طبيب أعصاب بـمحمد محمود: كلنا مغلولين.. لأن ملقيناش حتى صدى للي حصل
كتبت - إشراق أحمد:
علامات الاستغراب ونفي معرفة أكثر من التفاصيل التى حدثت منذ عام، هى رد الفعل الذي يأتيك بمجرد أن تذكر له أحداث ''محمد محمود''، والتي لم تكن حدثاً عادياً في حياته بشكل عام، وفي كونه دكتور المخ والأعصاب الوحيد الذي تواجد وقتها بالأحداث بين طاقم الأطباء.
مسجد ''عمر مكرم''؛ حيث المستشفى الميداني، ذلك المكان الذي شهد فيه ''غريب فاوي محمد'' ما لم يشاهده من قبل منذ أن بدأ حياته كأستاذ المخ والأعصاب بكلية طب الزقازيق وطوال رحلته الطبية كرئيس قسم المخ والأعصاب بطب سوهاج، وعضو المنظمة العالمية للسكتة الدماغية، والأكاديمية الأمريكية للأعصاب.
كان النزول وقت الثورة منذ 25 يناير مختلف عن أيام شهر نوفمبر وقت أحداث '' محمد محمود''، ليس فقط في أن دافع النزول في الأخيرة جاء استجابة لمناشدة في التليفزيون بضرورة تواجد أطباء للمخ والأعصاب بالميدان، لكن أيضاً في كونها بالنسبة له ''أسوأ الأحداث'' لأن '' إلى جانب الخرطوش كان الغاز رهيب جداً وأيام محمد محمود كانت مرتبطة بده''.
تواجد ''غريب'' بين 10 أطباء مختلفي التخصص في مستشفى عمر مكرم الميداني بشكل فعلي يوم 21 نوفمبر أي ثالث يوم من بدء الأحداث، وهناك '' صعقت شوفت حاجات عمري ما كنت شوفتها في حياتي، خاصة وأن عمر مكرم كان المركز الرئيسي اللي بيتجمع فيه كل الحالات الصعبة شوية'' هكذا تذكر تلك الأيام التي كان فيها شاهداً كطبيب .
ليأتي تأكيده أن يوم 23 نوفمبر أو ''الأربعاء الدامي'' كما وصفه في شهادته الموثقة عن الأحداث، والتي سبق أن قدمها في أكثر من جهة منها مؤتمر بنقابة الصحفيين ل''أطباء التحرير''؛ كان أكثر الأيام سوءاً حيث '' على قرب المغرب زادت الأمور عن حدها حتى أننا مقدرناش نسجل عدد الحالات وقتها ففي الدقيقة كان بيجي 25 – 30 واحد لدرجة أننا كنا نتابع المرضى على الأرض''.
ومن المشاهد التي لا ينساها ''غريب'' : '' وقت المغرب كان الشباب بيصلي وقدامهم الشرطة وبعدين الجيش يعني لو الشرطة ماضربتش يبقى الجيش للأسف كنا في منتهى القسوة في الأيام دي''.
'' نوبات هلع وتشنج واحد يجيلك مخنوق وافرازات سميكة من الأنف والفم واحمرار وتدميع شديدين بالعينين وتشنج بالجفون''؛ تلك الأعراض التي شاهدها '' غريب'' على الحالات جعلته يشك في أن القنابل المسيلة للدموع ليس من نوع cs'''' أو'' cr'' الذي كان يُستخدم وقت 25 يناير'' اللي شوفته من الأعراض لقيت أنه مايركبش على غاز معين مثل أعراض غاز CS أو CR إنما على كوكتيل غاز سيء السمعة مثير للأعصاب''.
وهذه الكلمات التي قالها '' غريب'' أخذ يرددها منذ نوفمبر الماضي مضيفاً مشاهداته بأن '' علب القنابل لما شوفناها لقينا شكلها صنع محلي بعضها مدة صلاحيته انتهت منذ 2003 و 2008وبعضها مش عليه لا تاريخ ولا مكان صنع ولا أي حاجة مجرد عبوة مصنوعة تحت بير السلم يعني يبقى معمولة من أقذر حاجة بقى''.
واستمر في بحثه عن نوعية ذلك الغاز لكن لم يصل إلا أنه '' كوكتيل غاز'' له تأثير على المدى البعيد أخطر منcs '' و'' cr'' قد يصل إلى الإصابة بالسرطان، مطالباً منذ ذلك الوقت بتوقيع مصر على اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيميائية التي يدخل ضمنها تلك القنابل التي كان يتم إطلاقها على المتظاهرين، خاصة بعد اكتشافه أن مصر إحدى خمس دول غير موقعة على تلك الاتفاقية.
''مرتين الواحد بكي فيهم بحياته الأولى في الزقازيق بعد التخرج لما شوفت حالات الوفاة والتانية في عمر مكرم لما جالي شاب وأنا بعالجه وبعد ما شد حيلة شوية قولتله روح البيت قالي اروح فين أنا ميت ميت أروح أعمل ايه ''، كانت هذه أكثر المشاهد التي أثرت في أستاذ المخ والأعصاب الذي ظل يتساءل '' دول كانوا ولاد ناس ليه بتعملوا فيهم كده القنابل دي كانت وقت الحرب مع الأعداء وتم حظرها لخطورتها'' .
وتذكر كذلك كيف تم ضرب القنابل على المستشفى مما اضطر الأطباء، والذين كان منهم على وشك الاختناق إلى غلق المنافذ؛ وما كان ولازال يتمناه '' كان نفسي حد من علماء الكيمياء والبيولوجي يحللوا لنا الغاز ده لأني كطبيب واللي شوفته لا ينطبق على غاز معين'' .
وعلى الرغم من نفي وزير الصحة ''عمرو حلمي'' ووزير الداخلية '' منصور العيسوي'' وقتها لما قاله ''غريب'' بشأن قنابل الغاز المثيرة للأعصاب إلا أن غريب أكد أنه في ذلك الوقت طلبت إحدى القنوات التليفزيونية منه التواجد مع وزير الصحة للرد على ذلك لكن الأخير لم يأتي ولم يعرب عن سبب واضح لذلك.
ومع كل ما أثير بشأن ذلك الأمر وقتها غير أنه لم يتم فتح الحديث فيه بشكل رسمي '' اتكلمنا وقولنا هنعمل لجنة ومافيش حاجة حصلت كل واحد في وادي'' هكذا قال '' غريب''، مضيفاً أنه '' كان شاهد رئيسي في اكثر من مكان فالمفروض يبقى في هيئة أو مؤسسة تانية حقوقية أو قانونية تتولي الموضوع بشكل قضائي '' .
ولم يجد ''غريب'' تفسيراً لذلك غير ''مازال عندنا نوع من التراخي نشد نشد وبعدين نهبط ما اعرفش هل نوع من الاحباط أم اليأس''، مؤكداً أن إذا كان من سينزل 19 نوفمبر القادم بسبب الشعور '' بالغل'' مما حدث فإن '' كلنا مغلولين لأن ملقيناش حتى صدى للي حصل ده''.
عام مر على الأحداث ولازال الأمر '' كان مبكي '' بالنسبة ل'' غريب'' لأن '' الواحد حس أن في أوامر صماء عمياء بينفذوها وبس الواحد نفسه حد يجاوب على سؤال ليه يضربوا أصلا لو كان الأمر التعامل مع الاعداء كان ممكن يبقى مفهوم شوية''.
ومازال أيضاً المطلب الرئيسي حتى الآن لأستاذ المخ والأعصاب هو توقيع مصر على الاتفاقية حتى '' نضمن لو يوم من الأيام حصل مظاهرات سلمية مايتعملش كده تاني مافيش حد راح التحرير ما استنشقش غاز والله اعلم على المدى البعيد هيحصلنا ايه مش عايزين الأجيال الجاية تتأثر من نفس الموقف''.
وإلى جانب ذلك يأتي المطلب العام والخاص والقديم والجديد على حد وصفه '' ضرورة محاكمة المسؤولين لغاية دلوقتي لم يقدم للمحاكمة من استخدم قنابل الغاز المحرمة دولياً ومنتهية الصلاحية''
فيديو قد يعجبك: