"الرباعية الدولية".. عندما تكون سياسية "الجري في المكان" بديلًا للصراع الميداني
كتبت- ندى الخولي:
خلصت اجتماعات اللجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط بمقر الأمم المتحدة، في نيويورك، نهاية سبتمبر الماضي، إلى التأكيد على أهمية التنسيق المستمر لجميع الجهود من أجل تحقيق الهدف المشترك المتمثل في وجود دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام.
ودعت اللجنة جميع الأطراف لتنفيذ توصيات تقرير اللجنة الصادر في الأول من يوليو الماضي، بعدما أعربت عن قلقها إزاء الأعمال الأخيرة التي تتعارض مع توصياتها.
التوصيات نفسها تقريبا، توصلت لها اللجنة الوزارية الرباعية العربية المعنية بالتحرك لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية، خلال اجتماعاتها أمس الأول، الاثنين، أوصى خلالها المشاركون بطرح تقرير مفصل حول نتائج تلك المشاورات على اللجنة في نهاية أكتوبر الجاري ليتسنى اتخاذ القرار الملائم في هذا الصدد.
بالمزيد من الاجتماعات، والكثير من التنسيق، تسير أعمال اللجان المختصة ببحث ودراسة مشكلة الشرق الأوسط، "المرهونة اجتماعاتها بتحقيق قراراتها على أرض الواقع والأخذ بتوصياتها"، بحسب الخبير السياسي الفلسطيني، أسامة شعث.
وقال شعث بشأن جدوى تلك الاجتماعات، إنها "اجتماعات تحضيرية وتمهيدية لتقديم مشروع قرار لمجلس الأمن بهدف وقف الاستيطان في الأراضي المحتلة".
وأشار شعث إلى أن اجتماعات اللجنة مدعومة من الجامعة العربية وتعتمد في كافة خطواتها على التنسيق الكامل مع القيادة الفلسطينية والمجموعة العربية في نيويورك.
وأوضح الخبير السياسي الفلسطيني، أن مهمة الرباعية العربية يكمن في تكثيف الجهود مع الدول الكبرى والمؤثرة بالنظام الدولي لجعل عام 2017 "عام انهاء الاحتلال"، وفقا لما طالب به الرئيس الفلسطيني، أبو مازن في خطابه أمام الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي.
اللجنة الوزارية الرباعية العربية "مصر، والسعودية، والإمارات، والأردن"، تم تشكيلها بقرار قمة شرم الشيخ في مارس 2015، وتترأسها مصر وتضم في عضويتها وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، ووزير الدولة للشئون الخارجية الأردني بشر الخصاونة، وأحمد التازي مدير إدارة الشئون العربية بوزارة الخارجية المغربية، بالإضافة إلى الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط.
فيما أنشأت اللجنة الرباعية الدولية، في 2002 باقتراح من رئيس الوزراء الإسباني خوسيه ماريا، مع تصاعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وبعد نحو عامين من اندلاع انتفاضة الأقصى.
اللجنة الدولية مكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا، مهمتها المساعدة في التوسط في مفاوضات السلام بالشرق الأوسط، ودعم التنمية الاقتصادية الفلسطينية، وبناء المؤسسات استعدادا لإقامة الدولة في نهاية المطاف.
وتجتمع اللجنة بانتظام على مستوى المسؤولين وتضم "أمين عام الأمم المتحدة، وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، وزير خارجية روسيا، والممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية" والمبعوثين الخاصين للرباعية، ويتألف مكتب ممثل الرباعية من فريق من المستشارين مقرهم في القدس، ومكلفين بإعداد وتنفيذ أجندة التنمية لممثل اللجنة الرباعية.
على الرغم من أن دور اللجنة هو حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، إلا أن تحالف قوى المقاومة الفلسطينية، يرى أن "هذه الوثيقة تحمل أبعاداً سياسية واستراتيجية في طريقة وآلية التعامل مع الفلسطينيين وفصائلهم رسمياً وشعبيا".
إذ عبر التحالف عن رأيه من خلال قراءة في وثيقة اللجنة الرباعية العربية، نشرها عبر موقعه الرسمي، وقال: "في كل نصوص وبنود الوثيقة، لم يرد لفظ المقاومة الفلسطينية، ولم يرد أي اصطلاح يعكس مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال، غير أن الوثيقة حصرت وكثفت النضال الفلسطيني (باللجوء إلى كافة المحافل والمؤسسات الدولية وعلى رأسها المحكمة الجنائية لملاحقة “اسرائيل” ومحاكمتها على جرائمها) ودعت إلى عدم الربط بين هذا التوجه وأي مفاوضات سياسية مع اسرائيل".
تحالف قوى المقاومة الفلسطينية، هو تحالف سياسي بين مجموعة الفصائل الفلسطينية المقاومة والرافضة لمشاريع التسوية (أوسلو) وكل ما نتج عنها ويضم، حركة الجهاد الإسلامي، وكتائب القسّام، وجبهة النّضال الشّعبي الفلسطيني، والجبهة الشّعبيّة لتحرير فلسطين – القيادة العامة، وحركة التّحرير الوطني الفلسطيني – فتح الانتفاضة، وطلائع حرب التّحرير الشّعبيّة – قوات الصّاعقة، والحزب الشّيوعي الفلسطيني، وجبهة التّحرير الفلسطينية.
من جانبه يرى الباحث بوحدة الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، محمد جمعة، أن الأطراف الدولية والإقليمية تفضل "سياسيات الجري في المكان، عن استمرار الصراع الميداني في الأراضي المحتلة".
وقال جمعة: "اللجنة الرباعية الدولية هي واحدة من محاولات القوى الدولية والإقليمية لملئ الفراغ السياسي في ظل استنكاف الإدارة الأمريكية في الوساطة بين طرفي الصراع".
ولم يتوقع جمعة أن تحرز اجتماعات أكتوبر الجاري نتائج تختلف عن اجتماعات مؤتمر باريس "المخيبة للآمال" والتي بدأت بسقف طموح عالي، وأفكار حاولت علاج الأسباب التي أدت للوصول لطاولة المفاوضات، وانتهت بدوامة جديدة من المفاوضات دون أن تنجز شيئا، نتيجة للرفض الإسرائيلي والضغوط الأمريكية.
ورأى الباحث في الشأن الفلسطيني / الإسرائيلي، أن استمرار محاولات ملئ الفراغ السياسي تأتي من منطلق أنه "لا ينبغِ ترك الطرف الإسرائيلي يستغل الموقف في المزيد من عمليات الاستيطان، وأنه لا يوجد خيارات حقيقية لدى الطرف الفلسطيني، فضلا عن أن الاشتباك السياسي أفضل من استغلال الفراغ في الصراع الميداني الذي قد يخدم إسرائيل لا فلسطين".
ولأن "السياسة بحكم التعريف هي فن إيجاد أفضل البدائل في إطار الممكن"، أشار جمعة إلى أن اللحظة الراهنة في ظل خلاف الرئيس الفلسطيني، المفتوح مع حركة حماس التي لن تسلم ما بيدها في غزة؛ تدفع القاهرة لإنقاذ عمليات التسوية.
وكانت آخر جولة من المحادثات المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين في أبريل 2014، أقيمت في باريس، شهدت أجواء مشحونة.
حيث شهدت القاهرة، في أبريل ٢٠١٤، جولة مباحثات عربية حول المبادرة الفرنسية المطروحة لعقد مؤتمر سلام بين فلسطين وإسرائيل، بحضور بيير فيمون، المبعوث الفرنسي الخاص للمبادرة الفرنسية، لعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، ووزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي.
وكان وزير الخارجية الفرنسي السابق لوران فابيوس، أعلن في وقت سابق، أن بلاده ستتبنى مبادرة لعقد مؤتمر دولي، لاستئناف مفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية، محذراً من أنه في حال عرقلة بدء المفاوضات فإنه من الممكن لباريس الاعتراف رسميا بدولة فلسطين.
وتوقفت المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، في أبريل 2014، بعد رفض إسرائيل وقف الاستيطان، وقبول حدود 1967 كأساس للمفاوضات، والإفراج عن معتقلين قدماء في سجونها.
فيديو قد يعجبك: