حقيقة العوار الدستوري لإسقاط عضوية "عكاشة".. هل ظلم البرلمان نائب نبروه؟
تقرير - عبدالله قدري :
وافق مجلس النواب مساء الأربعاء، على إسقاط عضوية توفيق عكاشة من البرلمان بعدما تخطت النسبة القانونية لتصويت الأعضاء بـ 398 صوتًا.
وكانت قائمة في حب مصر ( 120 ) نائبًا، قد تقدمت بطلب إلى رئيس مجلس النواب بإسقاط عضوية توفيق عكاشة من البرلمان، على إثر استضافته السفير الإسرائيلي حاييم كورين بمنزله.
وتنص المادة رقم 110 من دستور 2014 على أنه "لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية التي انتخب على أساسها، أو أخل بواجباتها. ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه".
بينما تنص المادة 345 من لائحة المجلس المعمول بها حتى إقرار اللائحة الجديدة أنه تسقط عضوية نائب البرلمان "إذا ثبت ارتكابه أحد الأفعال الآتية: (أولا) إهانة رئيس الجمهورية بالقول أو المساس بهيبته. (ثانيا) إهانة المجلس أو أحد أجهزته البرلمانية. (ثالثا) استخدام العنف داخل حرم المجلس ضد رئيس المجلس أو رئيس الحكومة أو أحد أعضائها أو أحد أعضاء المجلس". مما يظهر وجود تباين بين اللائحة والدستور.
عوار دستوري وقانوني
الدكتور رأفت عبدالنبي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنوفية، أكد أن المادة 110 من الدستور المتعلقة بفقد الثقة والاعتبار لا تنطبق على توفيق عكاشة، لأنه لم يخل بشيء مذكور في المادة 110، مشيرًا إلى أن فقد الثقة والاعتبار مرجعه المادة رقم 96 من الدستور، والتي تنص على "المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه. وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات. وتوفر الدولة الحماية للمجنى عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء، وفقاً للقانون".
وأضاف في تصريحات لمصراوي، أن مجلس النواب لم يوفر محاكمة قانونية عادلة لعكاشة، بل قام بتشكيل لجنة - ثورية - عقب استضافته السفير الإسرائيلي، وبالتالي فإن شرط الثقة والاعتبار لم يتحقق لعدم إثبات تهمة تسقط العضوية عن توفيق عكاشة.
وتابع أن ذلك يعني وجود عوار دستوري وقانوني بين الدستور واللائحة، وأن مجلس النواب به انحراف عن المسلك الصحيح، مؤكدًا أن إسقاط عضوية عكاشة ما هي إلا عملية كيدية وسوء نية من جانب المجلس تجاه العضو.
ولفت إلى أن رئيس المجلس لم يحقق النظام داخله وفقا للمادة 119 من الدستور التي تنص على "يختص مجلس النواب بالمحافظة على النظام داخله، ويتولى ذلك رئيس المجلس".
انتهاء أمر توفيق عكاشة
يقول عبدالنبي، أن إسقاط عضوية توفيق عكاشة لم تنته، وأن العضو لديه فرصة الطعن أمام محكمة النقض وفقًا للمادة رقم 107 من الدستور، الذي تنص على "تختص محكمة النقض بالفصل فى صحة عضوية أعضاء مجلس النواب، وتقدم إليها الطعون خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخاب، وتفصل فى الطعن خلال ستين يومًا من تاريخ الطلب".
وأضاف أن توفيق إذا تقدم بطعن على سقوط عضويته أمام محكمة النقض، فإن اللجنة العليا للانتخابات لن تستطيع إجراء انتخابات في دائرته نبروه وطلخا، إلا بعد الفصل في الطعن، وبالتالي فإن الدائرة ستظل شاغرة من بديل توفيق عكاشة خلال ستين يوم من تقديم الطعن أمام محكمة النقض.
ووفقًا للمادة (228) من الدستور "تتولى اللجنة العليا للانتخابات، ولجنة الانتخابات الرئاسية القائمتين فى تاريخ العمل بالدستور، الإشراف الكامل على أول انتخابات تشريعية، ورئاسية تالية للعمل به، وتؤول إلى الهيئة الوطنية للانتخابات فور تشكيلها أموال اللجنتين".
وبحسب الدستور فإن اللجنة العليا للانتخابات مختصة بعملية إعادة الانتخابات في دائرة عكاشة إذا ما تم الفصل في الطعن بتأييد إسقاط عضويته، وعلى توفيق عكاشة إخطار مجلس الشعب واللجنة العليا للانتخابات بالطعن على إسقاط عضويته، وهو ما يؤكده فؤاد عبدالنبي.
لا يجوز قانونًا
في السياق ذاته، قال الدكتور رأفت فودة استاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة، إن إسقاط العضوية عن توفيق عكاشة بسبب مقابلة السفير الإسرائيلي، لا يجوز من الناحية القانونية، مشيرًا إلى أن إسقاط العضوية لا بد أن يكون من خلال مخالفات جسيمة أو فقد لشروط العضوية.
وأضاف في تصريحات لمصراوي، أن مجلس النواب اعتبر أن مقابلة السفير الإسرائيلي مخالفة جسيمة، مؤكدًا أن الدستور والقانون يؤكد على إقامة الدولة علاقات دبلوماسية مع من تشاء، وبالتالي فإن الدولة أقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل، وبذلك فإن الدولة تعترف بإسرائيل.
الدولة تعترف بإسرائيل
وتابع أنه وفقًا للمعاهدات الدولية واتفاقيات جنيف، فإن أي دولة معترف بها، من حق السفير مقابلة سلطات الدولة، مثلما يفعل سفير مصر باسرائيل ويقابل المسؤولين هناك، لافتًا إلى أن رئيس الدولة وهو أعلى رأس في الدولة قابل السفير الإسرائيلي واعتمده بالقاهرة، وبذلك فمن حق أي مسؤول في الدولة مقابلة السفير.
وأشار إلى أن مجلس النواب اعتبر أن مقابلة السفير الإسرائيلي يُعد تطبيعًا، وبناء على ذلك فإن مجلس الشعب يخالف السلطة التنفيذية ويجعل من نفسه دولة أخرى, باعتباره أن ما حدث كان خيانة من جانب توفيق عكاشة.
واستطرد استاذ القانون العام بكلية الحقوق، اللائحة القديمة - لائحة مجلس النواب- وفقا لدستور 2014، لا تقوم إلا بقانون، وبناء عليه اللائحة فإن اللائحة لم تقر بقانون، والتالي فإن اللائحة سقطت والدستور أسمى من اللائحة، مؤكدًا أن دستور 2014 لا يسمح لقاعدة قانونيةأادنى من القانون أن تحكم المجلس، وبذلك فإن اللائحة غير قائمة وباطلة ولا يمكن الاعتداد بها لأنها ليست بقانون.
هل يحق الطعن
يختلف الدكتور رأفت فودة مع الدكتور رأفت عبدالنبي، فيقول فودة إنه لا يحق لتوفيق عكاشة الطعن على إسقاط عضويته، لأن إسقاط عضوية النائب حق حصري وسيادي للمجلس، مؤكدًا وجود فرق بين الطعن على صحة العضوية - كما تؤكد المادة 107 من الدستور - وإسقاط العضوية التي هي حق أصيل للمجلس لا ينبغي الطعن عليه، فهو حكم بات غير مردود، وبالتالي لا يحق لعكاشة الطعن على إسقاط العضوية.
هل تسقط مقابلة عضوية نائب؟
يقول الدكتور رمضان بطيخ استاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة عين شمس، إن مقابلة السفير الإسرائيلي لا تسقط العضوية من الناحية القانونية إطلاقًا، ولكن المجلس وهو صاحب القرار رأى أن تصرف عكاشة أسقطه الثقة والاعتبار وفقًا للمادة رقم 110 المتعلقة بفقد الثقة والاعتبار.
ويضيف في تصريح لمصراوي، أن المجلس أسقط عضوية عكاشة وفقًا للأقوال والأفعال التي تصدر منه، واعتبرها أنها مخلة بالشرف ومستفزة للرأي العام تقع تحت بند فقد الثقة والاعتبار.
وأوضح أن مصير دائرة عكاشة هي إجراء انتخابات خلال 60 يومًا على المقعد الشاغر بدائرته نبروه بعد إسقاط عضويته.
ويعتبر توفيق عكاشة هو أكثر أعضاء البرلمان حصولًا على الأصوات في مجلس النواب، إذ حصل على أكثر من 94 ألف صوت في انتخابات مجلس النواب عن دائرة نبروه وطلخا.
فيديو قد يعجبك: