بعد جامعة القاهرة ونقابة المهندسين.. هل تُحذف خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي؟
كتبت- نورا ممدوح وأحمد سيد:
في الحادي والثلاثين من مايو 2016، اقترح البرلماني علاء عبد المنعم، المتحدث الرسمي لائتلاف "دعم مصر"، عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان، إعداد مشروع قانون متكامل للمواطنة وعدم التمييز، يتضمن عدة بنود من بينها إلغاء الديانة من الرقم القومي، لإلغاء التمييز، وذلك في ظل عدة محاولات لترسيخ المواطنة وحرية العقيدة في المجتمع المصري.
وتنص المادة 53 من دستور 2014 على أن "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء..".
ونصّت المادة رقم 3 من مشروع القانون والخاصة بإلغاء خانة الديانة من البطاقة: "تُلغى خانة الديانة في بطاقة الرقم القومي وكافة الوثائق والمستندات الرسمية ولا يجوز إجبار أي مواطن على الافصاح عن ديانته إلا إذا كان ذلك ضروريًا لترتيب مركز قانوني كالميراث والزواج".
مشروع قرار إلغاء خانة الديانة من بطاقة الهوية المصرية، أثار جدلًا واسعًا بين الترحيب والرفض والتحفظ، وكان أول من طبق هذه المقترح هو الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة، والذي قرر إلغاء خانة الديانة من كافة الشهادات والمستندات والأوراق التي تصدر عن الجامعة.
نقابة المهندسين، في هذا القرار حيث يقول محمد خضر أمين عام نقابة المهندسين في تصريح لـ"مصراوي" إن قرار النقابة بإلغاء خانة الديانة من الأوراق الرسمية في تعاملات النقابة، يرجع إلى المساواة بين جميع المواطنين، وألا يكون بينهم أي تفرقة، مؤكدًا أن ذلك لترسيخ مبدأ المواطنة بشكل صحيح وعدم التمييز بينهم، مشيرًا إلى أن شرط الديانة كان متواجد في بعض الشهادات الصادرة من النقابة، وكان لابد أن يتم ذكره، ولكن الآن تم إلغاء هذا الشرط.
ويرصد "مصراوي" بعض الآراء الحقوقية والقانونية والدينية حول إمكانية تطبيق هذا القرار في كافة مؤسسات الدولة، وصولًا إلى تطبيقه في بطاقة الرقم القومي.
- استغلال من الجانبين:
نجيب جبرائيل، رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، يقول إن خانة الديانة تتسبب في مشكلات كثيرة في أجهزة الدولة، مثل التعليم أوالحكم المحلي أو الوزارات المختلفة، مشيرًا إلى أن أحيانا ما يكون هناك استغلال لنقطة الديانة من قبل الجانبين المسلم والمسيحي لإحداث الفتنة، قائلا: "على سبيل المثال أحد المطاعم الشهيرة في شبرا أعلن عن وظائف ورفض قبول أقباط، وفي الجانب الآخر نجد أن صاحب عقار مسيحي يرفض تسكين المسلمين".
وردًا على المخاوف من أن يؤدي ذلك إلى أن شاب مسيحي يتزوج مسلمة، يؤكد جبرائيل أن ذلك اعتقاد خاطئ لأن في الدين المسيحي فإن الشاب المسيحي عندما يتزوج لابد وأن يأتي بشهادة من الكنيسة أنه مسيحي ولم يسبق له الزواج وبالتالي لا يوجد مبرر للخوف من هذا الموضوع.
وفيما يخص مشكلة الميراث، يوضح أنه لا داعي للخوف من التسبب في أزمة في هذه النقطة لأن المسلمين والمسيحين قانونهما واحد وهو "للذكر مثل حظ الأنثيين"، منتقدًا الهجوم الكبير الذي تعرض له هذا القرار من قبل وزير التعليم العالى والأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية.
ويشدد جبرائيل، على أن هذا الإجراء متفق تمامًا مع الدستور، حيث تنص المادة 53 من الدستور "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض".
ويتابع رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان: "اعتقد أن كثير من الأجهزة الإدارية بالدولة ستحزوا نفس طريقي الجامعة والنقابة، ولكن لا أظن أن تصل إلى الإلغاء من الرقم القومي الآن لأن ذلك معقد، ولكن يمكن تطبيق ذلك في المستقبل عندما تنتشر ثقافة ذلك الإجراء في مصر.
- مخاوف تطبيق القانون:
في حين يبدي الدكتور سيف رجب قزام، عميد كلية الشريعة بجامعة الأزهر، اعتراضه على قرار الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، بإلغاء خانة الديانة من كافة المستندات الرسمية، وأيضًا من بطاقة الرقم القومي، لافتا إلى أن قرار إلغاءها لن يكون حلا للأزمة الطائفية، موضحًا أن المواطن المصري حريص على أن تكون ديانته موجودة على الرقم القومي، خاصة أن الشعب متدين بشكل كبير ويحتفى بديانته.
ويضيف "هناك الكثير من المصالح الحكومية يتطلب معها إظهار نوع الديانة، مثلها في ذلك مثل إظهار نوع الجنس والجنسية، وهذا للتعريف بشخصية المواطن"، مؤكدًا أنه يجوز زواج المسلم من قبطية ولا يجوز العكس، ما يؤكد أهمية وجود خانة الديانة في البطاقة حتى يتم التأكد من هذا، مشيرًا إلى أن هناك ضروريات اقتصادية واجتماعية لوجود خانة الديانة في البطاقة.
عميد كلية الشريعة، يوضح أن وضع الديانة في البطاقة الشخصية سيساعد على كشف الديانات الأخرى غير السماوية، وحماية المجتمع من علاقة المصاهرات المخالفة، مؤكدًا على أنها منفذ لنشر العقيدة البهائية الهدامة المخالفة للديانات القومية، وبالتالي سيصعب رصد معتنقي هذه العقيدة قبل الزواج.
- مخالفة للدستور:
في حين يرى ناصر أمين، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن وجود خانة الديانة في الأوراق الرسمية الثبوتية هو إجراء يمثل مخالفة للدستور ويعد تميز على أساس الدين غير مقبول، وعلى الدولة أن تحترم وتلتزم الدستور وتقر إلغاء الديانة من أي أوراق ثبوتية، مؤكدًا أن القرار الذي اتخذته الجامعة والنقابة صحيح ومتوافق مع الدستور.
عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، يوضح أن البيانات الشخصية اللصيقة بالإنسان مثل الديانة التي لا تجوز أن تكون ظاهرة على العلن، يمكن أن تكون ضمن البيانات الخاصة غير المعلنة ضمن محتويات الرقم القومي للمواطن ويمكن العودة اليها إذا اقتضي الأمر، وتكون ضمن أوراق خاصة جدًا في قاعدة البيانات الحكومية.
ويشير أمين، إلى أن رفض هذه الفكرة يعتبر أمر شائع في الدولة، لأنها لا تُقبل على اتخاذ هذه الخطوات رغم أن المجتمع المدني ينادي بها منذ سنوات عديدة، وهناك مخالفات كثيرة في الأحكام الدستورية واتصور أن المشرع والسلطة التنفيذية في حاجة إلى الاطلاع على الدستور وقراءته والعمل على احترام وتطبيق الدستور.
- تعريف بالإنسان:
"جزء من اسم الإنسان" يصف بها الدكتور أسامة العبد، رئيس اللجنة الدينية بالبرلمان، خانة الديانة في الأوراق، موضحاً أن الاسم إن كان محمد أو جرجس فهو يوضح ديانة المواطن لذلك فإن خانة الديانة جزء مكمل لإسم الإنسان.
ويؤكد العبد، "العلاقة بيننا وبين اخواتنا المسيحين أسمى من أن تُختذل في خانة ديانة ولسنا في حاجة لتطبيق ذلك"، مضيفا أنه عندما يتم حذف الديانة لن يفيد صاحب المصلحة في شئ ولا يؤثر فيها.
ويضيف رئيس لجنة الشئون الدينية بالبرلمان " ليس هذا وقته، لأننا لا نحتاج إلى فتن ونحن في حاجة إلى دعم البلد والعمل من أجل ازدهار الاقتصاد وتقدم البلاد، وأرى أن نشغل انفسنا بالخروج من عنق الزجاجة الآن والاهتمام بتقدم البلاد واقتصادها وحمايتها من الأعداء المحيطين بها من الداخل والخارج".
وتعقيباً على الرأي القائل بأن هذا يعتبر تمييز، يقول "من الممكن أن نعاقب كمسئولين من يمارس التمييز في التعامل على أساس الدين، ولكن ليس بحذف خانة الديانة نهائيًا من التعاملات لأنها جزء من التعريف بالإنسان"
- قضية سطحية:
"طرح مشروع كهذا إعادة لما سبق طرحه من قبل ولم يجد صدى من جانب الحكومة أو الرأى العام"، يقولها نبيل الجمل، وكيل اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب الذي أكد أن هناك قضايا أخرى يجب مناقشتها لأن القضية من القضايا الشكلية والسطحية، ويجب التركيز على الأساسيات وليس الفرعيات.
ويضيف "الجمل"، أن اقتراح إعداد مشروع قانون متكامل للمواطنة وعدم التمييز، والتي يضمن إلغاء الديانة من الرقم القومي، لاقي عدم اهتمام، وانه حتى الآن لم يتم مناقشته بشكل رسمي، لأنه يجب علينا أن نتقدم بالبلد بمناقشة القضايا الهامة مثل التعليم والغلاء والبطالة.
فيديو قد يعجبك: