الحكومة تستعين بشركة سويسرية لفحص "قمح الإرجوت".. فلماذا استغنت عن خبرائها؟
كتب - محمد قاسم:
قررت مصر الأسبوع الماضي التعاقد مع شركة "اس.جي.اس" السويسرية لفحص القمح المستورد قبل شحنه، وبذلك تحل الشركة محل لجنة الحجر الزراعي، الذين تولوا تلك المهمة لسنوات سابقة.
وأعلنت وزارة الزراعة أن هذا الاتجاه جاء بتوصية من مجلس الوزراء، وفق ما أكده حامد عبد الدايم، المتحدث باسم الوزارة، موضحًا أن "قرار مجلس الوزراء ينص على أن تتعاقد هيئة السلع التموينية مع الشركة بالأمر المباشر"، أي دون إجراء مناقصة.
وأضاف لمصراوي أن "الشركة ستحل محل لجنة الحجر الزراعي المكونة من 6 مسؤولين، بينهم 2 من قسم الحجر الصحي، التي كانت مكلفة في السابق بتولي فحص شحنات القمح المستوردة".
المصير المجهول
استغنت الحكومة بتعاقدها مع الشركة السويسرية، عن لجنة خبراء الحجر الزراعي التي كانت ترسلها لفحص الشحنات في بلد المنشأ والتي رفضت في وقت سابق للشحنات المصابة بفطر الإرجوت، وسط غموض حول "طبيعة عمل اللجنة الآن بعد أن حلت الشركة السويسرية مكانها" وفق ما قاله عبد الدايم.
وتعد الشركة السويسرية من أكبر شركات الفحص والتفتيش في العالم، وتمتلك فروعا في كل الدول تقريبا ولديها 4800 موظف على مستوى العالم.
لكن مسؤولًا سابقًا بإدارة الحجر الزراعي، أبدى استياؤه من الاستعانة بالشركة السويسرية والاستغناء عن إدارة الحجر الزراعي الذين يتمتعون بخبرة تتعدى 50 عاما في اعتماد المنتجات الزراعية التي تدخل البلاد وغير المضرة لصحة الانسان.
وانتقد المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه، عدم اعلان الحكومة تفاصيل التعاقد مع الشركة ودور الحجر الزراعي في فحص الشحنات، وكذلك عدم كشفها الجهة التي ستراجع الشحنات وراء الشركة.
وعدنا لسؤال المتحدث بإسم الزراعة مرة أخرى، فقال "الحكومة هيّ التي أوصت بالتعاقد مع الشركة السويسرية والتي ستقوم بالتنسيق معها الهيئة العامة للسلع التموينية".
وتولى اللواء محمد علي الشيخ، رئيس جهاز مشروعات الخدمة الوطنية سابقا، حقيبة وزارة التموين خلفا للوزير المستقيل خالد حنفي، بداية سبتمبر الماضي.
لماذا يتمسك التجار بالخبراء المصريين؟
وقال المهندس علاء عبد الكريم رئيس الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، إن قرار الاستعانة بشركة عالمية لفحص القمح قبل شحنه ليس بجديد، متابعًا: "قبل أن يتم إسناد مهمة فحص الشحنات إلى خبراء الحجر الزراعي كانت شركة عالمية تقوم بتلك المهمة وذلك منذ سنوات".
وأشاد عبد الكريم في تصريح خاص لـ"مصراوي"، بالخطوة التي اتخذتها الحكومة، مؤكدًا أن الاستعانة بشركة عالمية، تجنب مصر من شبهة الفساد والتلاعب في نسب فطر "الإرجوت" المصاب بها القمح المستورد الذي ربما يقع فيها الخبراء أمام مساومات بعض التجار.
وقالت وكالة "رويترز"، إن قرار عدم الاستعانة بالمفتشين الحكوميين تسبب في انزعاج التجار الذين قالوا إن موافقة خبراء الحجر الحكوميين على القمح قبل شحنه يخفض مخاطر رفض الشحنات لدى وصولها إلى مصر.
وأكد عبد الدايم، أن هيئة السلع التموينية هي التي ستقوم بتيسير العمل مع الشركة السويسرية، ودور الحجر الزراعي التابع للوزارة مجهول حتى الآن فيما يخص القمح المستورد.
واشتكى التجار من عدم توضيح الهيئة لكيفية فحص الشحنات، وقال أحدهم: "المناخ هنا سيء للغاية ولا يوجد شيء واضح" حسبما ذكرت رويترز.
جهة سيادية
وذهبت مصادر تحدث إليها "مصراوي"، إلى أن سبب قرار الحكومة بالاستعانة بالشركة العالمية، يرجع إلى سببين؛ الأول أن الحكومة تخشى تحمل خطأ ربما يقع فيه خبراء "الحجر الزراعي" في فحص شحنات القمح المصابة بقمح الإرجوت، موضحة أنه ربما يوافق فريق الخبراء على شحنة القمح في بلد المنشأ ويتم إعادة فحصها في مصر، ويتم اكتشاف خطأ في الفحص وتقع الحكومة في أزمة مع الشركة الموردة للقمح.
وفي يونيو الماضي ذكرت وزارة الزراعة الأمريكية في تقرير لها الإجراء المصري بإرسال وفد إلى الخارج، لتفتيش شحنات القمح، أمر لا تفعله البلدان المستوردة الأخرى، وفقاً لموقع وكالة "بلوم برج". وقال التقرير الأمريكي إن لوائح استيراد الغذاء المعقدة في مصر، والتي لا داعى لها، كبدت مصر خسائر بقيمة 860 مليون دولار، كتكاليف مباشرة، وخسارة عائدات التصدير خلال العام الجاري.
وأضافت المصادر، أن السبب الثاني هو أن الشركة السويسرية تعد الأشهر على مستوى العالم، وتملك أفضل الخبرات في عمليات الفحص ومنح شهادات الضمان والجود، وتُسهل الأمر على الحكومة المصرية حيث تقوم الشركة بتسليم شحنات القمح طبقا للمواصفات القياسية المصرية لعام 2010، ونسبة 0.05 % من فطر الإرجوت المتفق عليها إلى الموانئ المصرية، فضلًا عن إزالة عاتق التكاليف الباهظة التي تغطيها الحكومة للخبراء.
ورجح مصدر، اسناد الحكومة استلام الشحنات من الشركة السويسرية العالمية وفحصها قبل دخولها إلى الموانئ المصرية إلى جهة سيادية لكنه استدرك قائلا: "أهم حاجة منع دخول أية شحنات تزيد نسبتها عن المواصفات التي أقرتها مصر فبالتالي لا قلق من الجهة السيادية طالما تؤدي الغرض المطلوب حيث مشهود لها بضبط الأزمات والوطنية" .
وقد يسبب فطر "الإرجوت" هلوسات عند استهلاكه بكميات كبيرة لكنه يعد غير ضار في الكميات الضئيلة.
تتغير تشريعات الحجر
وقال عبد الدايم، إن الوزارة بصدد تعديل كافة قواعد تنظيم عملية استيراد القمح لتلائم المواصفات الجديدة التي تتضمن نسبة لا تزيد عن 0.05% من فطر الأرجوت.
وطبقا للمادة الأولى من قانون الحجر الصحي رقم 3007 لسنة 2001 "شحنات القمح المصاب بفطر "الأرجوت" غير مسموح بدخولها والمدرجة بجدول واحد لخطورتها على الصحة العامة والزراعة المصرية".
وتعد مصر، أكبر مشتر للقمح في العالم، ودخلت في مواجهة مع التجار هذا العام بعدما فرضت حظراً على الشحنات التي تحتوى على الإرجوت مرتين، ثم تراجعت والتزمت بالمعايير الدولية، التي تسمح بأن تحتوى شحنات القمح المستورد على 0.05% من الفطر.
فيديو قد يعجبك: