فهمه الصح لو فاهم غلط''.

السيسي.. والانتخابات الرئاسية

ووسط أنغام ''تسلم الأيادي''؛ يعلو صداها بالأرجاء، قالت ''ماما نور'' بنبرة حزينة إن الاحتشاد بميدان التحرير ورفع صور '' السيسي''، ما هو إلا اندفاع عاطفي من الناس ''الشعب مش فاهم حاجة، انزل عشان خاطر مصر والوطن، انزل عشان السيسي ينزل، الناس اللي نزلت دي عشان مصر مش فاهمة حاجة أنا عذراهم''، حسب وصفها.

انتقادها للأحداث الحالية والفريق أول عبد الفتاح السيسي لدوره في عزل ''مرسي'' وحشد الناس في الميادين بدعوى ''التفويض'' يجعلها عرضة للاتهام بأنها ''كده بتتقلبي على الجيش''، بينما ما تراه ''إحنا لازم يبقى موققنا محدد، ما دام بنتكلم على أفراد يبقى الكلام بعيد عن الوطن''.

فكرة ترشح ''السيسي'' لرئاسة الجمهورية دفعت السيدة الأربعينية للابتسام قائلة ''خليه يبقى رئيس، بس يبقى ده كان انقلاب بقى؛ لإن لو مش انقلاب المفروض الجيش يبقى على الحياد''.

ثورة 25 يناير لا تترك حديث ''ماما نور''؛ فتارة تذكر سبب موقفها ''أنا لما نزلت من بيتي في 25 يناير كان إخلاص لله في الأول والوطن، أنا مش هينفع اضحك على نفسي، وتارة أخرى بإشارة إلى مكان البوابات الإلكترونية المنتشرة على مدخل الميدان تذّكر'' الـ18 يوم اللي قعدناهم هنا كنت بقعد مكان الجهاز اللي حاطينه، وكنا بنأمن الميدان''، وكذلك يوم أن صرخت بالأمن منذ ما يقرب من العام مطالبة له ''ينضفوا الميدان من البلطجية، لأن ما فيش ثوار في الميدان'' لكن دون استجابة.

الوضع الحالي حزين بالنسبة لـ''ماما نور''؛ لم يتغير كما تمنت بنزولها في 25 يناير''كل حاجة زي ما هي، ما فيش حاجة اتحققت، كل اللي بيحصل ده مش مظبوط أمن الدولة رجع تاني''.

لكن أكثر ما يدمي قلبها حزنًا هو إنكار أن ما حدث بـ25 يناير كان ثورة ''هم معتبرين أن 25 يناير مش ثورة، و30 يونيو هي الثورة''، بينما ترى أن ''30 يونيو كانت ثورة على الإخوان بس''.

محاكمة القادة

''مبارك والمشير والسيسي ومرسي المفروض كلهم يتحاسبوا''.. هكذا ترى ''ماما نور''، ومع اعتراضها على تدخل القيادة العسكرية في الأوضاع السياسية لاعتقادها أن ''مش هيمسكوا مدني تاني خلاص عشان ميزانية الجيش وما يسألش من أين لك هذا وفين''، لكن ذلك ما هو إلا رغبة منها في رؤية جيش مصري قوي ''إحنا عايزين الجيش ده يبقى أحسن جيش يعدل اتفاقية السلام، أنا بهاجم قيادات لكن الجيش ده مننا''.

''ساعات أقول مين الصح ومين الغلط، وبعدين أقول لأ مش هتشوش''.. صراع ذهني يلاحق ''ماما نور'' بين الحين والآخر، لكنها تنظر حولها، للشاب الذي رفع علامة ''رابعة'' قرب الميدان؛ فانهال المارة عليه ضربًا حتى كاد يفارق الحياة، وصديق ابنها ''أحمد'' الذي توفي في ''أحداث العباسية'' ولم يأتِ حقه حتى الآن، ولأفراد الأمن الذين تراهم بالميدان، وقد شاركوا في قتل المتظاهرين بيناير ''الناس هم هم اللي قتلوا في 25 يناير، طيب غيروهم، هم مش من سنة بيقتلوني ودلوقتي أشِلهم على كتافي''، على حد قولها.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة واغتنم الفرصة واكسب 10000 جنيه أسبوعيا، للاشتراك اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: