6 أزمات يُسلمها أوباما لترامب.. "التاريخ لن يرأف برأس الدولة العظمى"

كتب - محمد قاسم:

ترك باراك أوباما الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، إرثًا من النزاعات الدولية، للرئيس الجديد دونالد ترامب الذي طالما أثار الجدل منذ ترشحه للرئاسة العام الفائت ووصوله المفاجئ إلى سدة الرئاسة.

ضمت أبرز النزاعات الدولية التي تتداخل وتتضارب المصالح الأمريكية فيها الحروب التي خرجت من رحم الربيع العربي الذي اندلع في 2011 بعد ولاية أوباما بعامين، أبرزهما الأزمة السورية، والليبية واليمنية والعراقية لا تقل إحداهما عن الأخرى في نزيف دماء الأبرياء من الأطفال قبل النساء والرجال، فضلًا عن أزمات أخرى إيرانية كانت أم أوكرانية.

ويقول د.حسن نافعة -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- إن "كل إدارة أمريكية لها أسلوب وعقيدة خاصة تعبر عن قوى اجتماعية معينة وتمارس السياسات وطبيعي أن ترث الإدارة الجديدة عن الإدارة السابقة المشاكل والأزمات الدولية".

وقبل أقل من أسبوع من التنصيب؛ حذرت الاستخبارات الأمريكية في تقرير تشاؤمي، من أن إدارة ترامب ستواجه تزايد خطر حصول نزاعات دولية وتراجع القيم الديمقراطية بصورة لا مثيل لها منذ انتهاء الحرب الباردة -الصراع غير المُباشر الذي وقع بين القوتين العظمتين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي - في القرن الماضي.

ونرصد في هذا التقرير أبرز الأزمات التي حدثت في ظل إدارة أوباما:

الأزمة السورية:

قال أوباما في خطاب الوداع أمام الأمم المتحدة قبل حوالي 4 أشهر، إن "الوضع في سوريا يبقى هاجساً يلاحقني. معرفة أن مئات آلاف الأشخاض قتلوا والملايين نزحوا، ذلك كله يحملني على التساؤل عما كان في وسعي أن أفعله في صورة مغايرة خلال السنوات الخمس أو الست الأخيرة".

تردد أوباما في اتخاذ القرارات المصيرية بشأن سوريا، وحسب بدقة تكلفة أي قرار على موقع الولايات المتحدة والكلفة التي ستدفعها، خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بالتدخل العسكري المباشر.

ووثق المرصد السوري في تقريره السنوي عن عام 2016، قتلَ قوات النظام السوري 8736 مدنياً، بينهم1984 طفلاً، و1237 سيدة، و447 بسبب التعذيب، حيث بلغت نسبة النساء والأطفال إلى المجموع الكلي للضحايا المدنيين 37%، وقدَّم التقرير إحصائية المعتقلين لدى قوات النظام السوري حيث بلغ عددهم ما لا يقل عن7543 معتقلاً، بينهم 251 طفلاً، و448 سيدة، منذ بدء الأزمة السورية قبل 6 سنوات.

وتقول الباحثة الأمريكية هالي دكرس، المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط وإيران، في تصريحات عبر البريد الإلكتروني لمصراوي: "بالنسبة للبعض، تمثل سوريا للرئيس المنتهية ولايته أوباما أمرًا مهمًا، في ذات المكانة التي احتلتها الإبادة الجماعية في رواندا بالنسبة للرئيس الأسبق بيل كلينتون. كلاهما يمثل خطأ فادح في السياسة الخارجية".

الأزمة الليبية

كان للأزمة الليبية، أثرًا آخر في نفس أوباما، وقال لقناة "فوكس نيوز" الأمريكية حول "أسوأ خطأ ارتكبه"، لأنه لم يضع خطة لمتابعة الوضع في ليبيا بعد التدخل العسكري في 2011 والذي أدى إلى سقوط نظام معمر القذافي.

وبدأت الأزمة الليبية في فبراير 2011، وبعد سقوط القذافي؛ باتت الميليشيات المتخاصمة تتنازع السلطة واستفاد تنظيم "داعش" من هذا الوضع لتعزيز موقعه. وانقسمت البلاد سياسياً وعسكرياً، وصار لها برلمانين وحكومتين، إحداهما بطرابلس والثانية بطبرق.

الأزمة العراقية:

بعد شهر واحد من وصول أوباما إلى الحكم في 2009، أعلن جدولا للانسحاب الامريكي من العراق، وقال في حديث بالبيت الأبيض حينها "هذا ما قمنا به. لقد قمنا بسحب مئة ألف جندي امريكي من العراق. لقد أغلقنا مئات القواعد وقمنا بتسليمها إلى العراقيين، كما قمنا بنقل ملايين المعدات من العراق".

وأكد أن بلاده دفعت ثمنا باهظا لمشاركتها في النزاع الدائر هناك، حيث سقط أكثر من أربعة آلاف جندي أمريكي قتلوا في العراق منذ غزوه في مارس 2003.

وتقول دكرس، إنه على الرغم من تقليل أوباما عدد الجنود الأمريكيين المنتشرين في العراق وأفغانستان، إلا أنه قام بعدد غير قليل من العمليات الخاصة خلال حقبة الثماني سنوات.

داعش

وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" إقامة خلافته الإسلامية في سوريا والعراق، في 2013، وقادت الولايات المتحدة تحالفا دوليا، لقتال "داعش" في العراق.

واستمرت الحرب أكثر من عامين ونصف، لجأت فيهم أمريكا للطائرات بدون طيار دون إرسال قوات برية، حتى أصبح فيها "داعش" بموقف الدفاع على أكثر من جبهة في العراق وسوريا على حد سواء.

اليمن:

اندلعت الحرب الأهلية اليمنية، في نهاية 2014، واعتبرت الأمم المتحدة الأزمة اليمنية أشد الأزمات الانسانية في العالم.

وتركت واشنطن، الرياض تدخل في حرب باليمن ضد الحوثيين بداية 2015 عرفت بـ"عاصفة الحزم"، فيما كانت تنفذ هي الأخرى، هجمات عسكرية على مواقع تنظيم القاعدة.

ومع تعرض مدمرة البحرية الأمريكية (ماسون) لهجوم عبر صواريخ "مبرمجة" في المياه الدولية بالبحر الأحمر، أبدى أوباما استعداد واشنطن لمزيد من العمليات العسكرية في اليمن.

أوكرانيا:

اندلعت التظاهرات في نوفمبر 2013، بعدما رفض الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش اتفاقية تؤمن المزيد من التقارب الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي لصالح التقارب مع روسيا، تلك كانت شرارة الأزمة في أوكرانيا البلد المتعدد الأعراق والأديان واللغات.

وفي 27 فبراير 2014 تدخلت روسيا عسكريًا في أوكرانيا، مما دعا أوباما لتوقيع عقوبات عليها بموجب المرسوم رقم 13600 الذي وقع عليه الرئيس الأمريكي في 6 مارس من العام 2014.

وفرضت واشنطن في 29 ديسمبر الماضي عقوبات جديدة على روسيا طالت بعض الشركات، والأجهزة الأمنية، وقيادة القوات المسلحة الروسية. بالإضافة إلى ذلك أعلنت السلطات الأمريكية 35 دبلوماسيا روسيا شخصيات غير مرغوب فيهم وذلك على خلفية مزاعم بشأن "التدخل الروسي" في انتخابات الرئاسة الأمريكية.

إلا أن ترامب أعرب عن نيته إبقاء العقوبات التي فرضتها إدارة أوباما ضد روسيا "لفترة معينة على الأقل"، حسبما نقلته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية الجمعة الماضية.

شرطي العالم:

وفي ظل استمرار النزاعات بعد رحيله، قلد البنتاجون باراك أوباما بميدالية وزارة الدفاع في 5 يناير الجاري، تكريما له على أدائه المتميز في مكافحة الإرهاب وردع روسيا وتعزيز علاقات الشراكة بين بلاده والدول الأخرى وتطوير القوات المسلحة.

"ليس من مهمة الولايات المتحدة أن تتحول إلى شرطي العالم"، لكن ما يحدث أن الدولة العظمى تدافع عن مصالحها، وأي إدارة تتولى الرئاسة مسئولة عن الدفاع عن تلك المصالح الأمريكية، حسبما يرى نافعة.

فيما تقول دكرس، "لن يرأف التاريخ بحقبة أوباما، وتعامله مع الأوضاع في سوريا، واليمن-على وجه الخصوص".